المباني الذكية الخالية من الكربون.. هل تحقق أهداف باريس المناخية؟
ترتفع درجات الحرارة العالمية بمعدل ينذر بالخطر، ما يضع البشرية على مسار لا رجعة فيه إذا لم يتم اتخاذ إجراءات صارمة، وتبني حلول مستدامة في جميع مناحي الحياة.
ويكشف تقرير التقييم السادس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) أن درجة حرارة الأرض من المحتمل أن تتجاوز المعيار المحدد 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2052، أو قبل ذلك. كما أفاد التقرير بأن الاحتباس الحراري هو نتيجة مباشرة للانبعاثات التي يولدها البشر وأن 38٪ من تلك الانبعاثات المرتبطة بالطاقة تأتي من المباني (28٪ من الانبعاثات التشغيلية و10٪من المواد والبناء).
- وظائف المستقبل "خضراء".. كيف يعصف "تغير المناخ" بملامح أسواق العمل؟
- صحراء الجوف "جنة خضراء مذهلة"؟ إليك حقيقة الصور
وتختلف مستويات انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بشكل كبير عبر الدول ما بين ما يقرب من ثلاثة أطنان للفرد في الولايات المتحدة وما يقرب من الصفر في النرويج. وتشير هذه الاختلافات الشاسعة إلى أنه حتى الدول ذات المناخ القاسي يمكن أن تحقق مستويات انبعاثات منخفضة.
قطاع الإسكان.. بؤرة بارزة للانبعاثات
وفي عام 2020، نشأ أكثر من ربع إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من قطاع الإسكان. حيث تتولد الانبعاثات في قطاع الإسكان من خلال تدفئة المباني والماء، والتبريد، والتهوية، والإضاءة، واستخدام الأجهزة وغيرها من الأحمال الكهربائية. كما يعد بناء المنازل أيضًا كثيف الانبعاثات، فهو يمثل 6٪ من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
لذا سيكون الحد من انبعاثات الكربون في المباني أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق أهداف باريس المناخية وتحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050.
وتمثل المباني 39٪ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، بما في ذلك 28٪ في الانبعاثات التشغيلية و11٪ في مواد البناء والتشييد.
وتعد أحد مفاتيح إزالة الكربون من قطاع الإسكان هو تقليل الانبعاثات المباشرة الناجمة عن استخدام الكهرباء والغاز الطبيعي للاستخدامات اليومية داخل المنازل مثل تدفئة والطهي.
ويعد تطوير شبكة الطاقة وكفاءة الطاقة هي الوسيلة الأساسية لتحقيق انخفاض في الانبعاثات المباشرة وغير المباشرة الناجمة عن استخدام الكهرباء، وكذلك إزالة الكربون من إنتاج الكهرباء.
وتستفيد المباني الخالية من الكربون من التكنولوجيا المتاحة والفعالة من حيث التكلفة لتقليل الانبعاثات مع زيادة الصحة والازدهار الاقتصادي.
وتشير دراسة حديثة إلى أن هذا النوع من المباني يمكن أن يقلل من تكاليف الطاقة بنسبة تصل إلى 20٪ من خلال إدارة الطلب.
خريطة طريق للمستقبل
لذا وضع الرؤساء التنفيذيون بالقطاع العقاري خلال المنتدى الاقتصادي العالمي رؤية وخريطة طريق لمستقبل المباني والمدن لتصبح أكثر ملاءمة للعيش والاستدامة والمرونة وبأسعار معقولة وذلك لتقليل انبعاثات الكربون بشكل فعال.
وتهدف مبادئ المباني الخضراء، التي تم تطويرها بالاشتراك مع شركة جونز لانج لاسال إنكوربوريتد (JLL) -وهي شركة خدمات عقارية تجارية عالمية-، إلى دعم انتقال المحافظ العقارية عبر جميع أنواع الصناعات والأصول والمناطق.
وتوصلت الأبحاث التي أجرتها شركة JLL إلى أن الفهم المشترك لكيفية تحقيق صافي صفر من الكربون في العقارات هو الخطوة الحاسمة التالية لتعزيز تحقيق صافي صفر كربون بحلول عام 2050.
وقد تعهدت معظم دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بالوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050، ووضع بعضها أهدافًا أكثر طموحًا لتحقيق هذا الهدف في وقت مبكر. لذا يتطلب وضع قطاع الإسكان على المسار الصحيح لتحقيق هذه الأهداف تكثيف الجهود لتشمل السياسات الاقتصادية والاجتماعية والابتكارية.
وقد وصت ورقة عمل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الأخيرة، "المنزل الأخضر: سياسات إزالة الكربون عن الإسكان"، إلى عدد من خيارات السياسة المختلفة لإزالة الكربون بسرعة من قطاع الإسكان.
الخيارات المقترحة:
• مواءمة أسعار الكربون للطاقة المستخدمة في المنازل مع تلك التي تنطبق على القطاعات الأخرى. ويمكن تحقيق ذلك من خلال فرض ضرائب صريحة على محتوى الكربون في مصادر الطاقة أو عن طريق مقايضة الانبعاثات (المطبقة على موردي الطاقة).
• ضمان توليد الكهرباء الخالية من الكربون، حيث إن الكثير من إزالة الكربون من المنازل يجب أن يأتي من كهرباء المنازل.
• التغلب على مشكلة الحوافز من خلال السماح لأصحاب العقارات باسترداد جزء من توفير فاتورة الطاقة عند رفع مستويات الإيجار.
• تعزيز معايير كفاءة الطاقة في الأجهزة والمباني الجديدة لتتماشى مع هدف صافي الانبعاثات الصفرية.
• تعويض الآثار السلبية لتدابير التخفيف على الفئات الاجتماعية الضعيفة دون إعاقة الحوافز لتوفير الطاقة.
• التركيز على تعديل أسوأ الوحدات السكنية الموجودة.
• إلغاء الدعم المتبقي لغلايات الوقود الأحفوري.
• بناء وحدات إسكان اجتماعي جديدة وفقًا لمعايير بيئية عالية.
• تعزيز إمكانية المقارنة الدولية والشفافية بشكل أكبر لمعايير المباني الخضراء لتسهيل مواءمة أصول العقارات الخضراء مع هدف صافي الصفر.
• التأكد من أن اللوائح المحلية، والقدرة الشرائية، والموارد متوافقة مع أهداف إزالة الكربون الوطنية.
وعند تنفيذ تلك الأهداف معًا، يمكن لأدوات السياسة إزالة الكربون من الإسكان بوتيرة متوافقة مع الأهداف المناخية وبطريقة تتوافق مع أهداف الإدماج الاجتماعي مع تجنب التكاليف الاقتصادية غير الضرورية.
aXA6IDMuMTQuMTQzLjE0OSA= جزيرة ام اند امز