لجنة «قمة الرياض».. خبراء: تحركات مكوكية لإنهاء حرب غزة
نزل اتفاق الهدنة بين إسرائيل وحماس بردا وسلاما على سكان غزة بعد 47 يوما من الحرب، وحرك آمالا في وقف إطلاق دائم ينهي المعاناة.
ويأمل خبراء عرب ومراقبون أن تؤتي تحركات وفد قمة الرياض العربية الإسلامية الدولية ثمارها في الدفع نحو وقف الحرب على غزة، والتوصل لوقف دائم لإطلاق النار، لا سيما بعد اتفاق الهدنة المعلن اليوم الأربعاء.
وأكد هؤلاء الخبراء، في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية"، أن لجنة قمة الرياض، كأداة دبلوماسية فاعلة ستدفع نحو التمهيد لإصدار قرار من مجلس الأمن، يحظى بقبول الجميع، من شأنه الإسهام في إنهاء الحرب، وإعادة الجميع إلى مسار الخط السياسي والجلوس على طاولة المفاوضات وصولا إلى حل الدولتين.
وأشار الخبراء، في الوقت ذاته، إلى أن اللجنة ستسعى من خلال تحركاتها أيضا إلى محاولة إقناع دول الغرب بإيقاف تصدير السلاح لإسرائيل في خطوة مهمة جدا من شأنها أن تسهم في خفض التصعيد.
ويواصل أعضاء اللجنة الوزارية العربية الإسلامية المكلفة بالتحرك الدولي لوقف الحرب على غزة، الأربعاء، جولاتهم في عدد من الدول الأعضاء بمجلس الأمن، حيث وصلوا إلى العاصمة البريطانية لندن، ثالث محطاتهم بعد الصين وروسيا.
وكانت القمة العربية والإسلامية التي عقدت بالرياض مؤخرا، كلفت وزراء خارجية السعودية والأردن ومصر وقطر وتركيا وإندونيسيا ونيجيريا وفلسطين ببدء تحرك فوري لوقف الحرب على غزة، وقررت كسر الحصار على غزة وفرض إدخال قوافل المساعدات والغذاء والدواء والوقود إلى القطاع بشكل فوري.
حاسم ومهم جدا
وحول تأثير التوصل لهدنة إنسانية على عمل لجنة قمة الرياض، توقع الدكتور مبارك آل عاتي المحلل السياسي السعودي، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، أن "تعمل اللجنة على تثبيت الهدنة الإنسانية وتمديدها وتحويلها إلى اتفاق قابل للتطبيق لوقف إطلاق النار بدعم من الجهود الدولية".
ويرى آل عاتي أن "التوصل إلى هدنة أمر حاسم ومهم جدا من شأنه أن يؤدي إلى تهدئة الأوضاع، ونأمل أن تكون هذه الهدنة قابلة للتمديد وأن تتحول بكل تأكيد إلى وقف دائم لإطلاق النار".
ويضيف: "أعتقد أن اللجنة ستسعى أيضا لإقناع الدول الغربية بإيقاف تصدير السلاح لإسرائيل في خطوة مهمة جدا من شأنها أن تسهم في خفض التصعيد، وتسهم أيضا في إقناع كل الأطراف بضرورة وقف إطلاق النار".
وأكد المحلل السياسي السعودي أن "اللجنة المنبثقة عن القمة العربية والإسلامية بالرياض التي يرأسها وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان تقوم بدور سياسي محوري مهم جدا من أجل سرعة وقف إطلاق النار في غزة".
نحو عالم متعدد الأقطاب
آل عاتي أبرز أن اللجنة "تسعى من خلال عملها إلى التأكيد على أن المجتمع الدولي يتسع لعدد من الأطراف، والأقطاب، وليس لقطب واحد؛ وأن المجتمع الدولي لم يعد حكرا على الولايات المتحدة؛ لذلك بدأت جولاتها المكوكية بالصين لكي تقول إن الأخيرة يمكن أن تسهم في تحقيق السلام".
