ثريات جامع الشيخ زايد الكبير.. تحفة تجمع بين أصالة التصميم وحداثة التقنيات
يحتوي جامع الشيخ زايد الكبير في أبوظبي، على 7 ثريات مميزة وفريدة من نوعها تتناغم مع فنون العمارة الإسلامية في الجامع.
وتحظى هذه الثريات باهتمام الزوار من مختلف أنحاء العالم.
وبهدف الحفاظ على هذه التحفة الفنية، نفذ مركز جامع الشيخ زايد الكبير خطة صيانة تهدف لتحقيق استدامة عناصرها والتي تم إنجازها وفق خطة عمل دقيقة، تحت إشراف نخبة من المهندسين الإماراتيين العاملين في المركز من ذوي الخبرة والكفاءة، وفريق عمل ضم 45 عضوًا بين مدير للمشروع، ومشرف للموقع، ومهندسين متخصصين، وفنيّين، ومشرفي صحة وسلامة.
واستمرت أعمال الصيانة لمدة شهر ونصف، بواقع 12 ساعة يوميًا عدا أيام "الجمعة" من الساعة 7:30 صباحًا إلى 7:30 مساءً، شاملة تحديث نظام عمل الثريا بشكل كامل.
تحفة إبداعية
وقال سالم السويدي، مدير إدارة الخدمات المساندة في مركز جامع الشيخ زايد الكبير: "يأتي مشروع صيانة ثريات جامع الشيخ زايد الكبير استكمالًا للخطط الاستراتيجية لتحقيق استدامة جماليات الجامع ومقتنياته لاسيما ثريات الجامع التي تحظى بعناية خاصة مستمرة باعتبارها تحفة إبداعية تتكامل بتفاصيلها مع جماليات الجامع وروح الأصالة".
وأضاف أن أعمال صيانة ثريات الجامع تمت وفق أحدث المعايير العالمية كونها واحدة من أكثر ما يثير اهتمام وانتباه الزوار داخل الجامع، معربًا عن فخره واعتزازه بمساهمة كوكبة من الكفاءات المواطنة في تنفيذ هذا المشروع، وحرصهم على متابعة أدق التفاصيل الهندسية واتباع أرقى معايير الجودة العالمية بالصورة التي تليق بمكانة هذا الصرح العالمي المتميز والدور الفريد الذي يقوم به كأهم واجهة حضارية وإسلامية لدولة الإمارات.
وشمل المشروع تطوير نظام المشغلات الكهربائية، وإنشاء شبكة للدوائر الكهربائية، مرتبطة بنظام التحكم بالإنارة في الجامع - من مخرج واحد- بحيث يمكن التشغيل والإطفاء وتغيير درجة التعتيم، مباشرة من نظام التحكم في غرفة المراقبة ، مما يزيد العمر التشغيلي لوحدات الإنارة، ويحد من أي احتمال لهدر الطاقة الكهربائية، ويقلل كذلك من الانبعاثات الحرارية الناتجة عن تشغيل المكونات الكهربائية، وتقليل فرص الأعطال المحتملة.
كما شمل أيضا تطوير إضاءة الثريات، حيث تم استبدالها بشكل كلي، بإنارة "LED" المصممة خصيصًا في جمهورية التشيك لثريا الجامع بأحجام مختلفة، وألوان خاصة تتوافق مع ألوان الجزء السفلي -الكرات الكريستالية- ليمنح الناظر انعكاسًا خاصا وواضحًا من تلك الكرات بالألوان الأحمر، والأصفر، والأخضر.
ويرتبط كل جزء من أجزاء إنارة الثريا، بمحول كهربائي، لتوفير مصدر طاقة خاص من خلال كابلات الطاقة المتوفرة أعلى الثريا، وموزع شارات التحكم، مما يتيح التحكم بشدة إضاءتها.
وتم فحص جميع حوامل الكريستال والروابط المتداخلة للتأكد من قدرتها على حمل الكريستال والمواشير في بعض أجزاء الثريا والألواح الزجاجية في عنق وتاج الثريا ومقارنة وزن القطع بقوة الرابط، وتم الفحص الكلي للمكونات الإلكترونية والكهربائية ونظام التعتيم "Dimming System" الخاص بكل الثريا.
تعزيز الجانب الجمالي
يذكر أن مركز جامع الشيخ زايد الكبير يبذل جهودًا كبيرة ومتواصلة لإبراز وتعزيز الجانب الجمالي لجامع الشيخ زايد الكبير في العاصمة الإماراتية أبوظبي، ومقوماته المعمارية التي جعلته وجهة للملايين الذين يقصدونه سنويا من مختلف أنحاء العالم، لاسيما أنه مثال للعمارة الإسلامية بتنوع جمالياتها، ما يعزز على الجانب الآخر دوره في مد جسور التقارب والتواصل مع مختلف ثقافات العالم.
يأتي ذلك في إطار النهج الحكيم الذي تنتهجه دولة الإمارات في ترسيخ مبادئ التسامح والتعايش والاحترام المتبادل بين الحضارات المختلفة، وتجسيدًا للاهتمام الذي توليه قيادة دولة الإمارات للجانب الثقافي لاسيما العمارة الإسلامية التي تظهر تفاصيلها جلية في عمارة الجامع.
