البصمة الكربونية لكرة القدم.. هل تحرز فيفا "الهدف الأخضر"؟
وضعت الأمم المتحدة إطار عمل مناخيا للرياضة يتطلب منها خفض الانبعاثات إلى النصف بحلول عام 2030، وتحقيق صافي الصفر بحلول 2040.
لكن تنامي الأنشطة الرياضية وبصفة خاصة كرة القدم واتساع النطاق الجغرافي لبطولات كرة القدم يخلق حالة تناقض مع هذا الهدف، مع تزايد رحلات طيران الفرق والأندية والمشجعين، سواء رحلات خاصة أو مجمعة، بما تخلفه من انبعاثات وتزايد البصمة الكربونية للأفراد والمجموعات.
فعلى سبيل المثال سيشهد الموسم المقبل توسع كرة القدم الأوروبية للأندية للرجال بشكل أكبر، مع 177 مباراة إضافية في البطولات الثلاث الكبرى للاتحاد الأوروبي لكرة القدم.
- سيناتور بارز في برلمان باربادوس: COP28 سفينة إنقاذ الدول الضعيفة
- التطبيقات الذكية وتغير المناخ.. COP28 تدعم الابتكار (ملف خاص)
وحسب دراسة بحثية حديثة فإن قائمة المباريات المتضخمة قد تؤدي إلى قيام الفرق والمشجعين بالطيران حوالي ملياري ميل جوي خلال موسم 2024-25، ارتفاعا من 1.5 مليار ميل في 2022-23.
ورغم ذلك تتخذ كرة القدم، الرياضة الأكثر شعبية في العالم، خطوات إيجابية نحو الاستدامة وتهدف إلى أن تصبح محايدة للكربون.
كأس العالم واستراتيجية فيفا للمناخ
حذر خبراء من أن قرار فيفا بإقامة كأس العالم 2030 في ست دول يسافر فيها المشجعون إلى أكثر من 100 مباراة سيزيد من البصمة الكربونية للبطولة ويتعارض مع التزامات الاتحاد الدولي لكرة القدم بشأن المناخ.
وخصص فيفا كأس العالم 2030 لإسبانيا والبرتغال والمغرب الأسبوع الماضي، لكنه قال أيضا إن أوروغواي والأرجنتين وباراغواي ستستضيف ثلاث مباريات للاحتفال بالذكرى المئوية للبطولة.
فبعد ثلاث مباريات في أمريكا الجنوبية من 8 إلى 9 يونيو/حزيران 2030، تتوجه البطولة بعد ذلك إلى إسبانيا والبرتغال والمغرب، مما سيؤدي إلى العديد من الرحلات الجوية عبر المحيط الأطلسي للفرق والمشجعين.
ونقلت وكالة "رويترز" للأنباء عن عالمة البيئة الرياضية الدكتورة مادلين أور، الأستاذة المساعدة في جامعة تورنتو، والتي يدرس بحثها آثار تغير المناخ على قطاع الرياضة قولها: "إنه تناقض صارخ مع كأس العالم 2022 في قطر التي كان بها 32 فريقا فقط بينما لعبت جميع المباريات الـ64 في ثمانية ملاعب في الدوحة وحولها".
وأضافت "أور" أن "المشكلة الكبيرة هي أنهم ينمون الحدث باستمرار".
وأردفت: "كل قرار ينمي كأس العالم سيزيد من البصمة الكربونية للحدث.. هذه هي الحقيقة المؤسفة.. إنها مقايضة".
ويقول الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" إنه سيتخذ جميع الإجراءات اللازمة للتخفيف من الأثر البيئي لكأس العالم، مضيفا أن 97٪ من بطولة 2030 ستقام في ثلاث دول تشترك في الحدود أو تفصل بينها بضعة كيلومترات.
وأوضح فيفا أنه "ستقام البطولة في 101 مباراة على مقربة جغرافية وبخطوط نقل وبنية تحتية واسعة ومتطورة".
كما قال فيفا في وقت سابق إنه ملتزم بخفض انبعاثات الكربون بنسبة 50٪ بحلول عام 2030 وتحقيق صافي الصفر بحلول عام 2040.
