التطبيقات الذكية وتغير المناخ.. COP28 تدعم الابتكار (ملف خاص)
تلعب التطبيقات الرقمية الذكية دورًا مهمًا في الأجندة العالمية لمواجهة التغير المناخي من خلال تعزيز دورها في الاستخدام الأمثل للموارد.
من جهة أخرى تعمل التطبيقات الذكية على تطوير حلول جديدة مستدامة من خلال ما يُطلق عليه "التكنولوجيا الخضراء"، وهو الأمر الذي يرتبط بتفعيل دور الثورة الصناعية الرابعة في مواجهة التغييرات المناخية.
وحسب الدكتور عادل عبد الصادق خبير بوحدة العلاقات الدولية ومدير برنامج دراسات المجتمع الرقمي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية تسعى تطبيقات "التكنولوجيا الخضراء" لتحقيق عدة أهداف من أجل الاستعداد لحالة التغير في المناخ، وفي طبيعة مصادر الطاقة، وفي زيادة الطلب عليها، وعلاقة ذلك بتحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة 2030.
وتتنافس العديد من الدول في سوق تطبيقات "التكنولوجيا الخضراء"، والمسيطر عليه السباق التكنولوجي في مجال الصناعة والاستحواذ على الأسواق، وإنتاج طاقة نظيفة وسلع صديقة للبيئة.
ومثال ذلك نجاح الصين في إنتاج رقائق طاقة شمسية تدخل في تصنيع الأجهزة الإلكترونية.. "العين الإخبارية" تفتح ملف التطبيقات الذكية و"التكنولوجيا الخضراء" في مجال العمل المناخي وتقيم هذه التجربة عالميا.
COP 28 يدعم الابتكار والتكنولوجيا
تعد قمة المناخ COP 28 المرتقب انعقادها في دولة الإمارات نهاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني الجاري محطة مهمة وبوابة أمل مهمة نحو تعزيز الاستجابة الدولية لمواجهة التغيرات المناخية.
وفي إطار التحضير الإماراتي لإنجاح هذه الفعالية الدولية المهمة أعلنت وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، ووكالة الإمارات للفضاء، ومكتب المبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي، في أغسطس/آب الماضي عن تعاون مشترك لتعزيز مشاركة الشركات في مركز التكنولوجيا والابتكار الذي سينفذ خلال استضافة دولة الإمارات لمؤتمر الأطراف "COP 28".
ويستهدف التعاون الثلاثي تعزيز التنسيق بين قطاعي التكنولوجيا المتقدمة والفضاء لتسخير إمكانات هذه القطاعات للمساهمة في العمل المناخي العالمي ومواجهة تحدياته، ومنح الفرصة للشركات في هذا الحدث العالمي، لتبادل الخبرات.
وستعمل هذه الجهات على تشجيع مؤسسات الفضاء والصناعة والتكنولوجيا الوطنية والدولية على المشاركة في مركز التكنولوجيا والابتكار في مؤتمر الأطراف "COP 28"، إلى جانب تنسيق مشاركة قطاعي التكنولوجيا المتقدمة والفضاء في المؤتمر لدعم وتسريع وتيرة العمل المناخي، والمساهمة بشكل فاعل في أعمال المؤتمر الذي يتطلع إليه العالم بشكل كبير.
ويعزز هذا التوجه الإماراتي خاصة خلال استضافة أهم حدث مناخي عالمي من أهمية التكنولوجيا، ودورها الإيجابي في التغيير السلوكي، وتغيير ممارسات العمل الدولية، والتأثير على المجتمع المحلي والعالمي عبر المنصات الرقمية.
ويؤكد السفير ماجد السويدي، المدير العام والممثل الخاص لرئاسة دولة الإمارات لمؤتمر الأطراف "COP28": "يعتبر تسخير الحلول التكنولوجية عاملاً أساسياً لتسريع تحقيق انتقال منطقي وعملي ومسؤول وعادل في قطاع الطاقة؛ وبناء أنظمة إنذار مبكر أفضل وأكثر تقدماً، لدعم تكيف المجتمعات مع تداعيات تعير المناخ؛ وضمان تعزيز المرونة المناخية للمدن والصناعات والمجتمعات".
