مواجهة ترامب؟.. كارني في «اختبار القيادة الأصعب» بكندا

أنهت كندا حقبة جاستن ترودو مع اختيار مارك كارني زعيما جديدا للبلاد التي تمر بلحظة حرجة وسط التوترات مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
خلال حياته المهنية كرئيس للبنك المركزي الكندي، نجا الزعيم الكندي الجديد مارك كارني من "انفجارين" حاسمين هما الأزمة المالية العالمية في عام 2008، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في عام 2016 ونجح خلالهما في التعامل مع الفوضى السياسية والاضطرابات المجتمعية والانهيار الاقتصادي، لكنه يواجه الآن التحدي الأكبر في حياته وهو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ومن المرجح أن يتولى كارني السلطة لفترة قصيرة قبل الدعوة لإجراء الانتخابات الفيدرالية في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، التي سيتطلب فوزه بها أن يقنع الكنديين أنه قادر على تحقيق التوازن من خلال مواجهة ترامب لكن أيضا التفاوض معه، وفقا لما ذكرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
والسؤال الآن هل يستطيع كارني التفاوض مع ترامب بشأن التعريفات الجمركية وغيرها من القضايا القابلة للاشتعال وإيجاد مجال للتسوية، في الوقت الذي يحاول فيه الفوز في الانتخابات على منصة مناهضة لترامب؟
ووسط أزمة التعريفات الجمركية وتهديد ترامب بجعل كندا الولاية رقم 51، اختار الحزب الليبرالي يوم الأحد الماضي محافظ البنك المركزي وبنك إنجلترا السابق، لخلافة جاستن ترودو كرئيس للوزراء.
وبعد انتخابه، أطلق كارني صرخة حرب فقال في خطابه "هناك شخص يحاول إضعاف اقتصادنا.. نعم، دونالد ترامب.. إنه يهاجم الأسر والعمال والشركات الكندية، ولا يمكننا السماح له بالنجاح" وأضاف" يريد الأمريكيون مواردنا ومياهنا وأرضنا وبلدنا.. لن تكون كندا أبدًا جزءًا من أمريكا بأي شكل من الأشكال. من مستعد للدفاع عن كندا معي؟".
وتابع "لم نطلب هذه المعركة، لكن الكنديين مستعدون دائمًا عندما يتخلى شخص آخر عن قفازاته" وهي الكلمات التي أشعلت الجمهور.
ويقدم كارني (59 عامًا) نفسه باعتباره الرجل الذي تحتاجه كندا الآن مع التركيز على أن خلفيته في مجال التمويل وخبرته في التعامل مع التحديات العالمية الهائلة والعمل مع شخصيات قوية أعدته ليكون خبيرًا متمرسًا في إدارة البلاد خلال أزمة علاقتها بالولايات المتحدة.
ويعد انتخابه بنسبة 85% من الأصوات صعودا سريعا إلى دفة القيادة في البلاد لرجل قضى جزءًا كبيرًا من حياته المهنية في أدوار رفيعة المستوى ولكن غير منتخبة في القطاع العام، معظمها خارج وطنه.
ومن المرجح أن يدعو كارني إلى انتخابات فيدرالية قريبًا لأنه لا يشغل مقعدًا في البرلمان وحزبه لديه عدد أقل من المقاعد في مجلس العموم، وقد تكون الانتخابات على بعد أسابيع فقط، وفقًا لما قالته 3 مصادر مطلعة لـ"نيويورك تايمز" أكدت أن كارني، سيحاول القيام بموازنة صعبة للفوز في الانتخابات.
وسيضع كارني مواجهة ترامب في قلب حملته الانتخابية، وذلك في الوقت الذي يتفاوض فيه مع الرئيس الأمريكي بشأن التعريفات الجمركية والمطالب الأخرى، وسيحاول إقناع الكنديين الذين يراقبونه عن كثب أنه قادر على القيام بالأمرين.
وحصل كارني على فرصة غير متوقعة بعد قرار ترودو بالتنحي والخطاب والسياسات العدوانية لترامب بعدما كان حزب المحافظين، بقيادة بيير بواليفير قد عزز تقدمه على الليبراليين بأكثر من 20 نقطة مئوية وفقا لاستطلاعات الرأي التي أُجريت في يناير/كانون الثاني الماضي في ظل إحباط العديد من الناخبين من إدارة ترودو.
لكن الفجوة بين الحزبين ضاقت بسرعة ويبدو أن صعود كارني كان مدعومًا بحقيقة أن العديد من الكنديين يبحثون عن خبير في الاقتصاد بدلاً من زعيم سياسي.
ورغم الانتماءات الأيديولوجية المشتركة بينهما ودعم أنصار ترامب لبواليفير، فإن زعيم حزب المحافظين أدرك القوة السياسية لتهديدات الرئيس الأمريكي للكنديين وبدأ في الترويج لنفسه باعتباره مناهضًا لترامب.
والأسبوع الماضي، أظهرت العديد من استطلاعات الرأي أن الليبراليين تحت قيادة كارني قد يتعادلون مع المحافظين بقيادة بواليفر أو حتى يهزمونهم بفارق ضئيل.
وقال داريل بريكر، وهو خبير استطلاعات رأي مخضرم وباحث ورئيس تنفيذي لشركة إبسوس جلوبال إنه لم يشهد مثل هذا التحول السياسي الصارخ والسريع في أي مكان في العالم.
وأضاف أن الانتخابات مفتوحة للغاية، وأن التحدي الذي يواجه كارني سيكون تجنب محاولة أن يكون شيئًا غير حقيقته وأن يكون سياسيًا.
وتابع قائلا "في الواقع، فإن فعل الحكم هو حملة كارني"، مشيرا إلى نهجه هو أنه "الرجل الذي يمكنه الإدارة في الأزمات.. نحن في أزمة، دعني أريك كيف أديرها".
لكن وجود كارني في الحكم حاليا يعني التعامل مع ترامب الذي فرض بعض التعريفات الجمركية على السلع الكندية، في حين تم تأجيل البعض الآخر حتى أوائل أبريل/نيسان المقبل.
ومن المقرر أن تدخل تعريفات جمركية بنسبة 25% على صادرات الصلب والألومنيوم حيز التنفيذ غدا الأربعاء.
وكان ترامب ومستشاروه قد أثاروا قضايا تمس جوهر سيادة كندا، بما في ذلك مراجعة معاهدة الحدود واتفاقيات تقاسم المياه بين البلدين.
وفي حين كانت علاقة ترامب وترودو سيئة خلال فترة الولاية الأولى للرئيس الأمريكي (2017 - 2021) قبل أن تسوء أكثر في الأسابيع الأخيرة، يأمل أنصار ومستشارو كارني أن يتمكن من إعادة تشغيل الديناميكية مع ترامب وإرساء كيمياء أفضل لصالح كندا.
aXA6IDE4LjExOS4xMDUuNzYg جزيرة ام اند امز