كما تريد لجنة قمة الرياض، والحديث لـ"آل عاتي"، "التأكيد على سرعة وقف إطلاق النار، وإنقاذ المدنيين وفك الحصار، ومن ثم تهيئة الأجواء لبدء عملية سياسية من شأنها أن تعيد ترتيب الأوضاع في المنطقة، طبقا لتحقيق مصالح الشعب الفلسطيني وطبقا لمبدأ الدولتين التي دائما تنادي بها المجموعة العربية والإسلامية".
وفي إشارة هامة أخرى، قال المحلل السياسي السعودي إن اللجنة من خلال زيارتها للصين وروسيا، ولندن، وفي وقت لاحق إلى باريس والهند وانتهاء بواشنطن يوم 29 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، حيث ستعقد جلسة مجلس الأمن الدولي، "تريد التأكيد من خلال هذه الزيارة على الإعداد لخطاب، أو لقرار يصدر من مجلس الأمن".
التمهيد لقرار أممي
وستدفع اللجنة، بحسب آل عاتي، لأن "يكون هذا الخطاب أو القرار الأممي، مقبولا من الجميع، ومن شأنه أن يسهم في إنهاء الحرب، وليس مجرد وقف إطلاق النار فقط".
وزاد المحلل السعودي أن القرار الذي تريد المجموعة الدفع باتجاهه "سيكون من شأنه إعادة الجميع إلى مسار الخط السياسي والجلوس على طاولة المفاوضات لبدء مشوار سياسي من شأنه أن يؤدي لتحقيق مبدأ الدولتين وحفظ الأمن والسلم الدوليين، وإعادة الأمن والاستقرار للمنطقة، وقيام أيضا دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية".
آل عاتي أكد أيضا، على أن "تحركات اللجنة أكدت على نجاح القمة العربية والإسلامية في خلق موقف عربي وإسلامي موحد وداعم للأشقاء الفلسطينيين، حيث يستطيع حشد المواقف المؤيدة للقضية الفلسطينية، وإفشال خطط الدول التي تقف مع إسرائيل، وأن يضع الولايات المتحدة وإسرائيل في زاوية ضيقة، من خلال استمرار توضيح حقيقة الموقف العربي والموقف الإسلامي الداعم لتحقيق السلام في العالم".
ومن جهته، يقول الدكتور محمد قواص، الكاتب والمحلل السياسي اللبناني، المقيم في بريطانيا، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، إن "الهدنة التي جرى الاتفاق عليها بين حماس وإسرائيل، تساعد اللجنة على المطالبة بهدنة دائمة وصولا لوقف لإطلاق النار".
وتابع: "الهدنة ستدخل العالم في مزاج إنهاء هذه الحرب، وهو أمر ستدفع به اللجنة، وما تمثله في هذا العالم بصفتها ممثلة لقمة الدول العربية والإسلامية".
ويشير قواص إلى أنه "من المهم أن يكون هناك موقف موحد وواضح يمثل 57 دولة، ولا بد أن يكون له تأثير على صناع القرار داخل العواصم الكبرى".
أداة دبلوماسية فاعلة
وفي هذا الإطار، يلفت الكاتب والمحلل السياسي اللبناني إلى أن "اللجنة أداة الدبلوماسية التي تمثل الدول العربية والإسلامية، هي أداة ناجعة وفاعلة في صناعة رأي عام دولي جديد يقف ندا للانحياز الغربي لإسرائيل".
وإذ أشار إلى أنه "كان من الأفضل لوفد قمة الرياض البدء بزيارة الدول التي تملك نفوذا فعليا على إسرائيل وفي مقدمها الولايات المتحدة"، عاد قواص ليؤكد على أنه "لا بأس من محاولة تقوية موقف دولتي الصين وروسيا الذي بدا أقل مما يجب ولم يكن واضحاً في التأثير على موقف إسرائيل".
