الأطفال مرضى السرطان بغزة.. معاناة يعمقها الاحتلال والانقسام
في قسم السرطان الوحيد بقطاع غزة داخل مستشفى الرنتيسي للأطفال يتقاسم الأطفال وذووهم الألم بانتظار بارقة أمل تنقذهم من معاناتهم.
ما بين العراقيل الإسرائيلية والمنع من السفر للعلاج وعدم توفر الدواء نتيجة تداعيات الانقسام، تتوزع معاناة مئات الأطفال المرضى بالسرطان في قطاع غزة.
في قسم السرطان الوحيد بقطاع غزة داخل مستشفى الرنتيسي للأطفال يتقاسم الأطفال وذووهم الألم، بانتظار بارقة أمل تنقذهم من معاناتهم.
أحمد البالغ من العمر 12 عاما يمضي أيامه بين المستشفى والبيت بانتظار تحويلة طبية لم تأت حتى الآن.
تقول والدة أحمد لـ"العين الإخبارية": "ابني يموت بين يدي، للأسف لا يتوافر علاج هنا، ننتظر التحويلة منذ شهرين ولا ندري سبب التأخير".
أما الطفل مصطفى حسان البالغ من العمر 8 أعوام اضطر للسفر وحيداً بعد أن منع الاحتلال مرافقة أي شخص معه في رحلته للعلاج في مستشفى المطلع، وبقيت عائلته تتابع رحلة علاجه عبر الهاتف.
640 طفلاً يواجهون السرطان
أحمد ومصطفى نموذج لمعاناة 640 طفلاً من بين 8500 مريض بالسرطان في قطاع غزة، إحصائية تبدو حاضرة في اليوم العالمي لسرطان الأطفال الذي يصادف الـ15 من فبراير، وخصصه الاتحاد الدولي لمنظمات سرطان الطفولة في عام 2002، لحماية الأطفال من الإصابة بالأمراض السرطانية.
يؤكد الدكتور محمد أبوسلمية مدير مستشفى الرنتيسي لعلاج السرطان، وهو المستشفى الوحيد الذي يقدم الخدمات العلاجية للأطفال المرضى بالسرطان في قطاع غزة، لـ"العين الإخبارية"، إن المستشفى يواجه صعوبات في تقديم الخدمة العلاجية لهؤلاء المرضى، أبرزها نقص الأجهزة الطبية الإشعاعية اللازمة لتشخيص أمراض الأورام لدى الأطفال، ونقص الأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة لعلاجهم، ويعد نقص العلاج الكيماوي أخطر ما يواجه هؤلاء المرضى.
ووفق معطيات مركز المعلومات في وزارة الصحة الفلسطينية، فإن "نسبة وفيات الأطفال بالسرطان من مجموع وفيات السرطان المبلغ عنها في فلسطين بلغت 3.8 %، في حين بلغت نسبة الأطفال الفلسطينيين المتوفين بالسرطان دون الـ5 سنوات 26.8 %".
وأشار "أبوسلمية" إلى أن عدد الأطفال المرضى بالسرطان في قطاع غزة يبلغ 640 طفلاً تتراوح أعمارهم من شهر واحد حتى 12 سنة، مبيناً أن سرطان الدم "اللوكيميا" يأتي في مقدمة السرطانات التي تصيب الأطفال في قطاع غزة، يليه سرطان الغدد اللمفاوية ثم سرطان المخ والدماغ.
وتواجه وزارة الصحة بغزة صعوبات في تحويل المرضى الأطفال للعلاج في الخارج، بسبب عرقلة سلطات الاحتلال الإسرائيلية سفر المرضى الأطفال دون سبب لفترات طويلة تستمر لـ3 شهور، وفق "أبوسلمية".
وأشار إلى أن سلطات الاحتلال منعت عددا من الأمهات والآباء من مرافقة أطفالهم المرضى الذين يعانون من أوضاع صحية خطيرة في رحلة علاجهم خارج قطاع غزة.
65% نسبة العجز في الأدوية
ووفق الدكتور منير البرش مدير عام الصيدلة في وزارة الصحة الفلسطينية، فإن نسبة العجز في الأدوية والعقاقير الخاصة بعلاج مرضى السرطان بغزة بلغت معدلات غير مسبوقة خلال العام 2018، حيث بلغ العجز في شهر يوليو/تموز 42 صنفاً دوائياً من أدوية السرطان، أي ما نسبته 65% من إجمالي الأدوية التي يحتاجها مرضى السرطان.
ومن بين الأدوية التي نفدت العقاقير الكيماوية وحقن التوجين الخاصة بعلاج نقص المناعة عند مرضى السرطان، ويتسبب تأخيرها في حدوث مضاعفات لدى المرضى.
ويواجه المرضى المحولون للعلاج في الخارج العديد من العقبات التي انعكست بشكل سلبي على أوضاعهم الصحية، وكان الأكثر تأثراً بذلك مرضى السرطان وخاصة الأطفال منهم.
ووفق وزارة الصحة؛ فإن قوات الاحتلال عرقلت خلال عام 2018 سفر 10,057 مريضاً من المحولين للعلاج في المستشفيات الإسرائيلية أو في مستشفيات الضفة الغربية، بينهم مئات من مرضى السرطان.
ويؤكد الدكتور فضل المزيني الباحث في وحدة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أن معاناة الأطفال المرضى بالسرطان نموذج لما يعانيه مرضى غزة، حيث تتبع سلطات الاحتلال الإسرائيلي مجموعة من المعيقات التي تعمد من خلالها إلى حرمان مرضى القطاع من العلاج في الخارج.
وأشار "المزيني"، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إلى أن مرضى السرطان في قطاع غزة يواجهون أوضاعاً صحية قاسية بسبب النقص المستمر في الأدوية والمستلزمات الطبية والأجهزة التشخيصية والعلاجية اللازمة لعلاجهم، ونقص الأطباء المهنيين المتخصصين في علاج الأورام، وتفاقم أزمة الوقود في المستشفيات واستمرار أزمة الكهرباء.
وأكد أن القيود التي تفرضها سلطات الاحتلال الإسرائيلية على سفر الأطفال المرضى ومرافقيهم للعلاج في الخارج، تعد من أبرز المعيقات التي تحول دون تلقي هؤلاء الأطفال العلاج من أمراضهم.
وأوضح أن أهم هذه القيود وفق توثيقهم، منع سفر المرضى من دون إبداء أسباب وحرمان المرضى من السفر لأسباب عائلية واعتقال المرضى على معبر بيت حانون “إيرز” وابتزاز المرضى ومساومتهم على التعاون مع سلطات الاحتلال والتحقيق مع المرضى والتأخير في الرد على المرضى وعدم الاهتمام والاكتراث بمواعيد علاج المرضى وفرض قيود مشددة على مرافقي المرضى.
ودعا إلى الضغط على الاحتلال الإسرائيلي لإزالة المعيقات التي يضعها أمام سفر المرضى، وبخاصة الأطفال من مرضى السرطان ممن هم بحاجة لرعاية خاصة والسماح بدخول جميع أصناف الأدوية والمستلزمات الطبية إلى قطاع غزة، بما فيها أجهزة التشخيص الإشعاعية اللازمة لتشخيص الأورام السرطانية.
وأشار إلى تداعيات الانقسام السياسي وتسببه في مزيد من التدهور على مستوى الخدمات الصحية التي تقدمها المستشفيات والمراكز الطبية للمواطنين في القطاع.
aXA6IDE4LjExOS4xMDguMjMzIA== جزيرة ام اند امز