ما أهمية التطبيقات الذكية في العمل المناخي؟
يبرز دور البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي، في مواجهة التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية من خلال ابتكار تطبيقات جديدة، وتقديم حلول للتقدم نحو التكنولوجيا الخضراء من جهة، وإلى تبني التطبيقات الذكية مناخيًا من جهة أخرى.
وتقدم التكنولوجيا الحديثة والتطبيقات الذكية أو ما يطلق عليه الثورة الصناعية الرابعة حلولًا جديدة للتحول إلى منظومة صناعية شبه آمنة على الإنسان، والبيئة المحيطة به، تعالج إلى حد كبير تداعيات التغير المناخي وتعتمد أدوات التكيف والتخفيف والتحول والمواجهة.
التفاعل العالمي الحثيث خلال السنوات الأخيرة مع قضية المناخ وآثارها على النشاط الإنسان بشكل عام والوعي بضرورة مواجهة مخاطر الانبعاثات، وخطرها في إحداث التغير المناخي، دفع المجتمع الدولي للدفع باتجاه العمل الجاد بالتشريعات الوطنية والعالمية لحماية البيئة.
هذا الوعي العالمي بقضية المناخ دفع كذلك بعملية الانتقال من التحول في القاعدة التكنولوجية للثورة الصناعية لتصبح أكثر اعتمادًا على تكنولوجيا جديدة ونظيفة وأكثر كفاءة في ذات الوقت على إنقاذ الموارد الطبيعية.
وحسب الخبراء يعد تبني تكنولوجيات مستدامة وأكثر خضرة مهما لأسباب عديدة على راسها:
- الحد من النفايات الإلكترونية.
- توظيف تقنيات التحليلات التنبؤية التي تدعم الذكاء الاصطناعي في المساعدة في تحديد بعض الأنشطة الاقتصادية في بعض دول العالم التي تتسبب في انبعاثات الكربون.
- تحديد الانتهاكات للمعايير البيئية.
- مراقبة تلوث المسطحات المائية، وإزالة الغابات، ومصادر انبعاث الكربون، وإمكانية تعزيز التعاون عبر المجال الرقمي بين كافة أصحاب المصلحة في مواجهة الأزمات المناخية.
- تعزيز دور الاستثمارات الخضراء في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وهو ما يكون لها تأثيرها الإيجابي على المناخ والبيئة.
- التعامل مع منتجات "التكنولوجيا الخضراء" كصناعات جديدة، وذلك مع توفير الدعم المناسب لها
- تشجيع الاستثمارات الخاصة والعامة في البنية التحتية وفي التطبيقات الذكية في مجال الطاقة والبناء وإدارة المياه والنفايات والنقل.
وتؤكد سارة الأميري وزيرة الدولة للتعليم العام والتكنولوجيا المتقدمة في دولة الإمارات أن "توظيف التقنيات الحديثة وتطوير تطبيقات التكنولوجيا المتقدمة يمثل الركيزة الرئيسة في نموذج دولة الإمارات لضمان خفض الانبعاثات الكربونية في القطاع الصناعي وتعزيز مساهمته في تحقيق الحياد المناخي بحلول 2050".
استراتيجيات التطبيقات الذكية للمناخ
تبني سياسات وطنية للتكنولوجيا الخضراء يتم على عدة مستويات رئيسية وهي مستوى الطاقة، من خلال تعزيز الاستخدام الفعال لموارد الطاقة، ومستوى البيئة، من خلال الحفاظ على البيئة، والحد من التأثيرات الضارة، و مستوى الاقتصاد من خلال تعزيز النمو الاقتصادي من خلال استخدام التكنولوجيا، والمستوى الاجتماعي من خلال تحسين نوعية وجودة الحياة للجميع.
وحسب الخبير الدكتور عادل عبدالصادق يمكن القول إنه توجد ست استراتيجيات للتحول نحو تطبيقات «التكنولوجيا الخضراء»، يمكن توضيحها فيما يلي:
- الاستراتيجية الأولى: إعادة التدوير للنفايات، باستخدام تطبيقات التكنولوجيا الخضراء والتي تعمل على تحسين البيئة، عن طريق الاستفادة من المواد الصلبة أو الحيوية وتوظيفها بما يتماشى مع المعايير البيئية، والحد من استنزاف الموارد الطبيعية.