وصممت جماليات جامع الشيخ زايد الكبير في انسجام وتناغم، تتكامل من خلاله العناصر الفنية بصورة تمنحها خصوصية وجمالية فريدة، حيث تتكامل جماليات تصميم الثريات مع التصميم الميدالي والزخرفي على السّجادة التي تعلوها تماما، مشكّلة لوحة فنية تتكامل بصورة إبداعية، حيث تتدلى قطع الكريستال كقطرات ملونة، توشك أن تتساقط على السجادة، التي تبدو بدورها كحوض ماء يعكس الألوان.
وتتدلى من القباب الثلاث داخل قاعة الصلاة الرئيسية في الجامع 3 ثريات كريستالية ضخمة، متشابهة في التصميم، أكبرها في الوسط، إضافة إلى 4 ثريات تصغرها حجمًا، تتوزع في كل من قاعة كبار الشخصيات، وقاعة الزهور والقاعتين الجانبيتين للقاعة الرئيسة.
واستوحي تصميم ثريا القاعة الرئيسية في الجامع من النخلة، حيث تحاكي شجرة النخيل المقلوبة، فيمثل الجزء الأسطواني جذع النخلة، ويمثل الجزء المتشابك المقعر السعف، أما الكريات الكريستالية بالألوان الأحمر، والأصفر، والأخضر فتمثل الرطب، وفي ذلك ما يوحي بالقيم النبيلة التي عرف بها مجتمع دولة الإمارات كالأصالة والكرم، والعطاء الذي رسخه الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، في نفوس الأجيال.
وعملت شركة فوستيج على صنع جميع ثريات الجامع في ميونيخ بألمانيا، واستخدم في صناعتها الفولاذ المذهّب المقاوم للصدأ، والذهب المجلفن عيار 24 قيراطًا في عملية التذهيب، ورُصّعت صفائح الثريات بكريستال سواروفسكي، أما كرات الكريستال المستخدمة في تصميم الثريا بألوانها الأخضر والأحمر والأصفر فيبلغ عددها نحو 40 مليون قطعة، تضفي أضواؤها المتلألئة جمالية خاصة على المصلى بأكمله.
7 ثريات مختلفة
ويصل عدد ثريات الجامع إلى سبع ثريات مختلفة في الأحجام والألوان.
يبلغ وزن الثريا الكبرى في القاعة الرئيسية قرابة 12 طنًا، ويبلغ قطرها 10 أمتار، أما ارتفاعها فيبلغ 15 مترًا ونصف، وتحتوي الثريا الكبرى على 15,500 صمام إضاءة (LED)، وزودت الثريا بسلم لولبي في جذع الثريا بغرض تمكين المتخصصين من تسلقه، للقيام بأعمال تنظيف الثريا، أو إصلاح الأعطال إن وجدت، وذلك من خلال خفض الجزء الأوسط (الأسطواني)، لأمتار معينة، بحيث يقوم العمّال ببناء سقالة، ليدخل أحدهم في الجزء الأسطواني.
أما الثريتان الأصغر حجمًا في القاعة الرئيسية فيبلغ وزن كل منهما 8 أطنان بارتفاع 12.5 متر وقطر يبلغ 7 أمتار، كما تضمان 9,500 مصباح، مع سلم داخلي لأعمال الصيانة.
كما يضم الجامع ثريات بقطر 4 أمتار ونصف، وارتفاع 6 أمتار ونصف، ويبلغ وزنها طنين، أما أصغر ثريات الجامع، فيبلغ قطرها 3 أمتار ونصف، أما ارتفاعها 5 أمتار ونصف، بوزن 1.4 طن، وتضم الثريات الأصغر 1،200 مصباح، بينما تضم أصغر ثريات الجامع 1,000 مصباح.
ويلتزم المركز بصيانة الثريا بصورة دورية سنوية، وفق خطة معتمدة؛ تشمل أعمال تنظيف كافة أجزاء الثريا المصنوعة من الكريستال والزجاج باستخدام وسائل تنظيف خاصة لتجنب تلف الكريستال وللحفاظ على بريقه.
وتجري أعمال الصيانة لثريات الجامع بصورة تأخذ بعين الاعتبار كافة إجراءات الأمن والسلامة، إضافة إلى توفير حماية كاملة للسّجاد والرّخام في القاعة الرئيسية والقاعات الجانبية، ومجلس كبار الشخصيات، من خلال توفير طبقتي حماية متمثلة في سجاد حماية تعلوه طبقة من الخشب المضغوط في محيط المنطقة المراد نصب السّقالة عليها.
كما تم اعتماد آلية لنصب وفك السقالات وفق إجراءات الصحة والسلامة على يد متخصصين، وتحت إشراف أخصائيي الصحة والسلامة في المركز.
يذكر أن جامع الشيخ زايد الكبير، التابع لوزارة شؤون الرئاسة، يحظى برعاية ومتابعة من الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة في الإمارات.
وتأسس المركز ليكون نواة للحركة الثقافية والفكرية التي تتمحور حول الجامع، انطلاقاً من القيمة الثقافية والوطنية التي تعبر عن المفاهيم والقيم التي رسخها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، تلك القيم المتجذرة في الوجدان والوعي، والتي تشكل امتداداً للهوية الوطنية المستلهمة من تعاليم ديننا الحنيف.