البصمة الكربونية.. أداة موثوقة في مواجهة تغير المناخ
فرض تغير المناخ وتأثيره على العالم بكل مكوناته خاصة البشر، ظهور مصطلحات مناخية جديدة تعبيراً عن الحالة المناخية
أو وصفاً لأدوات لقياس تأثير الإنسان على المناخ أو حتى أحداثاً مناخية استثنائية.
ومع تزايد تداعيات المناخ في شكل الفيضانات وموجات الحرارة الشديدة والأمطار الغزيرة، فضلاً عن الظروف المناخية المتغيرة بسرعة، أوصت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) واتفاقية باريس لعام 2015، بضرورة العمل للحد من الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة مئوية وتحقيق الحياد الكربوني.
ولفهم أكبر لمصطلح البصمة الكربونية لابد من الإشارة إلى أن رصد مصادر انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وغازات الاحتباس الحراري الأخرى أصبح ضرورة، تسبق اتخاذ إجراءات من شأنها الحد من الانبعاثات، لتقليل البصمة الكربونية.. وهنا يبرز السؤال عن ماهية تلك البصمة؟
ما هي البصمة الكربونية؟
البصمة الكربونية وحسب خبراء المناخ تعبر عن الكمية الإجمالية لغازات الدفيئة المنبعثة في الغلاف الجوي، مثل ثاني أكسيد الكربون (CO2) والميثان (CH4) وأكسيد النيتروز (N 2 O) ومركبات الكربون الهيدروفلورية (HFCs)، معبرًا عنها بأطنان مكافئة من ثاني أكسيد الكربون.
هذه الانبعاثات الكربونية ترتبط بأنشطة الأفراد و المجتمعات أو المنظمات وكذلك عمليات الإنتاج وتقديم الخدمات وأيضاً الأحداث والفعاليات والأنشطة المختلفة.
- جهود ضخمة لوضع خطط عملية لخفض انبعاثات الميثان في COP28
- بيئة مستدامة ومرنة مناخياً.. الإمارات رائدة ونموذجاً يحتذى
قياس البصمة الكربونية
بشكل أكثر تحديداً يمكن وصف البصمة الكربونية للفرد بأنها الكمية الإجمالية لغازات الدفيئة الناتجة عن أفعاله ونشاطاته الشخصية مثل النقل والأنشطة المنزلية والملابس والطعام.
وتقيس البصمة الكربونية للمنتج الكمية الإجمالية لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري من دورة حياته –من استخراج المواد الخام والإنتاج إلى الاستخدام النهائي من قبل المستهلكين بما في ذلك إعادة التدوير أو التخلص.
كذلك تحدد البصمة الكربونية للشركة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من جميع عملياتها، بما في ذلك توليد الطاقة المستخدمة في هياكل المباني والأنشطة الصناعية والآلات والمعدات.
ويتم تقدير البصمة الكربونية ليس فقط من خلال قياس انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ولكن أيضًا انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الأخرى مثل الميثان –وهو أقوى 25 مرة من الكربون– وأكسيد النيتروز.
يتم جمع تأثيرات كل من هذه الغازات وتمثيلها كقيمة واحدة بالأطنان المترية من ثاني أكسيد الكربون، ووهناك طريقتان تستخدمان بشكل شائع لتقدير البصمة الكربونية، وتقييم دورة الحياة وتحليل المدخلات والمخرجات.
الطريقة الأولى تأخذ تقييم دورة الحياة في الاعتبار جميع العمليات في دورة حياة المنتج، من الإنتاج إلى التخلص من المنتج.
والطريقة الثانية المعروفة باسم تحليل المدخلات والمخرجات لاستخدام شدة الكربون، والتي يتم قياسها بالكيلوغرام من ثاني أكسيد الكربون لكل كمية يتم إنفاقها على المنتجات، لتخصيص بصمة للمنتج بناءً على سعره.
البصمة الكربونية وخدمة قضية المناخ
وفقاً لما سبق فإن البصمة الكربونية أداة مهمة لقياس المساهمة في تغير المناخ من قبل الأفراد والمؤسسات والمنتجات والخدمات.
وتبرز أهمية قياس البصمة الكربونية في عدة نقاط:
- المساعدة في فهم مصادر الانبعاثات الرئيسية في مؤسستك.
- التعمق في أنشطة شركتك وتحديد أهم التحديات وكذلك الفرص.
- تجعلك قادرًا على المنافسة في السوق. لذلك؛ يجب عليك تنفيذ استراتيجيات مستدامة للحد من الكربون.
- تساعد الشركة في تحسين موثوقية وصحة البيانات المستخدمة في إعداد تقارير الاستدامة البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG).
- على المستوى الفردي تساهم بكفاءة في التخفيف من آثار تغير المناخ.
كيف تقلل بصمتك الكربونية؟
يطلق البشر يومياً غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي، ومن خلال تقليل بصمتنا الكربونية، يمكننا تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
يمكن أن تساعد الخيارات التي نتخذها كل يوم في منازلنا، وأسفارنا، والطعام الذي نأكله، وما نشتريه ونتخلص منه، في ضمان مناخ مستقر للأجيال القادمة. النظام الغذائي النباتي، على سبيل المثال، هو أكثر صداقة للبيئة من النظام الغذائي الغني باللحوم.
وعلى سبيل المثال تشمل التغييرات الأخرى في نمط الحياة استخدام دراجة بدلاً من السيارة للسفر، أو يمكنك استخدام الطاقة المتجددة لتشغيل سيارتك وأجهزتك الإلكترونية.
وبالنسبة للشركات، يعد تقليل البصمة الكربونية أمرًا بالغ الأهمية من حيث الامتثال وإشراك أصحاب المصلحة، إذا كنت تريد أن تكون ناجحًا في الأعمال التجارية، فيجب عليك اعتماد استراتيجيات مستدامة للحد من الانبعاثات.
وعلى سبيل المثال، إذا لم يتمكن أصحاب المصلحة في الشركة من تجنب الطيران أو السفر لمسافات طويلة، فإن إحدى طرق التعويض عن الانبعاثات هي التبرع بالمال لمشاريع مستدامة بيئيًا. وتقع على عاتق الجميع، بما في ذلك الأفراد والقطاع الخاص، مسؤولية جعل العالم مكانًا أكثر نظافة واستدامة بيئيًا.