"طفل المرور".. جلسات تأهيل نفسي وقضاة مصر يتبرأون
تتسارع تطورات قضية الطفل نجل القاضي الذي تنمر واعتدى على شرطي مرور في مصر، هو ورفاقه، خلال قيادته لسيارة، معرضا حياته والآخرين للخطر.
وتم القبض على الطفل ثم أطلق سراحه، ثم تم القبض عليه مجددا، على خلفية فيديوهات تنمر جديدة، في أحدها يهدد شرطي بالتعدي عليه بالضرب.
وفي أحدث التطورات، أمر النائب العام المصري المستشار حماده الصاوي، مساء الإثنين، بإيداع نجل القاضي المعروف إعلاميا بـ"طفل المرور"، إحدى دور الملاحظة التابعة لوزارة التضامن المصرية لمدة أسبوع، لتقديم جلسات دعم وتأهيل نفسي له، وحبس من كانوا في صحبته احتياطيًّا على ذمة التحقيقات.
وأصدر مجلس إدارة نادي قضاة مصر، بيانا أكد فيه "رفض التصرفات التي صدرت من الطفل، والتي تستوجب المحاسبة والتقويم والرقابة، لكنه في الوقت يؤكد أن هذا التصرف الفردي لا ينبغي تعميمه على أبناء القضاة كفئة من فئات المجتمع".
يأتي هذا فيما كرم اللواء محمود توفيق وزير الداخلية المصري، شرطي المرور، الذي تم التنمر عليه تقديراً لتعامله الرشيد خلال تأديته لواجبه الوظيفي.
تفاصيل الواقعة
كانت قصة "طفل المرور" بدأت بانتشار مقطع فيديو على مواقع التواصل يظهر فيه الطفل (13 عاما) وهو يقود سيارة رفقة عدد من أصدقائه، ويوجه إهانات وتهديدات إلى رجل مرور مصري، قبل أن يصدم الطفل الشرطي عندما طلب منه إظهار رخصة السيارة وفر هاربا.
ورافق ذلك انتشار كبير للفيديو وتفاعل واسع في مواقع التواصل الاجتماعي ومطالب بالقبض على الطفل، الذي تبين إنه نجل قاض، حيث أعرب البعض عن مخاوفه من إفلاته من العقاب بسبب منصب والده، ولكن جاء رد النيابة قاطعا بأن الجميع سواسية أمام القانون.
وطلبت النيابة المصرية تحريات الشرطة حول المقطع المتداول موضوع التحقيق، والتي أسفرت عن تحديد فرد الشرطة المعتدَى عليه، وشخص الطفل المعتدِي، ومالك السيارة التي كان يستقلها بالكشف عن بيانات لوحاتها المعدنية.
وسألت النيابة العامة فرد الشرطة، الذي أكد أنه في ظهيرة يوم 26 أكتوبر/تشرين الأول، أُخطر من مواطنين بقيادة طفل سيارة برعونة في منطقة زهراء المعادي (القاهرة)، فاستوقف السيارة وتبين أن طفلًا يقودها بصحبة آخرين من ذات عمره.
وأشار بيان للنيابة المصرية، إلى أن الشرطي عندما سأل الطفل عن تراخيص السيارة والقيادة، فوجئ بتعدي الطفل ومَن معه عليه بالقول، وحين توجه لمقدمة السيارة لتدوين رقم لوحاتها المعدنية وتحرير مخالفة بالواقعة، فوجئ بتحرك الطفل بالسيارة مما أخل بتوازنه واصطدمت قدمه بباب السيارة، فدون رقم لوحاتها وحرر مخالفة بها، ثم جاءه الطفل قائد السيارة ومن معه لاحقًا للاعتذار إليه، فقبل اعتذاره نافيًا إصابته من الواقعة.
وباستجواب النيابة العامة المصرية الطفل قائد السيارة، وعمره 13 عامًا، فيما نُسب إليه من إهانته موظفًا عموميًّا (أحد رجال الضبط) بالقول أثناء وبسبب تأديته وظيفته، وتعديه عليه خلال ذلك، وقيادته مركبة دون الحصول على رخصة قيادة ودون حمل رخصة تسيير، قال إن السيارة التي كان يقودها خلال الواقعة مملوكة لصديق والده الذي اشتراها من الأخير.
وقال إنه يوم الواقعة وخلال تواجده بمسكن صديق والده، اختلس مفاتيح السيارة للتنزه بها من غير علم مالكها، ثم دعا أصدقاءه لصحبته، ولما التقوا فرد الشرطة استوقفه وسأله عن تراخيص السيارة والقيادة فنفى حملها.
وأوضح أنه انطلق بالسيارة خشيةَ تحرير مخالفة ضد مالكها، وفُوجِئ آنذاك باصطدام قدم فرد الشرطة بباب السيارة، فعاد إليه لاحقًا مقدمًا اعتذاره إليه فقبله منه.
وقررت النيابة، الأحد الماضي، تسليم الطفل المتهم إلى ولي أمره مع أخذ التعهد بالمحافظة عليه وحسن رعايته وإخضاعه للتأهيل وجلسات تعديل السلوك، وقررت تغريم صديق والده مالك السيارة 10 آلاف جنيه، لاتهامه بتعريض حياة طفل للخطر.
إساءات جديدة
وعقب إخلاء سبيل طفل المرور من النيابة، نشر الطفل فيديو "لايف" على حسابه في "أنستقرام"، بعد تسليمه إلى أسرته من النيابة.
وظهر في الفيديو مع 4 من أصدقائه وهم يسبون المتابعين بألفاظ غير لائقة، ما أثار غضبا على مواقع التواصل الاجتماعي.
وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مجددا الإثنين، فيديو جديد يظهر فيه طفل المرور متوجها لشرطي مترجلا برفقة أصدقائه، وهو يهدده بالضرب بشده دون أن يتمكن إيذائه.
وعلى خلفية الفيديوهات الجديدة، تبين للنيابة العامة المصرية في إطار استكمالها للتحقيقات في الواقعة، نشر الطفل المتعدي مقطعًا مساء الأحد بمواقع التواصل الاجتماعي فور تسليمه لوالديه، تضمن ارتكابه جريمة جديدة.
ورأت النيابة العامة المصرية عدم التزام والدي الطفل المتهم بتعهدهما بتقويم سلوكه وحسن رعايته بعد تسليمه إليهما، فأمر النائب العام بسرعة ضبطه واستجوابه فيما استحدث من وقائع .
ومن ثم صدر قرار بإيداعه إحدى دور الملاحظة لمدة أسبوع وعقد جلسات تقويم لسلوكه، بحسب توصيات "المجلس القومي للأمومة والطفولة"، على أن يعرض فور انتهاء المدة على المحكمة المختصة للنظر في أمر مد الإيداع.
وينص القانون، على أنه "يحبس احتياطياً الطفل الذي لم يجاوز 15 عاما، ويجوز للنيابة العامة إيداعه إحدى دور الملاحظة مدة لا تزيد على أسبوع وتقديمه عند كل طلب إذا كانت ظروف الدعوى تستدعي التحفظ عليه، على ألا تزيد مدة الإيداع على أسبوع ما لم تأمر المحكمة بمدها وفقاً لقواعد الحبس الاحتياطي المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية".
وقررت النيابة العامة المصرية حبس من كانوا في صحبة الطفل المتهم احتياطيًّا 4 أيام على ذمة التحقيقات، وعرضهم والطفل على "مصلحة الطب الشرعي" لتحليل عينة منهم بيانًا لمدى تعاطيهم أي من المواد المخدرة.
وطلبت النيابة مذكرة من والد الطفل المتعدي ردًّا على ما أسفرت عنه التحقيقات وما استجد فيها، والتحفظ على السيارة التي استقلها المتهمون وفحصها والموافاة ببياناتها بيانًا لمالكها الفعلي.
بيان قضاة مصر
من جهته أصدر نادي قضاة مصر ، بيانا أكد فيه إنه يرفض بشدة التصرفات التي صدرت من الطفل نجل أحد القضاة مع رجل المرور ، ووصفها بأنها تستوجب المحاسبة والتقويم والمراقبة، ولكنه شدد على أن "هذا التصرف الفردي ليس من العدل تعميمه على أبناء القضاة، كفئة من فئات المجتمع".
وأكد أنه "لا يوجد رابط بين مرتكب أي فعل مؤثم ووظيفة ذويه يؤثر على سير إجراءات التحقيق أو المحاكمة أو تعطيلها".
واستنكر نادي القضاة اتخاذ البعض الحدث ذريعة للنيل من القضاء، قائلا "نهيب بجموع المصريين الحفاظ على مكانة القضاء الذي سيظل حصن العدالة وملاذا للمظلومين".
تكريم الشرطي
من ناحية أخرى كّرم اللواء محمود توفيق وزير الداخلية المصري، الشرطي الذي تم التنمر عليه، تقديراً لتعامله الرشيد خلال تأديته لواجبه الوظيفي أثناء استيقافه إحدى السيارات يقودها حدث، والتزامه بسلوك الطرق القانونية في التعامل مع هذا التجاوز.
وأكد توفيق، التزام رجال الشرطة المصرية بتطبيق القانون بكل حسم، مع التحلي بأقصى درجات ضبط النفس رغم التحديات والمخاطر التي يتعرضون لها في المواقف المختلفة.
aXA6IDMuMTM5LjcyLjE1MiA=
جزيرة ام اند امز