كما أكد الدكتور حميد الكفائي، الباحث العراقي في الشؤون السياسية والاقتصادية، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن الهدنة، "أمر مشجع جدا، وبادرة أمل وبالإمكان التوصل لحلول للأزمة الحالية، عبر الضغط على إسرائيل الذي قد يأتي بنتائج إيجابية نحو وقف نهائي لإطلاق النار".
ويصف زيارة لجنة قمة الرياض الأخيرة للصين وروسيا بأنه "أمر هام جدا"؛ لأن "الدولتين يحملان عضوية مجلس الأمن الدولي، وإذا كان هناك قرار تبناه المجلس فإن رأي هاتين الدولتين سيكون حاسما بالتأكيد".
ويشدد على "ضرورة سعي اللجنة لإقناع الدول الغربية؛ لأن تساند وقف إطلاق النار، فهذا المطلب هو أولوية، أما مسألة حل الدولتين عبر طاولة المفاوضات فإنها قضايا يمكن أن تأتي لاحقا".
نفوذ وأداة ضغط
واتفق الباحث العراقي مع ما ذهب إليه قواص، مؤكدا أن "زيارة اللجنة للولايات المتحدة وأوروبا هامة جدا لما لها من نفوذ وأدوات ضغط على إسرائيل لوقف الحرب، وإنقاذ المدنيين الأبرياء".
وقال: "الجهود الدبلوماسية مطلوبة والعالم العربي بإمكانه أن يجمع الآراء وأن يدفع باتجاه وقف إطلاق النار، حيث إن الأوضاع خطيرة جدا وتتطلب المزيد من الجهود، التي نأمل أن تؤتي ثمارها".
وبدوره، يثمن الدكتور طه عودة أوغلو، المحلل السياسي التركي، تحركات لجنة قمة الرياض، قائلا في حديث لـ"العين الإخبارية" إنها تمثل رسالة ضغط على إسرائيل والدول الداعمة لها.
وأضاف "تحركات اللجنة الوزارية العربية الإسلامية، ترجمة واقعية وفورية لقرارات القمة العربية والإسلامية التي عقدت مؤخرا في الرياض، والذي كان أهم قراراتها ضرورة ووقف إطلاق النار وإيصال المساعدات إلى الشعب الفلسطيني في قطاع غزة".
ويترأس لجنة قمة الرياض، الأمير فيصل بن فرحان وزير خارجية المملكة العربية السعودية، ويشارك في اللجنة، نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين في المملكة الأردنية الهاشمية أيمن الصفدي، ووزير خارجية مصر سامح شكري، ووزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني رياض المالكي، ووزيرة خارجية جمهورية إندونيسيا ريتنو مارسودي، والأمين لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه.
وبعد أيام عدة من الشد والجذب والحديث عن هدنة إنسانية تقترب، أعلنت إسرائيل وحركة حماس، في الساعات الأولى من صباح الأربعاء، التوصل لاتفاق ينظم هذا الوقف المؤقت لإطلاق النار.
وتدخل الهدنة حيز التنفيذ غدا 23 نوفمبر/تشرين الثاني، حيث تلتزم إسرائيل إتاحة 24 ساعة لمنح المواطنين الإسرائيليين فرصة مطالبة المحكمة العليا بمنع إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين المدرجين في الصفقة.
وتشمل إطلاق سراح 50 من النساء والأطفال المحتجزين في غزة بينهم أمريكيتان وطفلة ستبلغ 4 سنوات قريبا مقابل إطلاق سراح 150 من النساء والأطفال الفلسطينيين في سجون إسرائيل دون سن 19 عاما حسب الأقدمية.
وكذلك، إدخال مئات الشاحنات الخاصة بالمساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية والوقود إلى كامل قطاع غزة شماله وجنوبه.
الاتفاق يشمل وقف الأعمال العسكرية الإسرائيلية في القطاع، ووقف حركة آلياته المتوغلة في قطاع غزة، ووقف حركة الطيران في جنوب غزة ووقفها في شمال القطاع لمدة 6 ساعات يوميا من الساعة 10 صباحا حتى الساعة 4 مساء.