مكافحة الإرهاب والتنمية.. أبرز ملفات الحكومة المصرية الجديدة
4 تحديات سياسية تواجه حكومة مدبولي
في ظل مطالبات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي للحكومة بضرورة ضبط الأمن وتحسين مستوى الخدمات المقدمة، تواجه حكومة مدبولي تحديات كبرى.
مواجهة الإرهاب، حماية الأمن القومي، دعم السياسيات الخارجية والتنمية الاقتصادية.. 4 محاور رئيسية يتضمنها برنامج عمل الحكومة المصرية خلال السنوات الأربع المقبلة.
وقدم مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء المصري، برنامج الحكومة أمام مجلس النواب المصري، الثلاثاء، مشيرا إلى الأهداف الاستراتيجية التي تسعى الحكومة لتنفيذها، من أجل تحسين معيشة المصريين، وحماية الأمن القومي المصري ودعم سياسة البلاد الخارجية.
وفي ظل مطالبات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بضرورة ضبط الأمن واتباع خطوات الإصلاح الاقتصادي وتحسين مستوى الخدمات المقدمة، تواجه حكومة مدبولي تحديات كبرى، كشف عنها مجموعة من الخبراء لـ"العين الإخبارية"، في استطلاع خاص، مشيرين إلى أن حزمة البرامج المطروحة من قبل الحكومة تتطلب استحداث الآليات الملائمة لتنفيذها على أرض الواقع.
الإرهاب التحدي الأكبر
يرى اللواء طيار أركان حرب هشام الحلبي، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أن "الإرهاب والتطرف تحديان أمام الرئيس السيسي في ولايته الجديدة والحكومة الجديدة، خاصة أن مصر عاشت خلال السنوات الأربع الماضية حربا ضروسا ضد الجماعات الإرهابية"، مؤكدا نجاح الأجهزة الأمنية المصرية في مواجهة الإرهاب خلال الفترة الماضية.
وأضاف: "السيطرة الأمنية الكاملة على الحدود وبالداخل، لا تعني انتهاء الحرب ضد التطرف، وتظل مواجهة الإرهاب ملفا رئيسيا وتحديا كبيرا أمام الحكومة المصرية، نظرا لوقوع مصر في المنطقة العربية المشتعلة بالصراعات السياسية والعسكرية".
وتابع الحلبي "التطرف هو المربع الذي يسبق الإرهاب، ومصر تمضي في مسارين؛ أحدهما داخلي والآخر خارجي لمواجهة هذا الخطر، المسار الداخلي يتعلق بقطع شوط كبير في السيطرة على الإرهاب، بينما يتطلب القضاء على التطرف وقتا أطول"، مشيرا إلى أن مكافحة الإرهاب لا تتطلب المجهود الأمني فقط، بل تحتاج إلى تنسيق جميع أجهزة الدولة، كونه خطرا عالميا عابرا للحدود والقارات بحُكم تكنولوجيا الاتصال الحديثة.
وصنّف الخبير العسكري، خطة مواجهة الإرهاب إلى 3 مسارات، يتلخص الأول في مساعدة دول الإقليم والتعاون معها سياسيا ودبلوماسيا، لإيجاد حلول بشأن فرض حالة الاستقرار في الأزمات السورية والليبية واليمنية، بينما يتركز المسار الثاني على التعاون المباشر مع الدول الأوروبية، خاصة أن الإرهاب ظاهرة عالمية لا دين لها ولا وطن.
وشمل المسار الثالث التدريبات العسكرية المشتركة التي تنفذها مصر مع دول المنطقة، إضافة إلى الدول الأوروبية في نطاق البحرين الأبيض المتوسط والأحمر، ما يعني تبادل الخبرات في مواجهة الأخطار وتحديدا الإرهاب.
وحول مؤشرات نجاح مصر في ضبط الأمن ومحاربة الإرهاب خلال الولاية الأولى للسيسي، أكد الحلبي أن مصر تحقق معدلات تنمية واضحة في سيناء شمال، شرق مصر، والمناطق الحدودية الأخرى، ما يشير إلى نجاح الجيش والشرطة في مواجهة الإرهاب، خاصة أن مصر تعد الدولة الوحيدة التي تواجه التطرف بالتنمية بجانب المواجهات العسكرية.
وأضاف: "وعلى المستوى الخارجي، استطاعت مصر إقناع دول الساحل والصحراء للتعاون معا للحرب ضد الإرهاب، وأنشأت القوات المسلحة المصرية مركزا إقليميا لمكافحة الإرهاب لدول الساحل والصحراء"، مشددا على أن مصر لديها القدرة لمجابهة الإرهاب.
وتشهد مصر جهودا أمنية كبيرة على مدار الفترة الماضية، وفي فبراير/شباط الماضي، أطلقت القوات المسلحة المصرية، عملية سيناء 2018 لمحاربة الإرهاب، محققة إنجازات كبيرة باستهداف وتدمير مخازن وخنادق مجهزة للعناصر الإرهابية لتهريب الأسلحة، إضافة إلى استهداف عناصر تكفيرية شديدة الخطورة.
ونجحت وزارة الداخلية المصرية، في ضبط وحفظ الأمن بالشوارع المصرية، مؤكدة أن التعاون المستمر بين المصريين وقوات الشرطة أسهم في تفعيل أولويات الوزارة المتعلقة بإرساء قواعد الأمن وحماية المنشآت الحيوية ومؤسسات الدولة المصرية.
