سلمى.. مصرية قطع السرطان ذراعها الأيمن فهزمته بالأيسر
سلمى الزرقاء، عنوان عريض للقوة والإرادة، فعزيمتها قهرت السرطان وأرجعته لجحوره، وبدأت تهاجمه بإبتساماتها واستكمالها لمشوارها التعليمي
أخذ مرض السرطان المتوحش ينهش في عظامها منذ 2015، حتى أجبرها على بتر ذراعها الأيمن، العام الماضي، لكن المصرية سلمى الزرقاء لم تسمح لهذا المرض الخبيث بأن يدفعها إلى بئر اليأس، بل أنها حولت كل مشاعر الصدمة والحزن إلى طاقة إيجابية جعلت منها نفسا قوية، تصنع الفرحة بيديها، وتقرر استكمال دراستها العليا.
"العين الإخبارية" التقت سلمى الزرقاء، المعيدة بكلية اللغة والإعلام في الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا، بالقاهرة، لتحكي عن تصديها للمرض اللعين ورحلة الصمود والنجاح.
متى اكتشفت إصابتك بمرض السرطان؟
(بنبرة تطل منها الفرحة وكأنها لم تصب بهذا المرض) اكتشفت هذا المرض عام 2015، وبدأت رحلة علاجي في الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت المرحلة الأولى هادئة، وكل الأمور أصبحت على ما يرام، ورجعت مرة ثانية بفضل الله إلى عملي في الأكاديمية العربية لمواصلة مهنة التدريس، التي أعشقها، لكن بعد فترة هاجمني السرطان مرة أخرى وأجمع الأطباء داخل مصر وخارجها بأن حالتى تأخرت مرة أخرى، ولا بد السفر مجددا إلى الولايات المتحدة للعلاج.
كيف كانت مشاعر الخوف بداخلك؟
لا أخشى سوى الله، فهذا المرض لا يخفيني، وكان يجعلنى أشعر بأننى محاربة في معركة شرسة مع مرض لا يعرف سوى الانتصار، فمنذ إخباري بإصابتي، وأنا أجهز نفسي حتى انتصر عليه وأكون قوية بذكر الله، فآيات القرآن الكريم تجعلني مغلفة برحمة الله، وتكسبني عزيمة مصنوعة من الفولاذ، لا تنكسر بسهولة.
كيف واجهت انتشار المرض في ذراعك؟
دائما كنت أواجه هذا المرض بقوة من الله سبحانه وتعالى، ولساني يردد أسماء الله الحسنى، التي تجعلني أشعر بالاطمئنان والراحة النفسية وانشراح الصدر، فقربي من الله جعلني اتحمل قرار طبيبي المعالج الذي أكد ليً ضرورة بتر ذراعي الأيمن لانتشار المرض به، وهو ما رضخت له في نهاية الأمر، وأجريت هذه العملية في أمريكا العام الماضي.
وكيف كان أثر بتر الذراع الأيمن على عزيمتك؟
لم ينل ذلك من عزيمتي، وجحعلت "النصر والفرحة والقوة" شعارا لي خلال حياتي، فقد حاربت هذا المرض باستكمال دراستي الأكاديمية العليا ومواصلة القراءة، ولم أسمح بفقدان ذراعي الأيمن أن يقف أمام حلمي باستكمال حياتي الشخصية أو الدراسية، فبعد أيام قليلة من إجراء عملية البتر تعلمت الكتابة بالأيسر، حتى أواصل السير على طريق العلم وأهزم هذا المرض المتوحش.
كيف حصلت على درجة الماجستير في هذه الظروف؟
أثناء علاجي في المرحلة الثالثة وبعد فقداني لذراعي الأيمن، وضع طبيبي المعالج برنامجا علاجيا لا بد من اتباعه بدقة، لكن أمنية حصولي على درجة الماجستير سريعا، جعلتني أؤجل في كثير من الأوقات كورسات علاجي لاستمراري في التفوق العلمي الذي نشأت عليه، وكنت أشعر أحيانا أن العلم أهم من العلاج، وفي نهاية المطاف أكرمني الله ونجحت في الحصول على الماجستير، وقريبا سأحصل على الدكتوراة بيد واحدة، ولن يهزمنى هذا المرض الخبيث.
ما دور أسرتك في رحلة العلاج؟
لم تتركني أسرتي لثانية واحدة، فكانت وما زالت بمثابة الظهر الذي استند عليه عند الشدائد، والحضن الحنون الدافئ الذي يحتويني في الأوقات الصعبة، فأدعو الله سبحانه وتعالى أن يبارك فيهم ويجعلهم دائما فخورين بيً، ويعينني كي أستطيع في المستقبل القريب أن أسعدهم وأرسم الضحكة على وجوههم.
من أطلق عليك لقب "سوبر وومان"؟
أصدقائي هم من لقبوني بـ"سوبر وومان" وهذا يسعدني كثيرا ويدفعني للأمام، لأنهم يرون أنني أقف أمام هذا الوحش الغاشم الذي يحاول أن ينهش في عظمي، ولكن لن ينتصر عليً بإذن الله، وسيهزم في آخر المطاف، وبفضل الله سأعيش حياتي المقبلة في هدوء بعيدا عن التوتر والهلع الذي ينتج عن هذا المرض الخبيث.
بم تحلمين للمستقبل؟
كل ما يدور في ذهني أن أنتصر على هذا المرض، وأتزوج من محمد فضل، خطيبي الذي لم يتركني ويساندني بقوة، وكان زفافنا قد تأجل بعد معاودة المرض وطلب الأطباء أن أقطع ذراعي لوقف انتشاره، ولم يمانع خطيبي وظل يساندني طوال الوقت.