وقال الدكتور ووكر روس، المحاضر في الإدارة الرياضية بجامعة إدنبرة وعضو مجموعة البيئة الرياضية، إن الرحلات الجوية عبر المحيط الأطلسي وحدها ستكون مسؤولة عن نحو طنين من ثاني أكسيد الكربون (CO2) لكل شخص على متن الرحلة.
هل تصبح كرة القدم محايدة للكربون؟
أكد فيفا أن تغير المناخ هو التحدي العالمي الأكثر إلحاحا في العالم، وأقر بتأثير الأحداث الرياضية على البيئة والاقتصاد والمجتمعات وأكد التزامه بتحسين التعاون مع أصحاب المصلحة.
وبينما تتطلع كرة القدم إلى كأس العالم للسيدات في أستراليا ونيوزيلندا وكأس العالم 2026 التي تستضيفها الولايات المتحدة، يصبح التركيز على الاستدامة البيئية أكثر أهمية.
ويمكن للأندية حساب تأثيرها البيئي والعمل لتحقيق الأهداف الطموحة المتعلقة بالرياضة والمناخ.
ومع ذلك، يتوجب الاعتراف بخطوات إيجابية جرى اتخاذها، لكنها أيضا غير كافية.
وقال الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في بيان سابق له إنه "سيراقب عن كثب تطور المسابقات ويطبق نهج تقييم شاملا يأخذ في الاعتبار الآثار الإيجابية والسلبية الناتجة عن المسابقات الجديدة".
والاتحاد الأوروبي لكرة القدم هو أحد الموقعين على إطار عمل الأمم المتحدة للرياضة من أجل المناخ، وبالنظر إلى بطولة "يورو 2024" على سبيل المثال الصيف المقبل في ألمانيا، قال الاتحاد إنه سيستثمر 32 مليون يورو في مبادرات الاستدامة.
وتشمل خطة الاتحاد تذكرة مخفضة بسعر ثابت بقيمة 29 يورو لنظام السكك الحديدية "دويتشه بان"، والنقل المحلي المجاني على مدار 36 ساعة لحاملي التذاكر.
أيضا مع تزايد الترقب لكأس العالم 2026، المقرر أن تستضيفها الولايات المتحدة، تتجه الأنظار لوضع معايير جديدة للاستدامة البيئية في الرياضة.
وأعرب فيفا ومنظمو الحدث عن التزامهم ببطولة محايدة للكربون وخالية من النفايات.
ويهدف العرض المتحد، الذي يضم الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، إلى تقديم فوائد بيئية قابلة للقياس قبل المنافسة وفي أثنائها وبعدها.
الأهداف الخضراء
أصبح تأثير كرة القدم على تغير المناخ ملحوظا خلال السنوات الأخيرة مع تنامي اللعبة وتزايد محبييها حول العالم، حيث تسهم متطلبات الطاقة من الملاعب والمرافق والمعدات، إلى جانب انبعاثات الكربون الناتجة عن النقل وإدارة النفايات ومشاريع البناء، في البصمة الكربونية لهذه الرياضة.
بالإضافة إلى ذلك فإن اتصالات كرة القدم واسعة النطاق والخاصة بصناعات، مثل الرعاية والبث وملكية النادي، تزيد من تأثيرها البيئي.
وتقول "ClimateTrade"، الشركة الرائدة في مجال الحلول المناخية، إنها بالفعل قامت بتسهيل الحياد الكربوني للأحداث الرياضية مثل بطولة "BBVA" الدولية المفتوحة للتنس في فالنسيا وستعوض للسنة الثانية انبعاثات القمة العالمية لكرة القدم في إشبيلية.
وينتظر وضع المعايير على مستوى الأندية والاتحادات، خاصة ما يتعلق برحلات كرة القدم والسعي نحو هدف الحياد الكربوني والاستدامة كشهادة على التزام الرياضة تجاه الكوكب ومشجعيها.
ولكن لا تزال التحديات قائمة، لكن الخطوات الاستباقية لصناعة كرة القدم بالتعاون مع المنظمات الدولية تمهد الطريق لمستقبل أكثر اخضرارا وصداقة للبيئة.
aXA6IDMuMTMzLjEyNC4xNjEg
جزيرة ام اند امز