118 عاما على اكتشاف كوم الشقافة.. أكبر المقابر الرومانية بالإسكندرية
أهمية مقابر كوم الشقافة تكمن في كثرة زخارفها وتعقيد تخطيطها، وتداخل الفن الفرعوني بالفن الروماني وتعود للقرن الثاني الميلادي
الصدفة وحدها هى التي قادت لاكتشاف أكبر مقبرة رومانية في مصر ترجع للقرن الثاني الميلادي، وتحديدا في غربي الإسكندرية في منطقة كوم الشقافة عام 1900، حيث قاد حمار إلى اكتشافها بعد فشل المجهودات العلمية التي استمرت 8 سنوات في العثور عليها عام 1892، وهو الاكتشاف الذي فتح الباب للدراسات التاريخية والأثرية لمعرفة تاريخ الإسكندرية خلال العصر الروماني.
- لغز مقبرة الإسكندر.. النبش في أجمل رفات التاريخ
ترجع أهمية مقابر كوم الشقافة إلى كونها أكبر مقبرة رومانية في مصر من حيث الحجم من ناحية، وأنها تجمع بين الفن والزخرفة الرومانية والمصرية القديمة من ناحية أخرى.
يطلق عليها جبانة "الكاتا كومب"، وتعني المقابر المحفورة تحت سطح الأرض، وهي تتشابه مع المقابر المسيحية في روما، وعرفت وانتشرت خلال القرون الثلاثة الأولى من العصر الروماني.
تقع مقابر كوم الشقافة الرومانية في حي "كرموز" غرب الإسكندرية، والذي يرجع إلى الاسم اليوناني"كيرامايكوس"، وهي المنطقة التي كانت موقعا لقرية "راكوتيس" أو"راقودة" في الإسكندرية القديمة، والتي ترجع للاسم المصري القديم "رع- قادت"، وقد اشتهرت المنطقة بالشقافات أو بقايا الأواني الفخارية الملقاة هناك؛ لذا سميت" كوم الشقافة".
قصة طريفة وراء أهم اكتشاف أثري
بدأت قصة اكتشاف المقبرة في عام 1892حيث بدأت الحفائر في المنطقة، واستمرت طوال 8 سنوات دون الوصول إليها، حتى سبتمبر عام 1900عندما سقط حمار في حفرة عمقها 12 مترا، وعندما حاول الأهالي إنقاذ الحمار وجدوا الفتحة الرئيسية للمقابر الضخمة التي ترجع للقرن الثاني الميلادي، والتي تتكون من عدة طوابق.
التخطيط الهندسي للمقابر:
يرجح علماء الآثار اليونانية والرومانية بأن مقابر كوم الشقافة لم تبن دفعة واحدة أو في فترة زمنية واحدة بسبب تعدد الفنون الزخرفية واختلافها، بالإضافة إلى اختلاف الهندسة المعمارية للمقابر، والأصح أنها بنيت واستعملت خلال الفترة التاريخية من القرن الثاني حتى القرن الرابع الميلادي، ثم أهملت بعد ذلك، وهي مقابر تخص عائلة رومانية ثرية ثم أضيفت لها بعض الحجرات أو الغرف الثانوية بعد ذلك، حيث إنها تتكون من مدخل رئيسي فوق الأرض وثلاثة طوابق تحت سطح الأرض.
تبدأ المقبرة الرئيسية "الكاتاكومب" بمدخل رئيسي فوق الأرض مغطى بقبو سقفه منحوت ومزخرف على هيئة صدفة البحر، ويوجد على جانبيه فجوتان ذات مقاعد حجرية لراحة الزوار، يؤدي المدخل إلى سلم حلزوني مبني من أحجار مربعة الشكل به نوافذ مستديرة تعمل على إنارة المقبرة من خلال مسارج كانت توضع عليها وتضاء بالزيت، وأيضا تستعمل لوضع البخور، وعرضها أكثر من متر، ودرجات السلم مرتفعة في البداية ثم يتناقص تدريجيا، وذلك مراعاة لراحة زوار المقبرة من أهالي المتوفى.
يؤدي السلم الحلزوني إلى الطابق الأول الذى يتكون من ممر ثم صالة مستديرة بها بئر عميق قطره 8.5 متر، وللصالة قبة مرتكزة على 6 عمدان تصل بينهما حوائط مزخرفة باللون الأحمر على جانبها صالة ثانية كبيرة مربعة الشكل تبلغ طولها 9 أمتار وعرضها 8.5 متر، حيث يوجد بها 3 آرائك محفورة في الصخر تشبه المصاطب، أمامها مائدة خشبية تستخدم لتناول الطعام أثناء زيارة المتوفى وفي نهايتها سلم يؤدي إلى الطابق الثاني.
الطابق الثاني وهو الجزء الرئيسي للدفن ويتكون من جزءين يمين ويسار يمثلان حجرات للدفن ودهاليز صغيرة حول حجرة الدفن، ويوجد بهو أعلاه زخرفة رومانية، وأسفله قرص الشمس المجنح دلالة على الفن المصري وتأثرا بالعقيدة المصرية القديمة، وعلى جانبي حجرة الدفن توجد زخارف مصرية ورومانية حيث رأس "ميدوزا" وأسفلها الثعبان المصري "الكوبرا" وهو يرتدي تاج الوجهين القبلي والبحري، في نهاية الطابق الثاني يوجد سلم يؤدي للطابق الثالث وتوجد منصة مائلة عكس اتجاه السلم، وهو مغمور بالمياه الجوفية وقد وجدت جثث طافية على المياه عند اكتشافه.