- الاستراتيجية الثانية: تبني الإصلاح البيئي؛ وذلك بالعمل على التخلص من كافة أنواع التلوث التي تطال الماء والهواء و التربة. بالإضافة إلى معالجة عناصر الخلل في النظام البيئي عبر تطبيقات حيوية تعمل على إحداث التوازن البيئي الفعال.
- الاستراتيجية الثالثة: توظيف التكنولوجيا الخضراء في الاستثمار في الطاقة المتجددة كبديل عن النفط أو الفحم، مثل تكنولوجيا توليد الطاقة من الماء أو الرياح أو الشمس.
- الاستراتيجية الرابعة: الاستثمار في البحث والتطوير للوصول إلى تطبيقات تقنية تعمل على إنتاج بدائل للوقود، وتوفير الطاقة للعمل على الحد من الانبعاثات.
- الاستراتيجية الخامسة: تعزيز تطبيقات التكنولوجيا الخضراء في تبني التنمية البيئية بشكل مستدام وتبني حلول لتصبح المباني خضراء أو ذكية اعتمادًا على التطبيقات التكنولوجية، واستخدام الأدوات الصديقة للبيئة.
- الاستراتيجية السادسة: تطبيق تقنية "النانو الخضراء"؛ حيث تهدف إلى استخدام مجموعة من المواد تساعد في عملية التحول في الصناعة لتصبح متوافقة مع المعايير البيئية.
وتؤثر طبيعة مواجهة الدول لتلك التحديات في مدى قدرتها على الدخول في عملية إنتاج تطبيقات للطاقة الخضراء، والنظر كذلك لحجم الإنفاق على البحث والتطوير في مجال التكنولوجيا الخضراء، وأسعار توافر تلك المنتجات أو التطبيقات أمام المستهلكين، والتي ستتوقف على نوعية التكنولوجيا المستخدمة ودرجة ملاءمتها لرغبات المستهلكين أو المعايير البيئية، حسب المصدر نفسه.
أبرز 10 تطبيقات ذكية لمراقبة المناخ
تشجع الأمم المتحدة الاعتماد على التطبيقات الإلكترونية، في حماية الطبيعة، ومواجهة التغير المناخي بالسبل المتاحة لتحقيق التغيير.
"العين الإخبارية" ترصد مجموعة من أبرز التطبيقات الإلكترونية، الداعمة لإحداث تغيير في مجال حماية البيئة، ويمكن الاعتماد عليها بتحميلها مجانا، أو بمقابل مادي، وتشمل ما يلي من تطبيقات:
- ISeeChange
ضمن تشريحات التطبيقات الإلكترونية الداعمة للحياد المناخي، تطبيق إلكتروني باسم ISeeChange، أطلق في عام 2020.
- Earth- Now
ضمن ترشيحات التطبيقات الإلكترونية الداعمة لمناصرة الحياد المناخي، تطبيق إلكتروني باسم Earth- Now، أطلق في عام 2012، وأطلقته وكالة علوم الفضاء الأمريكية "ناسا".
-Skeptical Science
ضمن ترشيحات التطبيقات الإلكترونية الداعمة لمناصرة الحياد المناخي، تطبيق إلكتروني باسم Skeptical Science، أطلق في عام 2007.
- ClimateCounts
ضمن ترشيحات التطبيقات الإلكترونية الداعمة لمناصرة الحياد المناخي، تطبيق إلكتروني باسم ClimateCounts، أطلق في عام 2007.
- EJAtlas
ضمن ترشيحات التطبيقات الإلكترونية الداعمة لمناصرة حماية البيئة، تطبيق إلكتروني باسم EJAtlas، أطلق في عام 2015، وأطلقته مؤسسة علوم وتكنولوجيا البيئة بجامعة أوتونوما في برشلونة.
- Greentech Media
ضمن ترشيحات التطبيقات الإلكترونية الداعمة لمناصرة حماية البيئة، تطبيق إلكتروني باسم Greentech Media، أطلق في عام 2007، وأطلقه "سكوت كالفينا" و"ريك تومسون".
- Ecosia
من أبرز تطبيقات المناخ التي أتيحت لمستخدمي الهواتف الذكية هذا العام، تطبيق Ecosia، وهو محرك بحث يستغل ما يعود عليه من أرباح في زراعة الأشجار، وهو من التطبيقات الإلكترونية التي تدار من مركزها بالطاقة النظيفة.
