الدعم النقدي أم العيني.. أيهما أفضل للمواطن المصري؟
في ظل التحديات الاقتصادية المتزايدة والأزمات العالمية والإقليمية التي تؤثر على استقرار الأسواق وأسعار السلع الأساسية، أصبحت قضية الدعم الحكومي أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.
من جانبها، تخطط الحكومة المصرية لتحويل نظام الدعم في البلاد من عيني إلى نقدي، وهو الأمر الذي يثير تساؤلات واسعة حول تأثير ذلك على حياة أكثر من 106 ملايين مصري يعتمد معظمهم على الدعم، ويعيش ثلثهم تحت خط الفقر أو فوقه بقليل.
- آفاق الاقتصاد العالمي.. «صندوق النقد» يكشف أحدث توقعاته لمعدلات النمو
- صندوق النقد يخفض توقعات النمو لعام 2025 ويبقي على 2024
وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، كشف رئيس الوزراء المصري، الدكتور مصطفى مدبولي، أن مصر تفكر في التحول من دعم السلع الأولية الأساسية إلى تقديم مساعدات نقدية مباشرة للمواطنين الأكثر احتياجًا ابتداءً من السنة المالية 2024/2025.
وأشار مدبولي في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام المحلية إلى أنه سيتم إجراء "حوار وطني جاد" لوضع تصور لكيفية التحول إلى الدعم النقدي. وأضاف: "الدولة مستعدة لتطبيق آلية الدعم النقدي في حال التوافق عليه ضمن حوار مجتمعي، والهدف هو استفادة المواطن طبقا لاحتياجاته وأولوياته".
وفيما يتعلق بالموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2024/2025، قامت الحكومة بتخصيص مبلغ إجمالي يبلغ 635.943 مليار جنيه للدعم والمنح والمزايا الاجتماعية، بزيادة تصل إلى 106 مليارات جنيه مقارنة بالموازنة السابقة، مما يعكس أهمية هذا القطاع في أجندة الدولة.
ويؤكد الخبراء أن "هذه الخطوات تأتي جميعها في إطار ما تم الاتفاق عليه مع صندوق النقد الدولي"، الذي يطالب مصر منذ البرنامج الأول للإصلاح الاقتصادي في العام 2016، بتحويل الدعم العيني إلى دعم نقدي.
مصر اتفقت مع صندوق النقد الدولي في مارس/ آذار الماضي على استئناف برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تم التوافق بشأنه في ديسمبر / كانون الأول 2022 وتعثر لعدة أشهر بسبب رفض السلطات تنفيذ بعض الإصلاحات المتفق عليها، وفي مقدمتها تحرير سعر الصرف.
وبموجب هذا البرنامج الذي يستمر حتى خريف 2026، رفع صندوق النقد الدولي تمويلاته إلى مصر من 3 مليارات دولار إلى 8 مليارات.
كما أن صندوق النقد أكد في أكثر من مناسبة أن مصر مطالبة بتحويل الدعم العيني، بما في ذلك دعم المحروقات والطاقة، إلى دعم نقدي من خلال التوسع في برامج شبكة الحماية الاجتماعية، مثل برنامج تكافل وكرامة، الذي تقدم الحكومة من خلاله مساعدات نقدية مشروطة لمساعدة الأسر الفقيرة والأكثر احتياجا.
وحاليا، تدعم في مصر السلع الأولية الأساسية حيث يستفيد أكثر من 60 مليون شخص من سلع مثل المعكرونة والزيوت النباتية والسكر بأسعار مخفضة، بالإضافة إلى 10 ملايين شخص على الأقل يستفيدون من الخبز المدعوم.
وتدعم الحكومة أيضًا قطاع الوقود، مع وضع خطط لتقليل هذا الدعم والعمل نحو رفعه بالكامل بحلول ديسمبر 2025.
في 19 أغسطس/آب الماضي، أكد وزير التموين شريف فاروق أنه لم يتخذ قرارًا نهائيًا بالتحول من الدعم العيني إلى المساعدات النقدية، مشيرًا إلى أن الحكومة لا تزال تنتظر ردود الفعل من الحوار الوطني.
الدعم العيني أم النقدي
وبحسب وسائل إعلام محلية، تحدث الخبير الاقتصادي المصري، إسلام الأمين، عن النقاش الذي نشأ مؤخرًا بين المواطنين حول نوعية الدعم الذي تقدمه الحكومة، سواء كان عينيًا عبارة عن سلع وخدمات محددة، أو نقديًا عبارة عن تقديم مبالغ مالية مباشرة.
وأكد الأمين أن هذه السياسات تُنفذ وفقاً لاستراتيجيات محددة مسبقًا، لافتا إلى أن الدعم النقدي يُعَد الخيار الأمثل مقارنة بالدعم العيني، حيث يسهم في تقليل تباين الأسعار لنفس المنتج في الأسواق، ويمنع محاولات التجار استغلال اختلاف الأسعار لتحقيق ربح غير مشروع.
وأشار الأمين إلى أهمية اعتماد الحكومة سياسات محددة قبل الانتقال الكامل إلى نظام الدعم النقدي، مثل تشديد الرقابة الحكومية على أسعار السلع والخدمات المتأثرة بقوى السوق، وضمان المنافسة العادلة والاستقرار في الأسعار لضمان استفادة أكبر للمستحقين.