السياسة الخارجية
منذ 30 يونيو/حزيران 2013، يقع على عاتق الإدارة المصرية مسؤولية استعادة مصر مكانتها من جديد بين دول العالم، خاصة فيما يتعلق بالأزمات التي تعيشها المنطقة العربية في الوقت الراهن.
ويرى الخبير الدولي، أيمن سمير، أن العلاقات المصرية – الروسية تصبح الفرصة العظيمة لمصر على جميع الأصعدة الأمنية والسياسية والاقتصادية والسياحية، خاصة أن روسيا أصبح لها دور رئيسي في المنطقة وتحديدا الأزمة السورية.
وأوضح الخبير الدولي، أن التعاون الأمني والمعلوماتي بين مصر وروسيا، يصبح عنصرا مهما لمجابهة تسلل العناصر الإرهابية العائدة من العراق وسوريا إلى بلادها، مشيرا إلى أن التعاون في الجانب الاقتصادي والسياحي يصب في صالح مصر.
وتابع بقوله: "السوق الروسية تمتلك إمكانيات لاستقبال المزيد من الصادرات والخدمات والسلع المصرية، إضافة إلى أن مصر الوجهة السياحية المفضلة لروسيا".
الملف المائي
تصبح إشكالية الملف المائي أزمة كبرى تواجه الحكومة، خاصة فيما يتعلق بمفاوضات سد النهضة مع إثيوبيا.
وفي هذا الإطار، قال طارق فهمي،أستاذ العلوم السياسية، إن "التحدي المائي مع دول الجنوب يعد ملفا دقيقا وخطيرا، خاصة أن الأزمة لا تكمن في بناء سد النهضة، بل الأمر يتعلق برغبة دول أخرى في بناء سدود ما يصعّب المعادلة على الجانب المصري".
ووجد أستاذ العلوم السياسية أن مصر لديها القدرة على إدارة المفاوضات مع الجانب الإثيوبي فيما يتعلق بسد النهضة، وتصبح إدارة المشاورات والمفاوضات مسؤولية لدى الوزارات المصرية المعنية بالأمر، بجانب مسؤوليتها الكبرى في الملف المائي.
واتفق سمير مع التحليل السابق، مؤكدا حنكة ورؤية الإدارة المصرية للتعامل مع ملف سد النهضة، ودعم العلاقات مع دول حوض النيل للحفاظ على حصة مصر من المياه، إضافة إلى تعظيم الفائدة من المياه في مشروعات مشتركة معها.
وفي مارس/آذار 2015، وقعت الدول الثلاث مصر وإثيوبيا والسودان على إعلان مبادئ يلزم إثيوبيا باحترام قانون البحار الدولي وقواعد القانون الدولي، إضافة إلى متابعة المكتب الاستشاري بمواصفات السد وقواعد ملء خزان السد وتشغيله السنوي بعد انتهاء دراسات مشتركة.
ملف التعليم
وحول خطة وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، أشادت ماجدة نصر، عضو لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس النواب، بخطوات الوزارة لتطوير خطة التعليم الفني، موضحة أن مواكبة التطور التكنولوجي وتنمية مهارات الطلاب جزء رئيسي من دور المؤسسات التعليمية.
كما أوضحت نصر، أن الخطة الموضوعة تزيد من تحدي إصلاح التعليم في مصر، ملمحة إلى أن نسبة نجاح الخطة في البداية لن تكون كبيرة.
وصنّفت التحديات إلى 4 مستويات، قائلة "الاعتماد على طرق تقليدية في التعليم طوال العقود الماضية في مصر، يتطلب المزيد من الوقت لاستيعاب المؤسسات التعليمية برنامج تطوير التعليم، خاصة أن هناك مقاومة لدى البعض في تقبل التغيير"، مشيرة إلى أن تدريب وتأهيل المعلمين تحدٍ كبير أمام الوزارة، نظرا لارتباط الأمر بظاهرة الدروس الخصوصية.
وتطرقت عضو مجلس النواب، إلى ضرورة تأهيل المدارس والبنية التحتية لاستقبال منظومة التعليم الجديدة المعتمدة بالأساس على التكنولوجيا، موضحة أن استخدام الأجهزة اللوحية وإعداد بنية تحتية قوية بالمدارس يتطلب مزيدا من المجهود والوقت لتنفيذ الخطة.
وفي وقت سابق، أعلن وزير التعليم المصري تعديل نظام الدراسة بالمرحلة الثانوية، خاصة فيما يتعلق بتأدية الامتحانات والمناهج، والاستعانة بالأجهزة اللوحية بدلا من ورقة الإجابة.
وحول البحث العلمي، أشارت نصر إلى ضرورة وجود استراتيجية لدراسة متطلبات سوق العمل، خاصة أن عدد الخريجين المؤهلين لسوق العمل قليل، مؤكدة ضرورة تطوير المناهج وتزويد الطلاب بالتدريبات.
وفي الوقت نفسه، أكدت أهمية الاطلاع على تجارب دول أخرى في تطوير التعليم والبحث العلمي، والاستعانة بالمناهج المترجمة في المراحل الجامعية وإعداد البحث العلمي.
وشدد السيسي في توجيهاته لحكومة مصطفى مدبولي، على ضرورة مراعاة ملف التعليم بما يتناسب مع التطور التكنولوجي، وإعداد خريجين قادرين على الالتحاق بسوق العمل.