تشارلز بين العرش والعائلة.. الملك يبحث عن رأب صدع «هاري»

وسط احتفالات الذكرى الثمانين لانتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، وزيارته المرتقبة إلى كندا، يجد العاهل البريطاني الملك تشارلز نفسه في مواجهة تحدٍ شخصي أكثر تعقيدا.
وتشير صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن رأب الصدع العائلي الذي تفاقم بعد نداء الأمير هاري، النجل الأصغر للملك، العاطفي للمصالحة، يُهدّد بتحويل فترة حكم تشارلز إلى رواية عن انقسام مَلَكي يهزّ صورة التماسك التي تُروج لها المؤسسة الملكية.
وقد أعادت تصريحات هاري الأخيرة - التي تساءل فيها عن "مدة بقاء والده المصاب بالسرطان" خلال مقابلة مع "بي بي سي"، فتح ملف العلاقات المتوترة داخل العائلة المالكة.
فبعد 4 سنوات من انسحاب دوق ساسكس وزوجته ميغان ماركل من المهام الملكية، لا تزال تداعيات "الانفصال الملكي" تطفو على السطح بين الحين والآخر، في وقت يُحاول فيه الملك تشارلز (76 عاماً) إدارة أزمتين متزامنتين: مرضه، وصراعه لترك إرثٍ مُوحّد.
ورغم النشاط الملحوظ للملك - الذي زار 5 دول خلال عامٍ واحد رغم تلقيه العلاح من السرطان- يُشير محللون إلى أن سردية "الأب المُثقل بانقسام أبنائه" طغت على إنجازاته.
ويقول المؤرخ إد أوينز: "عهد تشارلز لا يزال في مهده، لكن الخلافات العائلية تحجب رؤية مستقبله".
وتتزايد المخاوف من أن يُذكر حكمه بانقسامات تُناقض قيمه المعلنة مثل التسامح والشمول، خاصة مع تصاعد الحديث عن دور الأمير ويليام كـ"رجل دولة" بديل في ظل غياب شقيقه.
صراع الأمن.. قضية تفضح الخلافات الخفية
لم تكن تصريحات هاري حول "شعوره بعدم الأمان في بريطانيا" مجرد شكوى عابرة، بل كشفت عن خلافٍ قانوني عميق؛ فبعد حكم محكمة استئناف بريطانية برفض توفير حماية رسمية له، أعلن دوق ساسكس أن زياراته للوطن ستقتصر على المناسبات الرسمية فقط.
وردّ قصر باكنغهام ببيان حاد وصف القضية بأنها "مُبتذلة إعلامياً"، في إشارة إلى رفضه تحويل النزاع العائلي إلى دراما عامة.
في المقابل، يبرز الأمير ويليام كـ"رجل الساعة" في المشهد الملكي، فمن لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في باريس إلى تمثيل العائلة في جنازة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، يوسّع ولي العهد نطاق مهامه العامة، ويُركّز حالياً على مبادرة لمكافحة التشرد، بينما يحاول تجنب الانخراط في الجدل المناخي – الذي طالما ارتبط بوالده – وسط تصاعد الانقسامات السياسية حوله.
الصحة الملكية.. ساعة الرمل التي تُسرع التحضيرات
وقد أعادت الإقامة القصيرة لتشارلز في المستشفى في مارس/آذار الماضي – بسبب مضاعفات دوائية – تسليط الضوء على مسألة خلافته، فمع تقدم الملك في السن وصراعه مع السرطان، تزداد الضغوط على ويليام للاستعداد لتولي العرش في أي لحظة.
ورغم التأكيدات الرسمية بأن الملك "في حالة جيدة"، فإن جدول أعماله المكثف - الذي يتضمن زيارة كندا نهاية مايو/أيار الجاري - يُنظر إليه كإشارة إما لتعافيه أو لمحاولته ترك إرث سريع قبل فوات الأوان.
ومن المرجح أن تكون زيارة تشارلز إلى أوتاوا في 27 مايو/أيار الجاري اختباراً لدور الملكية في عصر التحديات الجيوسياسية.
ففي الوقت الذي يُفتتح البرلمان الكندي كرمز للوحدة التاريخية، تُواجه البلاد ضغوطاً أمريكية متصاعدة في ظل تصريحات ترامب حول "ضم كندا".
وهنا، يتحول الملك من رمزٍ تقليدي إلى أداة دبلوماسية لتعزيز التحالف عبر الأطلسي.
ورغم النجاح النسبي لتشارلز في تعزيز مكانة بريطانيا العالمية - عبر استضافة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ودعوة ترامب - يرى مراقبون أن مرضه أعاق خططه لإصلاح الملكية.
فقضايا مثل تقليص عدد أفراد العائلة المالكة العاملين، وتحديث البروتوكولات، لا تزال معلقة. وفي الخلفية، تستمر فضيحة شقيق تشارلز، الأمير أندرو - المتورط بعلاقات مع جيفري إبستين - في إثارة الأسئلة حول قدرة المؤسسة الملكية على تجاوز أزماتها.
وتبقى المعضلة الأكبر لتشارلز هي كيفية التوفيق بين دورين متعارضين: ملكٌ يسعى لتمثيل الوحدة الوطنية، وأبٌ عاجز عن جمع شمل عائلته.
aXA6IDMuMTUuMTY0LjIxOCA=
جزيرة ام اند امز