قرار معطل يبدل الحال.. كيف يرى صندوق النقد والبنك الدوليان أفريقيا؟
أفريقيا ستؤوي بحلول 2030 قرابة 90% من الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع في العالم، ومتوقع ارتفاع عدد السكان لـ1,3 مليار نسمة.
يواجه صندوق النقد والبنك الدوليان، اليوم الأحد، الحاجة إلى استثمارات كثيفة في البنى التحتية للدول الأفريقية واستحداث وظائف للتصدي للفورة السكانية فيها، بموازاة تصديها لمخاطر التغير المناخي في منطقة عاجزة عن تحمل كلفتها.
المؤسسات الدولية ترى إقامة منطقة تبادل حر على صعيد القارة الأفريقية، قد يبدل الوضع في القارة التي يبلغ حجم سوقها 1,2 مليار نسمة ومجموع إجمالي ناتجها الداخلي 2.5 تريليون دولار.
- دراسة: أفريقيا تتفوق على آسيا في حجم القوى العاملة بنهاية القرن
- الإمارات تدعم مبادرات الابتكار والمشاريع في السنغال وغرب أفريقيا
قال رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس ملخصا المسألة في تصريحات سابقة "تظهر المشكلات بقدر خاص من الجلاء في أفريقيا".
وتشير آخر معطيات البنك الدولي إلى أن الفقر المدقع الذي يحدد بناء على عدد الأشخاص الذين يعيشون بما لا يتخطى 1,90 دولار في اليوم، انحسر بشكل كبير على مستوى العالم، متراجعا إلى 10% في 2015 بالمقارنة مع حوالي 30% في 1990.
لكنه ما زال في ارتفاع في أفريقيا جنوب الصحراء، حيث كان أكثر من نصف السكان في فقر مدقع قبل 4 سنوات.
وبحسب التوقعات، فإن هذه المنطقة ستؤوي بحلول 2030 قرابة 90% من الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع في العالم، في حين يتوقع أن يزداد عدد السكان في القارة في الفترة ذاتها بمقدار 1,3 مليار نسمة، أي بما يزيد عن نصف النمو السكاني في العالم.
ويتوقع صندوق النقد الدولي لعام 2019 نمو إجمالي الناتج الداخلي بنسبة 3,5% في أفريقيا، مقارنة بـ3% في 2018، لكن الصندوق حذر في أبريل/نيسان من أن التوسع الاقتصادي المسجل في السنوات الأخيرة لا يكفي لاستحداث الـ20 مليون وظيفة الضرورية كل سنة لاستيعاب الوافدين الجدد إلى سوق العمل.
وتشير أرقام البنك الأفريقي للتنمية إلى أن عدد السكان في سن العمل في أفريقيا سيزداد من 705 ملايين نسمة عام 2018 إلى نحو مليار بحلول 2030.
وشدد ديفيد مالباس منذ توليه رئاسة البنك الدولي في أبريل/نيسان على ضرورة مكافحة الفقر، وفي خطوة رمزية، اختار عندها زيارة مدغشقر وإثيوبيا وموزمبيق.
وعلق على الأرقام التي تشير إلى أن 700 مليون شخص ما زالوا يعيشون في الفقر المدقع، معتبرا أنهم "700 مليون شخص أكثر مما ينبغي".
وبعدما انتقد صراحة البنك الدولي حين كان لا يزال مساعدا لوزير الخزانة في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حدد هدفا لعمله على رأس المؤسسة المالية تحسين فاعليتها.
وفي سياق نهجه حيال الدول الأفريقية التي تعاني من ديون طائلة موروثة من أخطاء الماضي، يعتزم مالباس تشجيع "السياسات الصالحة"، مشددا على أنه "عامل أساسي" لجذب الاستثمارات الخاصة.
مضاعفة البنى التحتية
ويرى مسعود أحمد الذي عمل لفترة طويلة في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، أن ما يزيد من صعوبة التنمية في أفريقيا أنها عرضة لعواقب التغير المناخي.
وقال لفرانس برس "خلال السنوات العشرين المقبلة، سيكون الاقتصاد العالمي أكبر حجما بمرتين مما هو اليوم، وسيتحتم مضاعفة البنى التحتية التي نحتاج إليها لدعم هذا الاقتصاد".
لكن تنفيذ المشاريع الخاصة بهذا الهدف يجب أن يقترن بخفض انبعاثات الغازات المسببة للدفيئة بنسبة الثلث.
ويدعو مالباس في هذا السياق إلى وضع نهج خاص لكل دولة يستجيب بشكل أفضل للإشكاليات الملازمة لكل اقتصاد بشكل منفرد، ويوصي تحديدا بإزالة احتكار الدولة واعتماد إطار قانوني متين يتيح إنشاء مؤسسات واكتساب الكفاءات الضرورية لشغل الوظائف المستحدثة.
ويدعو صندوق النقد الدولي الدول الأفريقية إلى المضي في إقامة منطقة تبادل حر على صعيد القارة الأفريقية، ووقعت عشرون دولة حتى الآن الاتفاق الرامي إلى تنشيط المبادلات وبالتالي تحفيز النمو.
النزاعات المسلحة
ورأى صندوق النقد الدولي في الربيع أن "هذا الكيان الجديد قد يبدل الوضع في القارة" التي يبلغ حجم سوقها 1,2 مليار نسمة ومجموع إجمالي ناتجها الداخلي 2.5 تريليون دولار.
لكن تفاؤل المؤسسات المالية غالبا ما يصطدم بعودة النزاعات المسلحة التي طالت ثلث دول القارة في السنوات الأخيرة.
وبعد انحسار العنف في العقد الماضي، عاد عدد النزاعات وارتفع منذ 2010 مسجلا ذروة عام 2016 حيث طال 17 بلدا.
وبحسب تقديرات صندوق النقد الدولي، فإن هذه النزاعات ستتسبب بخسارة معدل 3 نقاط من إجمالي الناتج الداخلي في الدول التي تدور فيها.
وكانت منطقة أفريقيا جنوب الصحراء وحدها تؤوي عام 2017 عددا قياسيا من اللاجئين والنازحين قدره 18 مليون شخصا، بالمقارنة مع معدل 5 ملايين في ثمانينات القرن الفائت، بحسب أرقام المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة.