مومياوات أطفال من عهد أمنحتب الثالث تُعيد كتابة التاريخ (خاص)
في قلب وادي الملوك بالأقصر، وبين صخور الجبل التي احتضنت ملوك مصر القديمة، كشفت بعثة جامعة بازل السويسرية عن أسرار مقبرة غامضة.
تحولت هذه المقبرة إلى ما يشبه "غرفة الأسرار الملكية"، بعد أن تبين أنها تضم مومياوات لأبناء ملوك الأسرة الثامنة عشرة، من بينهم أطفال من عهد الفرعون أمنحتب الثالث، أحد أعظم حكام مصر القديمة.

ورغم معرفة المقبرة "KV40" منذ عقود، فإن تفاصيلها الحقيقية ظلت طي النسيان حتى بدأ مشروع جامعة بازل أعماله هناك.
وتمكن الفريق من اكتشاف أكثر من 80 مومياء محفوظة بعناية فائقة، تعود لنساء ورجال وأطفال من العائلة الملكية والمقربين من البلاط الفرعوني، ما يفتح نافذة جديدة على الحياة الاجتماعية داخل القصر الملكي في عصر الدولة الحديثة.
وللمرة الأولى في تاريخ وادي الملوك، أجرى العلماء تحليلات تأريخ بالكربون المشع على خمسة أجزاء موميائية وعشرين قطعة من لفائف الكتان التي كانت تلفها، إلى جانب فحوص كيميائية بتقنية "ATR-FTIR" للتأكد من خلوها من مواد عضوية خارجية أضيفت أثناء التحنيط.
وأظهرت النتائج المنشورة في دراسة بدورية "جورنال أوف آركيولوجيكل ساينس: ريبورتس"، والتي حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منها، أن المقبرة استخدمت لأول مرة بين عامي 1510 و1300 قبل الميلاد لدفن أبناء الملوك في عهد تحتمس الرابع وأمنحتب الثالث، ثم أعيد استخدامها بعد قرون في الفترة بين 869 و645 قبل الميلاد (الأسر 22–25)، ما يعكس استمرار قدسية المكان في ذاكرة المصريين القدماء.

ويؤكد الباحثون أن هذا الكشف يغيّر فهمنا لطبيعة وادي الملوك، إذ يبرهن أنه لم يكن حكرا على الفراعنة وحدهم، بل مثّل أيضا مثوى لأفراد أسرهم والمقربين من دوائر الحكم، كما تمثل نتائج الدراسة خطوة مهمة لفهم الروابط العائلية والطقوس الجنائزية التي اتبعها المصريون القدماء مع أبناء الملوك.
وبحسب الفريق السويسري، فإن "مقبرة KV40" تمثل أرشيفا صامتا للعائلة الملكية، يحمل في جدرانه وأكفانه تفاصيل إنسانية واجتماعية لم تُروَ من قبل، لتصبح بحق "غرفة الأسرار الملكية" التي أعادت كتابة فصل جديد من تاريخ وادي الملوك.