- Environment News
للتعرف على كل جديد يخص عالم البيئة والمناخ، جاء ضمن ترشيحات الخبراء لأفضل التطبيقات الإلكترونية التي أتيحت هذا العام للمهتمين بالبيئة والمناخ، تطبيق Environment News، وهذا التطبيق يتخصص في تقديم أخبار عن المناخ والبيئة بشكل حصري.
- The Planet App
ضمن الترشيحات جاء أيضا تطبيق The Planet App، هذا التطبيق، هو عبارة عن أداة إلكترونية تساعد المستخدم في حماية الكوكب من آثار التغير المناخي، وملوثات البيئة، بتقديم نصائح وإرشادات للابتعاد عن العادات التي تتسبب في زيادة نسبة الانبعاثات الضارة.
- Environment Challenge
من التطبيقات الإرشادية أيضا التي ستسهم في حماية الكوكب، تطبيق Environment Challenge، هذا التطبيق يقدم لمستخدميه إرشادات للتغيير من البيئة المحيطة بهم لتكون أكثر استدامة وصداقة للبيئة.
تجربة الإمارات الوطنية
من التجارب الناجحة في استخدام التطبيقات الذكية في مجال المناخ التجربة الإماراتية والتي تطرح عبر وزارة التغير المناخي والبيئة عديد من التطبيقات التي توفر المعلومات المناخية والبيئية بالإضافة لإرشادات ونصائح تتعلق بتغير المناخ.
وعلى موقعها الرسمي (https://www.moccae.gov.ae) أتاحت الوزارة إمكانية تحميل تلك التطبيقات مع توضيح الهدف من كل تطبيق وأهميته على النحو التالي:
- تطبيق البيئة الذكية
يعتبر هذا التطبيق البوابة الذكية لوزارة التغير المناخي والبيئة في الإمارات، ويشمل عدة اقسام مثل ( الخدمات ، عن الوزارة ، المركز الاعلامي ، التشريعات والقوانين ، الوظائف ، مراكز خدمة المتعاملين واتصل بنا) ويمكن لمستخدمي التطبيق الاطلاع على المعلومات والتقديم على الخدمات التي تقدمها الوزارة.
- تطبيق السياحة البيئية
تطبيق بسيط وسهل الاستخدام للهاتف الذكي تم تطويره لحملة السياحة البيئية ويشتمل على مقاطع فيديو وصور ومعلومات حول المناطق المحمية البرية والبحرية في الإمارات.
- تطبيق غراس
تهتم دولة الإمارات العربية المتحدة بالحفاظ على الغطاء النباتي وعلى مواردها الطبيعية من خطر الانقراض والتلوث وتحقيق التنمية المستدامة من خلال البحوث والدراسات والمسوحات الميدانية للحد من الأنواع النباتية بغرض الحفاظ عليها والحفاظ على موائلها ومواردها الوراثية.
وتتميز بيئة دولة الإمارات العربية المتحدة بالتنوع النباتي الفريد، والذي يناسب البيئة الصحراوية.
وتتسم النباتات في الدولة بجوانبها الجمالية الممتعة وبفوائدها الطبية ومقدرتها على التكيف مع الظروف البيئية من حيث درجة الحرارة وملوحة المياه وتحمل الجفاف وقلة الرعاية وهذا التطبيق يوفر ذلك.
- تطبيق مزارعنا
تطبيق إرشادي توفره وزارة التغير المناخي والبيئة من خلاله حزمة متكاملة من المعلومات الإرشادية للمزارعين ومربي الثروة الحيوانية بهدف تحقيق الاستدامة في القطاع الزراعي والحيواني في دولة الإمارات العربية المتحدة.
كما يتيح التطبيق للمتعامل التواصل المباشر مع أصحاب الاختصاص في المجال الزراعي والبيطري، والتقديم على خدمات الوزارة ومراجعة حالة الطلبات بشكل بسيط وسهل.
- تطبيق GeoEnv
يوفر تطبيق الهاتف الذكي "GeoEnvAE" التابع لوزارة التغير المناخي والبيئة قاعدة معلوماتية مكانية تهدف إلى تزويد المتعاملين ومختلف فئات المجتمع بالمعلومات المتعلقة بمراكز تقديم الخدمات التابعة للوزارة، ومعلومات مكانية على مستوى دولة الإمارات العربية المتحدة مثل البيئة، والتنوع البيولوجي، والمحميات، بالإضافة إلى معلومات إحصائية حول قطاع الزراعة.
