بعد قرار ديبي.. نجامينا مستمرة في مكافحة الإرهاب بالساحل الأفريقي
الرئيس التشادي إدريس ديبي أكد منذ يومين أن جيش بلاده لن يشارك مستقبلا في أي عملية عسكرية خارج أراضي تشاد
أكدت الحكومة التشادية، الأحد، أن جيشها سيواصل المشاركة في الجهود الإقليمية لمحاربة الإرهاب، وفي بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في مالي.
ويأتي التأكيد بعد يومين من تصريحات للرئيس التشادي إدريس ديبي، أكد خلالها أن جيش بلاده لن يشارك مستقبلا في أي عملية عسكرية خارج أراضي تشاد، ما أثار ردود فعل متباينة بين مؤيد للقرار، حماية لأرواح الجنود التشاديين، ومنتقد لخطوة من شأنها أن تؤثر سلبا على جهود مكافحة الإرهاب، خصوصا جماعة "بوكو حرام" المسلحة، في حوض بحيرة تشاد.
وقال متحدث باسم الخارجية التشادية إن "تصريحات الرئيس أخرجت من سياقها، ووقع تفسيرها وتأويلها بشكل خاطئ".
وأضاف المتحدث في بيان نقل فحواه إعلام فرنسي: "لم يكن من الوارد أبدا بالنسبة لتشاد الانسحاب من القوة المختلطة متعددة الجنسيات ضد بوكو حرام، ولا من القوة المشتركة لدول الساحل الخمس، أو من بعثة الأمم المتحدة في مالي".
والجمعة، تحدث الرئيس التشادي عن مقتل جنوده "من أجل بحيرة تشاد والساحل"، معلنا أنه "بدءا من اليوم، لن يشارك أي جندي في أي عملية عسكرية خارج تشاد".
وتعد تشاد التي تمتلك واحدا من أكثر الجيوش الأفريقية قوة، عنصرا فاعلا ومحوريا في الحرب على التنظيمات المتشددة والمسلحة الناشطة في الساحل الأفريقي وفي محيط بحيرة تشاد، كما أنها أحد المسهمين الرئيسيين في عملية حفظ السلام الأممية في مالي.
ما وراء التضارب
إعلان ديبي انسحاب قوات بلاده من العمليات الخارجية ضد الإرهاب، والتصريح المضاد له من قبل حكومته، وإن جاء مدثرا بعباءة دبلوماسية تحاول عدم إظهار التباين بين الموقفين على أنه انعكاس إما لخلافات جوهرية حاصلة بين رأسي السلطة التنفيذية، أو لإخفاء موقف قد يكون انفعاليا أو متسرعا، فإن كل ما تقدم يكشف في النهاية كواليس غير معلنة، لكن ليست داخلية كما يتخيل البعض، وإنما خارجية.
خبراء يشيرون إلى انعدام الثقة بين تشاد ونيجيريا، حيث دخل جيش البلد الأول إلى الأراضي النيجيرية وترك عددا من جنوده فيها للتأكد من أن نظيره لن يطلق سراح سجناء من "بوكو حرام"، وهذا ما أشار إليه ديبي في مقطع فيديو بثه التلفزيون التشادي الرسمي.
وقال الرئيس التشادي إنه يتعين على ضباطه التأكد من أن الجيش النيجيري لن يطلق سراح سجناء من الجماعة المسلحة ممن سيعودون بعد ذلك لمهاجمة تشاد، ويؤكد أن بلاده كانت وحدها في هذه الحرب في مكافحة الإرهاب.
تحليل يعتبره خبراء في الشأن الأفريقي سليما إلى حد ما، ففي مطلع أبريل/ نيسان الجاري، أعلنت تشاد إرسال جنود إلى النيجر ونيجيريا في إطار عملية مكافحة "بوكو حرام"، بعد أيام من مقتل نحو مئة عسكري تشادي على يد التنظيم المسلح.
حصيلة ثقيلة للجيش التشادي جعلت الرئيس يطلق عملية عسكرية قادها بنفسه في منطقة بحيرة تشاد، تحت اسم "غضب بوما"، شكلت ردا انتقاميا على أكبر خسارة تتكبدها نجامينا في حربها ضد مسلحي بوكو حرام.
وبالفعل، نجحت العملية التشادية في بث الرعب في جزء من التنظيم الإرهابي، ما أجبر عناصره على الفرار والتشرذم في أجزاء مختلفة بالمنطقة، وهذا ما أكده باباجانا زلوم، حاكم إحدى الولايات النيجيرية، بقوله إن "كثيرا من مسلحي بوكو حرام يفرون من ضفاف بحيرة تشاد ويصلون تباعا إلى شمال ولاية بورنو (شمال شرق) وقريبا إلى جنوبها، وعلينا أن نستعد للتصدي لهم".
والخميس، حاول مسلحو التنظيم اقتحام معسكر للجيش النيجيري في منطقة جامبورو بولاية بورنو، إلا أنهم تكبدوا خسارة فادحة.
التزام نجامينا على المحك
شهد الوضع في الساحل الأفريقي تدهوراً خطيراً في عام 2019، وتم الإعلان عن تمركز الجيش التشادي فيما يسمى المنطقة الثلاثية على حدود مالي والنيجر وبوركينا فاسو في بداية العام الجاري، وذلك بعد العديد من المناقشات.
وعقب قمة جمعت، في 13 يناير/كانون الثاني الماضي، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقادة دول الساحل الأفريقي الخمس (مالي وبوركينا فاسو والنيجر وموريتانيا وتشاد)، في مدينة "باو" جنوب غربي البلد الأوروبي، التزمت نجامينا بإرسال كتيبة إضافية تتألف من 480 رجلاً إلى المنطقة.
وفي المنطقة التي تحارب فيها الدول الخمس الإرهاب من خلال قوة عسكرية تشكلت في مايو/ أيار 2015، إلى جانب عملية "برخان" العسكرية الفرنسية، كان نشر نجامينا للكتيبة الإضافية مشروطا بحصولها على دعم مالي مقابل ذلك، وفق ما أكدته مصادر متطابقة.
لكن يبدو أن الحكومة التشادية لم تحصل على المساعدات الموعودة، وهذا ما لم يخفه ديبي في أكثر من مناسبة، وقد يكون من الأسباب التي جعلته يعلن قراره المثير للجدل قبل يومين.