كالوم ويلسون.. رحلة نحو المونديال كادت أن تتعطل في مهدها
تألق مُلفت مع نيوكاسل يونايتد وسجل تهديفي مميز برصيد 6 أهداف على مدار 10 مشاركات ظهر بها في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم.
هكذا تبدو الصورة الأخيرة المتوهجة لمسيرة كالوم ويلسون، الذي حجز مقعده في قائمة منتخب إنجلترا المشاركة في بطولة كأس العالم 2022.
ولكن مسيرة ويلسون انطلقت من رحم معاناة حقيقية، وهو ما تستعرضه "العين الرياضية" في السطور التالية.
حمل ثقيل
"كانت والدتي دائمًا مُحملة بالمسؤوليات.. لا يمكنني أن أطلب منها أن تصطحبني إلى التدريبات"، هكذا صرح ويلسون من قبل عن معاناة والدته وأسرته.
مع وجود 5 إخوة وأخوات آخرين، نشأ "كالوم" في مدينة كوفينتري وسط أسرة رحل عنها الأب ذو الأصول الجامايكية، لتصبح مجبرة على إيجاد منافذ تكفي للعيش.
وفي سن صغيرة، وجد هذا الطفل كرة القدم ملاذًا للسعي نحو حياة أفضل، فنجح في اختبارات أكاديمية نادي كوفينتري سيتي.
استعان ويلسون في بداية الأمر بجيرانه وأقربائه لإيصاله للتدريب في ظل انشغال والدته، على عكس أقرانه الذين دائمًا ما شاهدهم يصلون إلى التدريبات رفقة أحد أبويهم.
شعر "كالوم" الصغير بثقل الأمر على هؤلاء، فقرر أن يمتنع عن التدريبات، وأن يكتفي بالمشاركة في مباريات دوري الهواة التي تُقام في انجلترا كل يوم أحد.
بعد فترة، أدرك أن ذلك ليس بالقرار الصائب لتحقيق حلمه كلاعب كرة قدم كبير قد يجني الكثير من الأموال التي تُحسن من وضع عائلته، فقرر أن يحاول مرة أخرى.
وعن تلك الفترة قال: "ذهبت للمحاولة مرة أخرى ولكن لم يعجبني الأمر، فعدت لدوري الهواة".
بعمر الـ12، سنحت فرصة ثالثة، وعادة ما تكون الأخيرة، لـ "كالوم" لكي يلتحق بفريق الناشئين بنادي كوفنتري سيتي.
في هذه المرة، كانت العقلية مختلفة لدى الفتى الصغير. إنه يعلم ما يريده جيدًا في مسيرته، وقد قرر البقاء في هذه المرة.
نقطة التحول
بعمر الـ16 عامًا، تم تصعيد ويلسون للفريق الأول بنادي كوفينتري سيتي، والذي ينافس في مسابقة الـ"تشامبيونشيب" آنذاك، مع علامات تدل على إمكانية حدوث تطور تصاعدي في مسيرته.
في 2011، حصل ويلسون على إعارة لنادي "كاترينج تاون" المنافس في إحدى الدرجات خارج إطار هرم مسابقات المحترفين، حيث شارك صاحب الـ18 عامًا آنذاك في 17 مباراة مُسجلًا هدف واحد على مدار 4 أشهر.
حصل ويسلون على فرصة إعارة لناد آخر بنفس الدرجة وهو "تاموورث"، شارك في أول مبارتين وسجل هدفا واحدا، وفي المباراة الثالثة تعرضت قدمه للكسر.
عاد ويلسون لنادي كوفينتري سيتي في موسم 2012-2013، ولم يكن خيارًا أساسيًا حيث شارك في 12 مباراة وسجل هدفًا وحيدًا.
وفي الوقت الذي كان فيه على مقربة من تلقي الاستغناء من نادي طفولته "كوفينتري سيتي" الذي هبط للدرجة الأولى، جاء المدير الفني ستيفن بريسلي في الموسم التالي، ليمنح ساوثجيت هدية لم يستقبلها إلا بعد 5 سنوات.
موسم 2013-2014 كان رائعًا لويلسون، وكان بداية لمسيرة تمتد حتى اليوم بنفس الوتيرة، رغم بعض العقبات الصعبة.
بمرور أول 11 جولة في دوري الدرجة الأولى، كان ويلسون قد سجل 10 أهداف، واختتم الموسم بتسجيل 21 هدفًا خلال 37 مباراة.
عانى كوفينتري سيتي من الأزمات المادية وعدم القدرة على الالتزام بمستحقات لاعبيه، فتلقى النادي عقوبة بخصم 10 نقاط من رصيده في الدوري، ولكن ذلك لم يمنع ويلسون من التألق.