الزراعة الذكية أبرز تطبيقات التكنولوجيا الخضراء
من أهم تطبيقات التكيف مع التغيرات المناخية "الزراعة الذكية"؛ وذلك عبر التحول من النظم التقليدية في الزراعة إلى النظم الحديثة التي تلعب فيها التقنيات الحديثة دورًا حاسمًا في المساعدة في تلبية الاحتياجات الغذائية المتزايدة.
وتعتمد الزراعة الذكية على إدخال التقنية في المجال الزراعي من جهة، وتبني ما يعرف بالزراعة الذكية مناخيًا من جهة أخرى، ويتم ذلك عبر توظيف تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة مثل: الذكاء الاصطناعي، والروبوت، وغيرها.
وعلى سبيل المثال، أكدت دراسة حديثة لمركز "فاروس" للدراسات الأفريقية مفهوم الزراعة الذكية مناخيًّا ومجالات تطبيقها، كذلك المزايا المترتبة عنها بالنسبة للقطاع الزراعي في أفريقيا التي تضم اغلب الدول الفقيرة في العالم.
وتمثل الزراعة الذكية مناخيًّا تطورًا لمفاهيم “الزراعة المستدامة”، بما في ذلك الزراعة الخضراء أي النهج الذي يساعد على توجيه الإجراءات اللازمة لتحويل وإعادة توجيه النظم الزراعية لدعم التنمية المستدامة بصورة فعالة، وضمان الأمن الغذائي في وجود مناخ متغير.
كما تعرف الزراعة الذكية على أنها تلك التقنيات والممارسات الزراعية التي تهدف إلى تحسين الإنتاجية الزراعية، ولا تؤدى إلى تلويت البيئة أو المساهمة في تغير المناخ سلبًا، كما أن الزراعة الذكية مناخيًّا (CSA) تعمل على تفعيل أنظمة زراعية تسعى نحو ممارسات خضراء ومقاومة لتغير المناخ، وتدعم الوصول إلى الأهداف المتفق عليها دوليًّا مثل أهداف التنمية المستدامة واتفاقية باريس.
وترى منظمة الأغذية والزراعة العالمية (الفاو) أن الزراعة الذكية مناخيًّا تهدف إلى معالجة 3 أهداف وهي (الأمن الغذائي أي زيادة مستدامة في الإنتاجية الزراعية والدخل، وبناء القدرة على التكيف مع تغير المناخ، والتخفيف من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، حيثما كان ذلك ممكنًا.
هل للتطبيقات الذكية تأثيرات سلبية؟.. البيتكوين نموذجا
في مقابل ما أثبتته التجارب من اهمية التطبيقات الذكية في العمل المناخي هناك اتجاه يرى أن هناك تأثير سلبي للتكنولوجيا على البيئة والمناخ.
وعلى الرغم من إقرار هذا الاتجاه بدورها في الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية، إلا أنه يركز على المخاوف المحيطة بالتأثيرات الضارة لكل من الأجهزة والبرامج التقنية على البيئة مثل: ارتفاع مستويات استهلاك الطاقة، وانبعاثات الغازات الدفيئة، والنفايات الإلكترونية، وخاصة أن الأجهزة الإلكترونية تعد قصيرة العمر نسبيًا بما يتسبب في أضرار بيئية أثناء التخلص منها.
وعلى سبيل المثال أدى ظهور وتطور العملات المشفرة واعتمادها على التعدين إلى جعلها متعطشة لاستهلاك الطاقة، فعلى سبيل المثال تنتج عملة «البيتكوين» المشفرة أكثر من 22-29 مليون طن متري من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون كل عام، وهو ما يقارب حجم الانبعاثات لدول بأكملها.
ويفوق حجم استهلاك العملات المشفرة ما تستهلكه دولة مثل فنلندا أو التشيك.
وتحتل عملة البيتكوين المركز 35 عالميًا في استهلاك الكهرباء، وتساهم مراكز البيانات بنحو 2 % من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري على المستوى العالمي.
