من "كامب ديفيد" إلى جدة.. 4 قمم خليجية أمريكية
تعد قمة جدة المنتظرة اليوم السبت، بين الرئيس الأمريكي، جو بايدن، وقادة دول الخليج الست، بمشاركة 3 دول عربية، رابع قمة خليجية أمريكية.
ويشارك بايدن، في قمة جدة "العربية الأمريكية"، في أول زيارة رسمية له لمنطقة الشرق الأوسط منذ توليه الرئاسة في 20 يناير/كانون الثاني 2021.
ومنذ نشأة مجلس التعاون الخليجي عام 1981، تم عقد 3 قمم خليجية أمريكية الأولى في منتجع كامب ديفيد الأمريكي في 14 مايو/أيار 2015، والثانية والثالثة بالعاصمة السعودية الرياض في 21 أبريل/نيسان 2016، و21 مايو/أيار 2017.
وعقدت جميع تلك القمم في ظل إدراك مشترك بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، لأهمية العمل معا من أجل مواجهة التحديات والمخاطر والتهديدات المشتركة والالتزام المشترك بضرورة العمل سويا من أجل تعزيز الأمن والسلم في المنطقة والعالم.
أجندات القمم
وتصدرت ملفات التصدي للإرهاب والتدخلات الإيرانية وتعزيز العلاقات الخليجية الأمريكية أجندات القمم الخليجية الأمريكية الثلاث الماضية.
الملفات نفسها ستكون حاضرة على أجندة القمة المرتقبة، مع إضافة العديد من الملفات المرتبطة بالتحديات الدولية الجديدة وعلى رأسها الحرب الأوكرانية الروسية، وما نتج عنها من تداعيات على أمن الطاقة والأمن الغذائي والأمن الإقليمي والدولي.
أيضا، من المنتظر أن يكون من أبرز الملفات المطروحة، بحث توسيع نطاق السلام في المنطقة، ومحاولة البناء على نجاح الاتفاقيات الإبراهيمية للسلام في حلحلة الجمود الذي تشهده المفاوضات حول القضية الفلسطينية المتوقفة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني منذ أبريل/ نيسان 2014.
ويرى مراقبون أن المطلوب من بايدن هو تقديم مبادرة عملية لتسوية عادلة للقضية الفلسطينية، تستند على حل الدولتين، يتيح نجاحها تطبيق رؤيته في لمّ شمل دول المنطقة ككل في منظومة سلام وتعاون إقليميين.
ويشارك في قمة جدة التي دعا إليها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، إلى جانب الرئيس الأمريكي، قادة دول مجلس التعاون الخليجي الست، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، الأمر الذي يجعل تلك القمة أوسع نطاقا وأكثر أهمية من القمم السابقة، في ضوء اتساع نظاق المشاركين وزيادة حجم التحديات.
وعقدت القمة الخليجية الأمريكية الأولى في كامب ديفيد، في وقت كانت تتفاوض فيه "مجموعة 5 + 1" (الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بالإضافة إلى ألمانيا) وإيران بشأن برنامجها النووي، وهو ما أسفر عن توقيع الاتفاق النووي في يوليو/ تموز من العام نفسه.
فيما تعقد قمة جدة هذه الأيام في وقت تواصل فيه القوى الكبرى مفاوضاتها مع إيران لإحياء الاتفاق النووي بعد انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب منه في مايو/أيار 2018، بينما تمضي طهران قدما في برنامجها لتخصيب اليورانيوم.
ويرى مراقبون أن المطلوب من بايدن، تقديم ضمانات قوية وطمأنة متعلقة بسلمية البرنامج النووي الإيراني وخارطة طريق لاحتواء التهديدات الإيرانية، بالتوازي مع سعيه لإعادة إنتاج الاتفاق النووي، الذي سمح إبرامه، بتغول إيران ومدّ أذرعها في المنطقة، ثم أتاح لها إيقافه استئناف أنشطتها النووية والاقتراب جدا من امتلاك قنبلة نووية.
