التقاط الكربون.. "أولوية واقعية" على الأجندة العالمية للتغير المناخي
في عالم تشتد فيه درجات الحرارة عامًا بعد عام وتعاني فيه الدول من مخاطر الانبعاثات، تستكشف الحكومات والقطاعات الصناعية وسائل مطاردة والتقاط الكربون من الجو، ثم تخزينه أو إعادة استخدامه بشكل مستدام، بما يخدم في النهاية تحقيق أهداف مواجهة تغير المناخ.
وتمثل تقنيات التقاط الكربون "أولوية واقعية" في ظل كونها من الوسائل القليلة القادرة على توفير حماية فعالة للمناخ دون الإضرار بمستوى الإنتاج والنمو الاقتصادي، حتى في أكثر المواقع الصناعية والخدمية إصدارا للانبعاثات.
ويشير أحدث تقرير للهيئة الدولية المعنية بتغير المناخ بوضوح إلى أن هناك حاجة لاتخاذ إجراءات مناخية عاجلة لخفض الانبعاثات إلى النصف بحلول عام 2030.
وللقيام بذلك يجب خفض الانبعاثات بشكل كبير وإزالة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المتراكمة من الهواء.
وتعد تقنية استخلاص أو التقاط الكربون إحدى الحلول التكنولوجية الرئيسية لمكافحة تغير المناخ، حيث يلتقط ثاني أكسيد الكربون، مما يقلل من تركيزه في الغلاف الجوي عن طريق استخدام الطاقة المتجددة فقط، أو الطاقة من النفايات، أو الحرارة كمصدر للطاقة.
- صفر انبعاثات كربونية في دبي 2050.. الإمارات تصيغ المستقبل
- الحياد المناخي أولوية عالمية.. "زيرو كربون" هدف إماراتي بحلول 2050
ما عملية التقاط الكربون وأهميتها؟
تتضمن عملية التقاط الكربون المباشر نزع ثاني أكسيد الكربون مباشرة من الهواء، وتحويله إلى منتج آخر، ثم تخزينه أو إعادة استخدامه، وتوجد طرق مختلفة لاستخلاص الكربون -الأكثر شيوعا هو الاستخلاص المباشر للهواء، والتصفية الحيوية، واحتراق الوقود بالأكسجين- إلا أنها قائمة على نفس الفكرة، وهي عزل ثاني أكسيد الكربون وتخزينه في مكان لا يضر بالبيئة.
والاستخلاص المباشر للهواء هو تقنية تلتقط ثاني أكسيد الكربون من الهواء مباشرة، والذي يمكن بعد ذلك تخزينه في كهوف تحت الأرض أو استخدامه في منتجات أو تطبيقات مثل صناعة الخرسانة أو وقود الطائرات، بينما تستخدم طريقة التصفية الحيوية الكائنات الحية الضوئية مثل الطحالب الخضراء والبكتيريا الزرقاء، لتحويل ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي إلى مواد عضوية يمكن معالجتها بعد ذلك إلى مواد كيميائية وطاقة حيوية ذات قيمة، أخيرا يتضمن احتراق الوقود بالأكسجين إزالة ثاني أكسيد الكربون من غازات العادم في عملية ما بعد الاحتراق.
هل يتراجع دور الطبيعة في الحد من انبعاثات الكربون؟
من المتوقع أن تلعب الطرق الطبيعية لإزالة الكربون مثل زراعة الأشجار وانتشار الغابات دورا كبيرا في المساعدة في مكافحة تغير المناخ، والتي تعد غير مكلفة نسبيا، إذ أفاد معهد الموارد العالمية بأنه يكلف أقل من 50 دولارا لكل طن من ثاني أكسيد الكربون، بالمقارنة مع تقنيات مثل "الاستخلاص المباشر من الهواء" والتي تكلف حاليًا ثلاثة أضعاف ذلك الرقم للطن.
ومع ذلك، يعتقد العديد من العلماء أنه ستكون هناك حاجة إلى حلول تقنية لأسباب، من بينها أن الاعتماد على التشجير وحده للتخلص من الكربون سيتطلب زرع مساحات شاسعة من الأراضي.
ما استخدامات تقنية "استخلاص الكربون وتخزينه"؟
تستخدم تقنية "استخلاص الكربون وتخزينه" عادة في مداخن المصانع، مثل محطات إنتاج الكهرباء بالوقود الأحفوري، حيث يُجري جمع ثاني أكسيد الكربون وتخزينه قبل أن يتصاعد في الهواء، ولا يكون ذلك نزعا للكربون ما لم تكن كمية ثاني أكسيد الكربون المستخلصة باستخدام التقنية، أكبر من الكمية الناتجة عن العمليات الصناعية في الموقع، وذلك لأن الميزة الأساسية لتقنيات نزع الكربون (عملية التقاط ثاني أكسيد الكربون وتخزينه بعيدا حتى لا يتمكن من دخول الغلاف الجوي) مقارنة مع تقنية "استخلاص الكربون وتخزينه"، هي أن بوسعها سحب الانبعاثات القديمة من الجو وتخزينها في التربة والصخور والأشجار والمحيطات والمنتجات، ويتعدى هذا خفض الانبعاثات إلى إزالتها بشكل دائم.
محطات استخلاص الكربون على أجندة التغير المناخي
التزمت الحكومات بما يقرب من 4 مليارات دولار لتطوير ونشر محطات الاستخلاص المباشر للهواء منذ بداية عام 2020.
ووفقا لوكالة الطاقة الدولية تعد أستراليا وكندا واليابان والمملكة المتحدة من بين الدول التي تستثمر في البحث والتطوير في الاستخلاص المباشر للهواء.
كما تقدم الحكومة الأمريكية منحا بقيمة 3.5 مليار دولار للشركات التي تعمل بتلك التقنية، ويسعى البرنامج الأمريكي إلى تمويل مصانع كبيرة الحجم قادرة على إزالة مليون طن سنويا من الكربون.
هذا وقد أعلنت حكومة المملكة المتحدة أن المواقع الأولى في المملكة المتحدة لنزع الكربون ستكون في تيسايد، كما تمتلك أيسلندا أكبر محطة لنزع الكربون بتقنية الاستخلاص المباشر للهواء، وهي محطة "كلايمووركس أوركا" والتي تتمكن من نزع 4 آلاف طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا، ويجري تخزينها على أعماق كبيرة تحت الأرض.
aXA6IDMuMTQ0LjYuMjkg جزيرة ام اند امز