ولكن بالنظر لهذه الظروف، توجب على ويلسون البحث عن رحلة جديدة تناسب مع ما وصل إليه من إمكانيات.
أقدام منتهية
ثقة "إيدي هاو" مدرب نيوكاسل حاليا بقدرات كالوم ويلسون، ليست وليدة هذه الفترة، فالمدير الفني البريطاني هو من منح ويلسون الفرصة للعب على صعيد أكبر، حين استقطبه إلى بورنموث في موسم 2014-2015 مقابل ما يقارب الـ3 ملايين جنيه استرليني.
20 هدفًا في 45 مباراة بدوري الـ"تشامبيونشيب" كانوا بمثابة مساهمة كافية من ويلسون في رحلة صعود الفريق الأحمر نحو الدوري الإنجليزي الممتاز، لتتحول مسيرة "ويلسون" من فتى كاد أن تضطرب رحلته بسبب الإصابات، إلى واحد من مهاجمي البريميرليج الأساسيين.
لم يكن هناك حاجة لوقت طويل ليثبت ابن "كوفينتري" إمكانياته التهديفية وسط العمالقة، فساهم بـ"هاتريك" في ظهوره الأول في المسابقة في انتصار لفريقه الصاعد حديثًا على حساب وست هام يونايتد بنتيجة 4-3، في افتتاحية موسم 2015-2016.
وبسيناريو صادم، تلقى ويلسون إصابة بقطع في الرباط الصليبي لركبته اليمنى في مباراة ضد ستوك سيتي في الأسابيع الأولى من موسم 2015-2016، ليغيب لمدة 6 أشهر تالية.
عاد ويلسون في إبريل/ نيسان 2016، وأسهم بتسجيل 6 أهداف في 20 مباراة بالدوري الممتاز خلال موسم 2016-2017، لكنه تعرض لقطع مرة أخرى في الرباط الصليبي لقدمه الثانية، ليغيب لـ6 أشهر أخرى.
إصابة واحدة من تلك النوعية قد تدمر مسيرة بعض اللاعبين، ولكن أن تتجاوز إصابتين في كلتا القدمين وتعود أقوى مما كنت عليه، فتلك عقلية خاصة حظي بها ويلسون.
بهدوء أكبر وبنظام غذائي وطبي أكثر نظامًا، لم يتعجل ويلسون عودته إلى الملاعب، وفي موسم 2018-2019، حظي بأفضل أرقامه التهديفية في البريميرليج، حيث سجل 14 هدفًا خلال 30 مباراة.
في 2018، أراد جاريث ساوثجيت بعد أن حلت انجلترا في المركز الرابع بالمونديال، أن يمنح الفرصة لبعض الأسماء الجديدة، وكان من بينها كالوم ويسلون.
سجل هداف بورنموث السابق هدفه الدولي الأول في شباك الولايات المتحدة في مباراة انتصر فيها الإنجليز بثلاثية نظيفة، في ليلة شهدت اختتام واين روني لمسيرته الدولية.
وتكمن المفارقة في أن إنجلترا ستواجه الولايات المتحدة في مونديال قطر 2022.
حصل ويلسون على 3 فرص إضافية للمشاركة دوليًا، ولكنه خرج من حسابات ساوثجيت بعد آخر مشاركة له في 14 أكتوبر/ تشرين الأول 2019.
هبط بورنموث من البريميرليج ورحل إيدي هاو، ولكن شاءت الأقدار أن يجتمعا من جديد في بيئة أفضل.
وجد ويلسون طريقه إلى نيوكاسل يونايتد أولًا، حيث تشبث بفرصة البقاء في الدوري الممتاز، ولحق به مدربه بعد انتقال ملكية نيوكاسل يونايتد إلى مجموعة استثمارية جديدة وبطموحات أكبر.
يشيد هاو بمهاجمه قبل إحدى مباريات نيوكاسل خلال الموسم الماضي أمام ليستر سيتي، قائلا: "إنه أكثر تركيزًا الآن.. صفاته القيادية أصبحت أكثر نضجًا، إنه فرد مهم في المجموعة".
وأضاف: "إنه يركز الآن على المجموعة المحيطة ككل.. يحاول تحفيز الجميع لإخراج أفضل ما لديهم، عوضًا عن التركيز على نفسه فقط".
الآن، نيوكاسل يونايتد ثالثًا في الدوري بأداء استثنائي، وويلسون يصنع موسمًا رائعًا رفقة مدربه، وقد أجبر ساوثجيت من جديد على ضمه في الطائرة الإنجليزية التي تتجه إلى قطر بعد أيام.
aXA6IDE4LjExNy4yMzIuMjE1IA== جزيرة ام اند امز