ولكن يمكن للتطور المتسارع في مجال إنترنت الأشياء، والذكاء الاصطناعي (AI) أن يساهم في تقديم حلول للحد من تلك التأثيرات الضارة.
ووفقًا للمبادرة العالمية للاستدامة الإلكترونية (GeSI) فإن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لديها القدرة على الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم بنسبة 20 ٪ بحلول عام 2030 من خلال مساعدة الشركات والمستهلكين على الاستخدام الذكي، وتوفير الطاقة.
أين وصل العالم في "التكنولوجيا الخضراء؟
استخدام التطبيقات الذكية في العمل المناخي لم يعد جديدا وتوسعت تجاربه في العالم، وهو ضمن الأدوات التي تستخدمها الدول الغنية لدفع ضريبة عير مباشرة لانبعاثاتها العالية من الغازات الدفيئة عبر دعم الدول الفقييرة بأدوات التكنولوجيا لمواجهة التغير المناخي خاصة في مجال التنبؤ بأحوال الطقس.
وبات استخدام أجهزة قياس درجة الزحام، ومنسوب مياه النهر، ودرجة التلوث، شائعا وجزء من البنية التحتية الحضرية في غالبية مدن العالم خاصة الدول الغنية بطبيعة الحال.
وبنظرة إلى تداعيات آثار تغير المناخ خاصة خلال السنوات الأخيرة، يمكن القول للوهلة الاولى أن هذه التطبيقات والتكنولوجيا الخضراء عموما لم تؤت ثمارها المرجوة مع تصاعد نا يشهده العالم من فيضانات وأعاصير وجفاف واستنزاف للموارد الطبيعية، وارتفاع نسب التلوث وعجز العالم عن الوصول لهدف اتفاقية باريس 2015 بخقض درجة حرارة الأرض 1.5 درجة مئوية.
ويضرب اصحاب هذه الفرضية التي تدعمها الأحداث والكوارث المناخية مثالا بما شهدته مدينة تشنغتشو الصينية التي تستخدم نظاما ذكيا للتنبؤ بالفيضانات، ورغم ذلك ضربتها عاصفة مطيرة متسببة في سقوط ما لا يقل عن 302 قتيلا في يوليو/تموز 2021، وكان مفترضا من المنصة الذكية، التي توفرها شركة أيروسبيس شينزو، أن تخطر السلطات في المدينة لحظة بلحظة بمستوى منسوب المياه بما لها من أجهزة استشعار.
كما حدث أيضا منذ نحو شهرين في ليبيا وكارثة الإعصار التي أوقعت آلاف الضحايا رغم وجود اجهزة للتنبؤ، ومجال للعمل المناخي المشترك في دول البحر المتوسط.
ومن غير الواضح ما إذا كان النظام الذكي قد فشل في رصد الإعصار الذي لم يكن مفاجئا بعد أن مر باليونان قبل ليبيا، أو أن السلطات هي التي أخفقت في التعاطي مع ما لديها من بيانات.
ونقلت شبكة "بي بي سي" البريطانية عن أفي باروك، الشريك المؤسس لشركة بريفيسيكو البريطانية، قوله إن "مثل هذه الأنظمة الذكية تحتاج إلى جانبها تخطيطا قائما للطوارئ من جانب السلطات المحلية".
ويضيف: "وتحتاج السلطات المحلية إلى الاستعداد بمضخات، وتصريف المجاري، وإغلاق الشوارع، حتى لا نرى منظر السيارات الطافية".
وعلى سبيل المثال تستعين سلطات كاليفورنيا الامريكية بصور ملتقطة عبر الأقمار الاصطناعية للمساعدة في التنبؤ بأماكن اشتعال الحرائق، حيث يستعين رجال الغطفاء ببرنامج يعرف باسم "فايرغارد"، والذي يستعين بدوره بالبيانات التي توفرها الوكالة الوطنية للاستخبارات الجغرافية المكانية.
ويُنظر إلى مؤتمر "COP 28" للمناخ، على أنه حدث ذو أهمية قصوى إذا كانت هنالك إرادة للسيطرة على التغير المناخي، وفصة سانحة للدقع باتجاه اعتماد التكنولوجيا الحديثة والابتكار كادوات فاعلة لمواجهة التغير المناخي وتحقيق الاستدامة.