خدمة عبر الهاتف.. مطعم خيري لتوزيع الفطور على الصائمين في العراق
لم يدر في خلد حسام العزامي، حين أطلق قبل بضعة أعوام مشروعاً تطوعياً لإفطار صائمي رمضان في مدينة الفلوجة غرب العاصمة بغداد، أن الأمر سيأخذ بالاتساع شيئا فشيئاً ليصبح فيما بعد حديث الأهالي وقبلة الفقراء في محافظة الأنبار.
العزامي وهو في العقد الثالث من العمر، يجتهد في تقديم الخير للناس المعوزين والمضيومين في مدينته، التي أتعبها الإرهاب وعكر صفوة معيشة أهلها، في محاولة للتقرب إلى الله سبحانه بإطعام ضيوفه خلال شهر رمضان، حسب قوله.
ويؤكد العزامي -خلال حديثه لـ"العين الإخبارية"- أنه، وبرفقة زملاء متطوعين، يواصلون تقديم الطعام عبر مشروع خيري بعنوان "مطعم الخيرات"، عند بوابة مدينة الفلوجة.
وعادة ما نقدم وجبتين من الطعام في الإفطار والسحور، بعد أن توضع على الطريق العام وتكون متاحة لجميع المارة من الناس والكادحين والطبقات الفقيرة.
ورغم الأزمة المالية التي يعيشها العراق، منذ أكثر من 4 سنوات جراء انخفاض أسعار النفط، ومن ثم ظروف الإغلاق وجائحة كورونا، فإن مطعم الخيرات لا يزال يحظى بالكثير من المتبرعين بالأموال والاحتياجات الأساسية من مواد الطبخ والطعام.
يلفت العزامي إلى أن هنالك الكثير من الأخيار الذين لم ينقطع عطاؤهم في تقديم المساعدة لمشروع "إفطار صائم"، إضافة إلى كثرة من المتطوعين الذين يرغبون بتقديم الخدمات من خلال "مطعم الخيرات".
والفلوجة، مدينة تقع عند محافظة الأنبار وتبعد نحو 65 كم شمال غربي العاصمة بغداد، تعرف بكثرة المساجد والجوامع فيها، وأغلب سكانها قبائل وعشائر تقطنها منذ عشرات السنوات.
وحتى وقت قريب تكاد تخلو مدينة الفلوجة من أي مبنى فندقي للاستئجار والسكن، تماشياً مع تقاليد وعادات أهلها الذين يرون أن جميع بيوتهم مفتوحة للزائرين والضيوف القادمين.
وعاشت المدينة منذ 2003، أحداثا ساخنة عقب الاجتياح الأمريكي للعراق، وما تلا ذلك من سيطرة تنظيم القاعدة الإرهابي آنذاك ومن ثم احتلالها من قبل داعش إبان غزوه لمدن شمالي وغربي العراق.
وشهدت الفلوجة قبيل تحريرها عام 2016، موجة نزوح كبيرة باتجاه بغداد، فضلاً عن إلحاق الضرر الفادح بمعظم مبانيها التحتية ومرافقها العامة.
الفلوجة مائدة إفطار للجميع
يقول أحمد إسماعيل أحد أعضاء الفريق التطوعي في مطعم الخيرات، إن تقديم الوجبات للمتعسرين لا يقتصر على أبناء المدينة كما كان في بادئ الأمر، وإنما تعدى أن يكون لجميع الأهالي في المحافظة وحتى الوافدين من الأماكن الأخرى.
يقول إسماعيل إن "الاستعدادات لتجهيز الطعام تبدأ عادة عند حدود ساعات الظهر الأولى، ومن ثم نقوم بتنظيمها على شكل وجبات وسلات غذائية توضع في أماكن عامة بغرض التفطر بها من قبل الصائمين".
ويؤكد إسماعيل أنه وبعض الأصدقاء في فريق الخيرات عازمون على الاستمرار في هذا المشروع والتوسع في تقديم الخدمات وهو ما تم السير به من خلال العام الحالي.
وفي شهر رمضان الحالي، تم عمل قاعدة بيانات بأعداد الفقراء من المدينة وكذلك البقية من أبناء محافظة الأنبار بغرض تغطية جميع هؤلاء بالفطور والسحور المجاني.
ويسعى حسام العزامي، خلال أيام شهر رمضان الحالي، إلى توزيع 5 آلاف وجبة طعام يومياً، بخلاف السنوات الماضية التي كانت أقل من ذلك الرقم بكثير.
فطورك يوصلك للبيت
حتى رمضان الماضي، كان الأمر مقتصراً على توزيع الطعام على أهالي مدينة الفلوجة وعبر مقر الفريق التطوعي عند بوابة المدينة الرئيسة، لكن العام الحالي توزع مطعم الخيرات بين أحياء عدى حتى شمل بعض المحافظات المجاورة.
وعن ذلك التوسع الذي رافق العمل الخيري، يحدثنا بارق الدليمي، وهو أحد الطهاة في المطعم الخيري، ويعمل بشكل مجان، أنه جرى العزم على توسيع الرقعة الجغرافية للمناطق المشمولة بالوجبات المتيسرة للصائمين بعد أن لاقت ترحيباً وقبولاً كبيرين من قبل الأوساط العامة.
ويضيف الدليمي، أنه "تم وضع كرفانات متحركة وثابتة عند مداخل المدينة والمحافظة كذلك، تقوم بتقديم الطعام على الفقراء والعوائل المتعففة، مراعاة لبعد المسافة وصعوبة وصول الكثير من العوائل إلى المقر الرئيسي لمطعم الخيرات".
ولم يتوقف الأمر عند حدود ذلك، بحسب الدليمي، فقد تم فتح خطوط اتصال هاتفية عبر لوحات إعلانية موزعة في أماكن عدة لغرض تلقي الطلبات وإيصالها بعد أن تم توفير سيارات خاصة بذلك الشأن.
ويبين الدليمي أن فكرة عبارة "اتصل ليصلك إفطارك والسحور"، مكنت الكثير من العوائل المتعففة عناء الوصول والقدوم إلى بوابة المدنية خصوصاً لمن يشعر بالإحراج من ذلك الأمر.