أسعار الفائدة في مصر.. سيناريوهات متعددة وقرار غامض ينتظر الإعلان خلال ساعات
يستعد البنك المركزي المصري لحسم قراره بشأن أسعار الفائدة خلال اجتماعه الخميس، من خلال لجنة السياسات النقدية.
لا تزال الخيارات مفتوحة أمام عدة سيناريوهات، تتراوح بين خفض سعر الفائدة بنسبة طفيفة تتراوح بين 0.5% و1%، أو الإبقاء على أسعار الفائدة كما هي دون تغيير، خصوصًا مع عودة معدلات التضخم للارتفاع مجددًا خلال الأسابيع الأخيرة.
وكان البنك المركزي قد أقدم على أول خفض لأسعار الفائدة منذ أربع سنوات ونصف في أبريل/نيسان الماضي، لتصل نسبة الخفض إلى 6.25% على أربع اجتماعات متتالية، أخرها في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بواقع 1%، وذلك عقب تراجع واضح في مستويات التضخم.
وعاد معدل التضخم في المدن المصرية للارتفاع مجددًا، ليسجل 12.5% خلال أكتوبر/تشرين الأول مقابل 11.7% في سبتمبر/أيلول، بعد أربعة أشهر متواصلة من التراجع، في انعكاس يزيد المخاوف من مواصلة الارتفاع، خاصة مع التوجه لرفع أسعار الكهرباء وبعض الخدمات.
ورجحت سهر الدماطي، نائب رئيس بنك مصر الأسبق، لـ"العين الإخبارية"، أن يكون تثبيت أسعار الفائدة هو السيناريو الأقرب لقرار البنك المركزي، خصوصًا في ظل الزيادة الأخيرة في مستويات التضخم، مؤكدة أن المركزي قد يفضل الترقب ودراسة أثر التطورات الراهنة قبل اتخاذ أي خطوة جديدة، مشيرة إلى أن القرار لا يزال مفتوحًا على أكثر من احتمال رغم الضغوط التضخمية.
وأشارت الدماطي إلى أن البنك المركزي يضع ثلاثة محاور رئيسية أمامه عند تحديد اتجاه الفائدة: المحور الأول يتعلق بالتطورات العالمية، حيث يشهد الدولار تراجعًا أمام العملات الأجنبية في وقت يتحسن فيه وضع الجنيه محليًا، الأمر الذي يعزز قوة الموقف النقدي لمصر. أما المحور الثاني فيتعلق بتحسن المؤشرات الاقتصادية الكلية خلال الفترة الأخيرة، بما في ذلك وفرة العملة الأجنبية، وارتفاع صافي الأصول الأجنبية، وزيادة الاحتياطي النقدي لأكثر من 50 مليار دولار، فضلًا عن تحسن إيرادات قناة السويس. وأكدت أن هذه المؤشرات تمنح المركزي مساحة أوسع في إدارة ملف الفائدة والتضخم.
وأضافت الدماطي أن التوقعات الرسمية تشير إلى انخفاض واضح في معدلات التضخم بنهاية عام 2026 لتتراوح بين 5% و9%، وفي حال تحقق هذه المسارات سيكون خفض أسعار الفائدة تدريجيًا متاحًا ليصل إلى مستويات قريبة من 14%.
ولفتت إلى أن السيناريو الثاني، وهو خفض محدود للفائدة، ما يزال قائمًا لكنه مشروط بتقدير دقيق لمسار التضخم خلال الأشهر المقبلة.
وفي المقابل، قال محمود نجلة، المدير التنفيذي لأسواق النقد والدخل الثابت بشركة الأهلي للاستثمارات المالية، إن تثبيت الفائدة سيظل الاحتمال الأكثر قربًا في اجتماع الخميس، مؤكدًا أن ارتفاع التضخم مؤخرًا يدفع المركزي إلى انتظار بيانات نوفمبر/تشرين الثاني، المقرر صدورها في العاشر من ديسمبر/كانون الأول المقبل، قبل اتخاذ قرار قد يترتب عليه تغيير كبير في مسار السياسة النقدية.
وأضاف نجلة لـ"العين الإخبارية" أن خيار الخفض لا يزال مطروحًا لكنه ضعيف للغاية، ولا تتجاوز احتمالاته 20%، وفي حال تنفيذه سيكون خفضًا محدودًا يتراوح بين نصف نقطة مئوية ونقطة واحدة فقط، للحفاظ على نهج التراجع التدريجي دون الإضرار بالمستهدفات الخاصة بالتضخم.
وتوقع الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد معطي أن البنك المركزي يمتلك مساحة مريحة لخفض الفائدة بنسبة تصل إلى 1%، اعتمادًا على أن الفائدة الحقيقية ما تزال في نطاق إيجابي قوي.
وقال معطي لـ"العين الإخبارية" إن سعر الفائدة الحالي البالغ نحو 22% مقابل معدل تضخم يبلغ 12.5% يخلق فجوة آمنة تقارب 9.5%، تسمح بإجراء خفض دون الإضرار باستقرار الأسعار.
وأشار إلى أن خفض الفائدة ينعكس على عدة قطاعات، إذ يسهم في تنشيط الاستثمار وتقليل تكلفة الاقتراض وتخفيف أعباء الدين على الموازنة العامة، بالإضافة إلى دعم قطاعات رئيسية مثل العقارات والصناعة. كما أن اتجاه الفيدرالي الأمريكي لخفض الفائدة يخلق مناخًا دوليًا مناسبًا لمثل هذا القرار.
وأكد معطي أن تحسن موارد النقد الأجنبي، سواء من التحويلات أو السياحة أو الصادرات، يعزز قدرة الاقتصاد على استيعاب أي خفض إضافي في الفائدة دون التعرض لضغوط واسعة، ما يمنح المركزي هامشًا للحركة في اجتماعاته المقبلة.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTU4IA==
جزيرة ام اند امز