وفي التقرير التالي تستعرض "العين الإخبارية" القمم الخليجية الأمريكية وأبرز ما نتج عنها، الأمر الذي يكشف استمرار التحديات والأزمات القائمة منذ أول قمة وحتى اليوم بل وزيادتها، ما يستلزم ضرورة وجود مقاربة أمريكية جديدة لمعالجة مختلف الأزمات القائمة، وعلى رأسها التدخلات الإيرانية، والقضية الفلسطينية.
قمة كامب ديفيد 14 مايو/ أيار 2015
تعد القمة التي عقت في منتجع كامب ديفيد الأمريكي في 14 مايو/أيار 2015، أول قمة خليجية أمريكية، وشارك فيها الرئيس الأمريكي الأسبق، باراك أوباما وقادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وصدر في ختام القمة بيان أكد خلاله القادة المشاركون "على التزامهم المشترك حيال شراكة استراتيجية بين الولايات المتحدة ومجلس التعاون لبناء علاقات أوثق في كافة المجالات بما فيها التعاون في المجالين الدفاعي والأمني ووضع حلول جماعية للقضايا الإقليمية وذلك لتعزيز اهتمامهم المشترك في الاستقرار والازدهار".
وأوضح البيان أن "الولايات المتحدة على استعداد للعمل سويا مع دول مجلس التعاون لردع أي تهديد خارجي يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة لسلامة أراضي أي من دول مجلس التعاون وفي حال وقوع مثل هذا العدوان أو التهديد به، فإن الولايات المتحدة على استعداد للعمل على وجه السرعة مع شركائها في مجلس التعاون لتحديد الإجراء المناسب الواجب اتخاذه باستخدام كافة السبل المتاحة بما في ذلك إمكانية استخدام القوة العسكرية للدفاع عن شركائها في مجلس التعاون".
وأكد أن الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون تعارض أي أنشطة إيرانية تزعزع الاستقرار في المنطقة، وستعمل معا للتصدي لها.. وتشدد على ضرورة أن تتعاون إيران في المنطقة وفقا لمبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام سلامة الأراضي بما يتفق مع القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وضرورة أن تقوم إيران باتخاذ خطوات فعلية وعملية لبناء الثقة وحل النزاعات مع جيرانها بالطرق السلمية".
وأكدت دول مجلس التعاون والولايات المتحدة بقوة، حينها، على ضرورة تسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس اتفاق سلام عادل وشامل ودائم يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة وموحدة تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل في أمن وسلام".
ولتحقيق ذلك الهدف، شددت الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون على أهمية مبادرة السلام العربية لعام 2002 والحاجة الماسة لأن يٌظهر طرفا الصراع من خلال سياساتهما وأفعالهما تقدما حقيقيا لحل الدولتين.
قمة الرياض 21 أبريل/ نيسان 2016
أما القمة الخليجية الأمريكية الثانية فعقدت في 21 أبريل/نيسان 2016 في قصر الدرعية بالرياض بناء على دعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لإعادة التأكيد على الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين الهادفة الى تحقيق الاستقرار والأمن والازدهار للمنطقة.
وأكد قادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والرئيس باراك أوباما في البيان الختامي الذي صدر عن القمة التزامهم باتخاذ المزيد من الخطوات العاجلة لتكثيف الحملة لهزيمة تنظيم "داعش"، وتنظيم القاعدة وتخفيف حدة الصراعات الإقليمية والسعي لإيجاد الحلول لها وتعزيز قدرة دول مجلس التعاون على التصدي للتهديدات الخارجية والداخلية ومعالجة الأنشطة الإيرانية المزعزعة للاستقرار والعمل معا للحد من التوترات الإقليمية والطائفية التي تغذي عدم الاستقرار.
