ترامب ووقف حرب غزة.. «الألغام» أكبر من الوعد
رغم تعهد ترامب خلال حملته الانتخابية بإنهاء حرب غزة، إلا أن «الألغام» المدفونة في القطاع تبدو أكبر من وعد الرئيس المنتخب.
وبعد أكثر من عام من الحرب في غزة التي أسفرت عن مقتل أكثر من 40 ألف فلسطيني وتدمير المنطقة، فضلا عن امتداد الحرب إلى لبنان، يأتي فوز ترامب ليسلط الضوء على تعهده بإنهاء النزاع.
وحتى لو كان ترامب جادا، فإن فرص إنهاء حرب إسرائيل مع حماس في غزة لا تزال ضئيلة، ومن المرجح أن يستمر القتال، وذلك وفقا لما ذكرته مجلة "فورين بوليسي" في تحليل لها طالعته "العين الإخبارية".
تحديات
أشار التحليل إلى مجموعة من التحديات التي يواجهها ترامب، حيث تعتقد إسرائيل أنها في ذروة قوتها.
وبالتالي فإنه حتى لو عرضت حركة حماس صفقة تبادل الأسرى مقابل انسحاب القوات الإسرائيلية (وهو جوهر مقترحات وقف إطلاق النار التي قدمت منذ بدء الحرب العام الماضي) بشروط ملائمة لتل أبيب، فمن غير المرجح أن يوافق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على ذلك.
ولقد قضت إسرائيل على قيادة حماس وعطلت الكثير من قدراتها العسكرية، ورغم أنها لم تدمر الحركة تماما، كما تعهد نتنياهو، فإنها تتراجع، فيما يؤكد رئيس الوزراء الإسرائيلي أن أي وقف لإطلاق النار سيسمح لحماس باستعادة قوتها.
ويبدو أن إسرائيل استقرت على صراع طاحن في غزة بهدف إبقاء حماس ضعيفة، حتى لو منع ذلك أي صفقة سياسية في القطاع من شأنها أن تنهي المعاناة هناك.
في المقابل، وعلى الجانب الفلسطيني، فإن السلام بات أمرا صعبا بعدما قتلت إسرائيل قادة حماس مثل إسماعيل هنية، ويحيى السنوار، ومحمد الضيف، وغيرهم فضلا عن العديد من القادة من المستوى الأقل وهو ما أسفر عن فراغ قيادي في الحركة خاصة في غزة.
ومن غير الواضح ما إذا كانت القيادة الخارجية لحماس لها أي تأثير على مقاتلي الحركة المتبقين داخل القطاع، وفي الوقت نفسه فإن أي زعيم في غزة يحاول تعزيز سيطرته هناك سينتهي به الأمر على الأرجح إلى تلقي ضربة صاروخية إسرائيلية.
وبعيداً عن غياب الزعامة، فإن الافتقار إلى الوحدة الفلسطينية بشكل عام يجعل من الصعب على أي طرف فلسطيني آخر أن يتولى زمام الأمور في غزة في حالة وقف إطلاق النار.
كما أشارت إسرائيل إلى أنها لا تثق كثيراً في السلطة الفلسطينية التي تحكم الضفة الغربية بقيادة الرئيس محمود عباس.
ورغم اتخاذ السلطة الفلسطينية وحماس خطوات لوضع التنافس الدائم بينهما جانباً والسماح لحكومة تكنوقراطية بتولي السلطة في غزة، فإن أي قيادة فلسطينية بديلة ستكون بحاجة إلى الاعتماد على دعمهما، أو على الأقل موافقتهما، لإدارة القطاع.
وفي الوقت نفسه من غير المرجح أن تتسامح إسرائيل مع أي وجود لحماس حتى لو كان صغيرا.
وهناك أيضا تحديات تتعلق بعملية الوساطة في ظل التقارير التي تشير إلى وقف قطر لوساطتها وطرد ممثلي حماس من الدوحة.
وفي حين كان الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن أكثر استعدادا من ترامب للضغط على إسرائيل، فإنه لم يكن قادرًا على التفاوض على وقف إطلاق النار.
دائرة ترامب
حتى الآن، فإن الأشخاص الذين أعلن ترامب ترشيحهم للمناصب المهمة مثل السيناتور ماركو روبيو الذي اختاره الرئيس المنتخب في منصب وزير الخارجية هم من المؤيدين الأقوياء للمواقف الإسرائيلية المتشددة.
وبالتالي، فقد يشرف هؤلاء على استسلام حماس لكن من غير المرجح أن يتقدموا بمطالب صعبة للحكومة الإسرائيلية.
وفي الداخل الإسرائيلي، اتجهت الحكومة اليمينية المتطرفة إلى اليمين أكثر حيث أقال نتنياهو الأسبوع الماضي وزير الدفاع يوآف غالانت، وهو الرجل الذي فضل دائما التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع حماس.
وفي حين يعتقد نتنياهو بوضوح أن تخفيف الضغوط على حماس سيسمح للحركة باستعادة قوتها، فإن إنهاء القتال سيؤدي أيضًا إلى محاسبته سياسيا حيث يتحد معارضو رئيس الوزراء الإسرائيلي مع الأشخاص الذين يحملونه المسؤولية عن هجوم حماس على جنوبي إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وفي الواقع، تبدو سياسة نتنياهو المتمثلة في مواصلة الحرب في غزة وتوسيع الصراع في لبنان وتدمير حزب الله هناك شعبية وقد يكون رئيس الوزراء الإسرائيلي في وضع سياسي غير جيد اليوم، لكنه يظل أفضل بكثير من وضعه في مواجهة منافسيه قبل عام.
حالة حرب
بحسب المجلة نفسها، تكشف تصرفات الجيش الإسرائيلي على الأرض بشكل واضح عن نية إسرائيل البقاء في حالة حرب مع بناء مواقع محصنة على طول ممر نتساريم، وتقسيم غزة لإعاقة حركة حماس وزيادة قدرة القوات الإسرائيلية والاستمرار في ملاحقة مقاتلي حماس.
لكن تل أبيب تبدو مترددة في نشر أعداد كبيرة من القوات في غزة، مع تجنب الحكم المباشر حيث نشرت مؤخرًا عدة آلاف فقط من الجنود.
وترى المجلة أن الوضع الراهن قد يكون هو المستقبل الأكثر ترجيحاً بالنسبة لغزة، فرغم الإنهاك الذي يعاني منه الجيش والمجتمع الإسرائيليان بسبب أكثر من عام من القتال، ورغم معاناة الفلسطينيين في القطاع من أزمة إنسانية هائلة، فإن الجهد المطلوب لإبقاء الحرب مستمرة في غزة محدود مقارنة بما كان عليه قبل عام.
وعلى النقيض من ذلك، فإن تحقيق السلام يتطلب استسلام حماس، ووجود وسطاء فاعلين فضلا عن حرص إسرائيل على إنهاء الحرب وكل هذه العناصر مفقودة وبالتالي فإنه مهما كان طموح الإدارة الجديدة فإنها ستجد صعوبة في خلق السلام في ظل هذه الظروف.