كهف تايلاند.. كيف يؤثر الظلام على صحة العالقين؟
علماء يؤكدون أن الصبية العالقين في كهف تايلاند معرضون لخطر الإصابة بالاكتئاب والأرق؛ بسبب الظلام الذي قد يقود إلى حدوث اختلاف بينهم.
بعد أن عثرت فرق الإنقاذ في تايلاند على 12 صبياً مفقوداً ومدربهم داخل كهف بعد 9 أيام من اختفائهم، تم إرسال أطعمة لهم، وأكدت الفحوص الطبية أن لا أحد منهم يواجه مشكلات صحية خطيرة.
لكن في ظل الأمطار التي يتوقع هطولها على منطقة الكهوف خلال الأيام القليلة المقبلة، يحذر مسؤولون عسكريون تايلانديون من أن انحسار المياه التي تغمر تلك المنطقة إلى مستوى يسمح للمحاصرين فيها بالنجاة بأنفسهم والعودة إلى سطح الأرض، قد يتطلب فترةً ربما تصل إلى 4 شهور.
وبعيداً عن مشاعر الصدمة النفسية التي قد تصيب الصبية التايلانديين جراء مرورهم بمحنة البقاء محاصرين تحت الأرض بمئات الأمتار، قد يُحْدِث حرمانهم من ضوء النهار تأثيراتٍ غير معتادة على إحساسهم الداخلي بالزمن وإدراكهم له.
وبحسب هيئة الإذاعة البريطانية، بي بي سي، من شأن هذه التغيرات تعريض أولئك الصبية لخطر الإصابة بالاكتئاب والأرق، بل يمكن أن تقود إلى حدوث شقاقٍ بينهم.
ويؤكد العلماء أن هؤلاء الصبية ربما باتوا منفصلين كلية عن الدورة الزمنية للعالم الخارجي، لتبدأ دورة نومهم في الابتعاد عن أي نمطٍ منتظمٍ، سواء كان النمط الطبيعي المعروف المتمثل في النوم ليلاً والاستيقاظ نهاراً، أو أي شكلٍ آخر اصطناعي، وهو ما يجعل أوقات خلودهم إلى النوم واستيقاظهم منه، تتغير في كل يومٍ عن الآخر.
ويُطلق طبياً على هذه الحالة اسم "اضطراب الاستيقاظ والنوم غير المرتبط بالدورة المؤلفة من 24 ساعة"، وتتسم بأنها تشهد فترات من النوم الهانئ - عندما تكون الساعة الداخلية للمرء متماشيةً إلى حدٍ كبير مع المنظومة الزمنية التي تحكم العالم الخارجي - تتلوها أخرى تشهد نوماً مشوشاً بشكلٍ لا يحتمل خلال الليل، وشعوراً بالنعاس المفرط أثناء النهار.
ويشبه البعض الإصابة بتلك الحالة، بأن يحيا الإنسان وهو يعاني بشكلٍ مستمرٍ مما يُعرف بـ"اضطراب الرحلات الجوية الطويلة"، الذي يؤثر سلباً على ساعته البيولوجية.
وأوضح العلماء أنه في ضوء ما هو مُرجح من وجود اختلافات فيما بين الصبية العالقين على صعيد الإحساس بالزمن، ومستوى وتيرة الساعة الداخلية لدى كلٍ منهم، ستختلف بالتبعية أوقات شعورهم بالنعاس أو اليقظة، وتتباعد شيئاً فشيئا، وقد يؤدي ذلك إلى حدوث مشكلات في المكان محدود المساحة الذي يقبعون فيه حالياً، وذلك إذا ما كان بعضهم يرغبون في النوم، في وقت يشعر فيه آخرون منهم أيضاً، بأنهم في كامل اليقظة والانتباه.
وأشاروا إلى أنه يمكن اللجوء لطريقة تساعد المحاصرين في الكهف التايلاندي، وذلك بالاستفادة من تجربة سبق أن شهدتها شيلي للتعامل مع أزمةٍ مماثلة، وقعت عام 2010، وحوصر خلالها 33 من عمال المناجم في منجمٍ للنحاس لمدة 69 يوماً.
وفي ذلك الوقت، أنزلت في المنجم مصادر إضاءةٍ خاصة، تتوافق عمليات إنارتها وإطفائها مع دورة النهار والليل التي تستمر 24 ساعة، وذلك في محاولة لمحاكاة تلك الدورة الطبيعية التي يشهدها العالم الخارجي.
وبذلك يمكن اتباع استراتيجية مماثلةٍ في تايلاند، يجري في إطارها تشغيل مصادر إضاءة صناعية خلال ساعات النهار بشدة سطوع كافية، وذلك لـ"خداع" خلايا "النواة فوق التصالب" المسؤولة عن الإحساس بالزمن لدى البشر، ودفعها لإعادة تشغيل نفسها بفعل التعرض لهذه الإضاءة الشبيهة بأشعة الشمس، وهو ما يجعل هذه المنطقة تتوافق زمنياً مع العالم الخارجي.
aXA6IDMuMTQ5LjI0LjE0MyA= جزيرة ام اند امز