وأكد القادة على دعمهم للمبادئ المشتركة التي تم الاتفاق عليها في كامب ديفيد بما في ذلك إدراكهم المشترك بأنه "ما من حل عسكري للصراعات الأهلية المسلحة في المنطقة، والتي لا يمكن حلها إلا من خلال السبل السياسية والسلمية واحترام سيادة جميع الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية".
وأكدت دول مجلس التعاون والولايات المتحدة على ضرورة حل الصراع الإسرائيلي_الفلسطيني على أساس اتفاق سلام عادل ودائم وشامل يفضي إلى قيام دولة فلسطينية ذات سيادة ومتماسكة جغرافيا تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل بأمن وسلام.
وأكد القادة أيضا، على ضرورة اليقظة حيال تصرفات إيران المزعزعة لاستقرار المنطقة بما في ذلك برنامجها للصواريخ البالستية ودعمها الجماعات الإرهابية مثل حزب الله وغيره من وكلائها المتطرفين في كل من سوريا واليمن ولبنان وغيرها.
كما أكدت دول مجلس التعاون على استعدادها لبناء الثقة وتسوية الخلافات الطويلة الأمد مع إيران شريطة التزام إيران بمبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام سلامة الأراضي بما يتفق مع القانون الدولي بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة.
فيما أكدت الولايات المتحدة استعدادها للعمل سويا مع دول مجلس التعاون لردع ومواجهة أي تهديد خارجي يستهدف سلامة أراضي أي من دول مجلس التعاون ويتنافى مع ميثاق الأمم المتحدة.
قمة الرياض 21 مايو/أيار 2017
أما القمة الثالثة، فعقدت في الرياض في 21 مايو/أيار 2017، وهي القمة الخليجية الأمريكية الأولى التي حملت صفة "استثنائية"، وعقدت بناء على دعوة من الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بهدف " تعزيز التحالف الاستراتيجي على أسس صلبة وقوية"، وشارك فيها قادة مجلس التعاون لدول الخليج العربية والرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وكانت تلك القمة من بين 3 قمم تم عقدها في الرياض يومي 20 و21 مايو/أيار وهي "قمة سعودية -أمريكية"، و"قمة خليجية-أمريكية"، و"القمة العربية الإسلامية الأمريكية".
وشكل الاتفاق على اتخاذ خطوات نحو المزيد من التقارب وتجفيف منابع الإرهاب أساسا لمخرجات تلك القمة.
وأفرزت القمة الخليجية الأمريكية الثالثة من نوعها مذكرة تفاهم لتأسيس "مركز استهداف تمويل الإرهاب" في تحرك يعكس الحرص بين الجانبين على التصدي للتهديدات المشتركة.
وناقشت القمة أيضا، أمن المنطقة والتدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية وتطورات الأحداث في كل من ليبيا واليمن.
قمة جدة 16 يوليو/ تموز 2022
وتعقد قمة جدة التي دعا إليها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز في توقيت مهم أيضا؛ حيث تشهد المنطقة ظروفا وتحديات سياسية واقتصادية غير مسبوقة، على خلفية الأزمة الأوكرانية، وما ترتب عليها من تداعيات وتحديات طالت مختلف دول العالم.
أيضا تعقد القمة في وقت يتزايد فيه خطر اقتراب إيران من امتلاك سلاح نووي، بعد إعلانها، قبل أيام، بَدْء تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء تصل إلى 20 بالمئة باستخدام أجهزة طرد مركزي متطورة في محطة "فوردو" النووية.
ويتفاوض دبلوماسيون من إيران والولايات المتحدة وخمس دول أخرى منذ شهور، حول صفقة لإعادة فرض قيود على برامج طهران النووي مقابل رفع العقوبات الاقتصادية التي أعاد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب فرضها بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق في مايو/ أيار 2018.
وتشمل الخلافات الرئيسية بين واشنطن وطهران شطب المنظمات المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني من قائمة الإرهاب، وتقديم ضمانات بأن الإدارات الأمريكية المستقبلية لن تنسحب من الصفقة مرة أخرى.