كورونا يغرق أمهات "تأجير الأرحام" في كابوس "سرقة الأعضاء"
مقابل مبالغ تتراوح بين 35 ألف دولار و70 ألفاً، يمكن لأزواج الاستعانة بأمهات بديلات في الخارج، من لاوس إلى روسيا مروراً بأوكرانيا وجورجيا
حرم إغلاق الحدود حول العالم بسبب جائحة كورونا مئات الصينيات من رؤية أطفالهن المولودين من أمهات بديلات في الخارج، وسط مخاوف من شبكات قد تستغل هذا الوضع في جرائم اتجار بالبشر أو سرقة أعضاء.
ومنعت الصين في 2001 الحمل لفائدة الغير بدافع الكسب المادي، خشية استغلال النساء الأكثر حاجة.
لكن في مقابل مبالغ تتراوح بين 35 ألف دولار و70 ألفاً، يمكن لأزواج الاستعانة بأمهات بديلات في الخارج، من لاوس إلى روسيا مروراً بأوكرانيا وجورجيا والولايات المتحدة
لكن فوضى عارمة سادت في الأشهر الأخيرة على هذا الصعيد بسبب وباء كورونا، الذي تسبب بإغلاق الحدود وإلغاء الرحلات التجارية ووقف تأشيرات الدخول.
وبات عشرات المواليد الجدد داخل دور أيتام أو شقق بانتظار والديهم البيولوجيين، حسب وكالات تجارية متخصصة في هذه الخدمات في روسيا وأوكرانيا.
وتقول تشيري لين، صينية استعانت بخدمات أم بديلة بعد حالات إجهاض تلقائي عدة في السابق: "لا أستطيع النوم خلال الليل، أفكّر في طفلي القابع داخل دار أيتام".
وولد طفلها في مدينة سان بطرسبرج الروسية في يونيو/حزيران، بعد 3 أشهر من إغلاق روسيا حدودها مع الصين لاحتواء تفشي فيروس كورونا المستجد.
تحضيرات لرحلة إجلاء
وتوضح هذه المحامية البالغة 38 عاماً المتحدرة من شينجدو في جنوب الصين: "لا نعلم كم من الوقت علينا الانتظار بعد".
وأعلنت السلطات الروسية، الثلاثاء، عزمها إرسال رحلة إنسانية لإجلاء هؤلاء الأطفال المولودين لأمهات بديلات، من دون تحديد موعد لذلك.
وتقول أنا ميتيانينا، المكلفة بشؤون حقوق الأطفال في سان بطرسبرج: "نفكر في إمكان إصدار تأشيرات دخول وتنظيم رحلة إنسانية من بكين كي يتمكن الأهل الصينيون من أخذ أطفالهم".
وكانت السلطات المحلية أعلنت نهاية أغسطس/آب أنَّ 30 طفلاً مولودين من أمهات بديلات هم في هذا الوضع حالياً في سان بطرسبرج.
وأدت عوامل عدة أبرزها ارتفاع المداخيل ومعدلات العقم العالية ورغبة الأزواج المسنّين الذين تخطّوا سن الإنجاب في أن يكون لهم أبناء، خصوصاً بعد تخفيف السلطات الصينية القيود المتصلة بقاعدة الطفل الواحد سنة 2016، إلى ازدياد طلبات الاستعانة بخدمات الحمل لفائدة الغير.
وتوجهت لين مع زوجها العام الماضي إلى روسيا من أجل عملية تلقيح اصطناعي، ووقعا عقداً مع وكالة محلية لتأجير الأرحام.
وعند تأكيد حالة الحمل، اشترت لين المنتجات الخاصة بطفلها المنتظر، حتى إنها تلقت تدريباً على الإسعافات الأولية للأطفال.
غير أن الجائحة أغرقتها فيما يشبه "الكابوس" الحقيقي، وهي لم تتعرف إلى طفلها منذ ولادته إلا من خلال صور وتسجيلات مصورة مرسلة من الوكالة.
مخاوف من تجارة الأعضاء
ولا أرقام رسمية عن عدد الأطفال الصينيين المولودين في الخارج والذين فُصلوا عن أهلهم القانونيين.
إلا أن تسجيلا مصورا نشرته وكالة لتأجير الأرحام في أوكرانيا في يونيو/حزيران يظهر أطفالا مصطفين كلّ في مهده داخل فندق، يعطي فكرة عن حجم الأزمة.
ويقول متحدث باسم الوكالة الأوكرانية واسمها "بيو تكس كوم" إن ما يقرب من نصف الأطفال الـ46 هم أبناء زبائن صينيين.
وأصدرت السلطات منذ ذلك الحين أذونات خاصة للأهل القانونيين لأخذ الأطفال رغم إغلاق الحدود.
لكن ذلك لا يكفي بنظر لي مينجشيا، التي ولد ابنها في كييف في مايو/أيار.
وبسبب تدابير الحجر وإلغاء الرحلات الجوية، هي لن تتمكن من رؤية طفلها قبل نهاية نوفمبر/تشرين الثاني.
كما أن أكثرية الأطفال المولودين في الخارج لم يحوزوا أي وثيقة ولادة بسبب عدم تمكن الأهل من السفر للخضوع لفحوص الحمض النووي اللازمة لإثبات النسب.
وبدأت الشرطة في روسيا وأوكرانيا تنفيذ مداهمات في شقق تحرس فيها حاضنات مجموعات يتألف كل منها من 5 إلى 6 أطفال، خشية حصول عمليات اتجار بالبشر، وفق وسائل إعلام حكومية روسية.
ويوضح ديمتري سيتزكو، مدير التسويق من أجل الصين في وكالة "فيرا" في سان بطرسبورج: "عندما تجد الشرطة أطفالاً صينيين كثيرين من دون أوراق قانونية في منزل مع شخص مجهول، هذا الأمر يشبه عمليات الاتجار بالأطفال بهدف تجارة الأعضاء".
ووجدت الوكالة التي تتعاون معها لين، مكاناً مجانياً للطفل في دار أيتام حكومي، غير أن بعض الوكالات الروسية تتقاضى من الأهل ما بين 1000 إلى 3 آلاف دولار شهرياً، وفق سيتزكو.
تأثير المشاهير
وساهم لجوء مشاهير مثل إلتون جون وكريستيانو رونالدو ونيكول كيدمان وكيم كارداشيان ويست إلى خدمات تأجير الأرحام لتكبير عائلاتهم، في تعميم اللجوء إلى هذه الممارسة المثيرة للجدل.
وحذّرت الأمم المتحدة من أن تأجير الأرحام لغايات تجارية قد يحوّل الأطفال إلى "سلع"، داعية إلى تحسين الأطر التشريعية في المناطق التي تسمح بهذه الممارسات.
وتسمح قلة من البلدان بتأجير الأرحام لغايات تجارية لزبائن خارجيين.
وتشكل روسيا والجمهوريات السوفياتية السابقة مثل أوكرانيا وجورجيا وبيلاروس، الوجهات المفضلة لدى الأزواج الصينيين الراغبين في الاستعانة بخدمات تأجير الأرحام.
سوق سوداء للأطفال
وبسبب القيود العالمية بفعل جائحة كورونا، يلجأ البعض في الصين إلى السوق السوداء.
وتؤكد وكالة شنجو جونغتاي في مدينة غوانغتشو في جنوب الصين، أن "عملية الزرع الناجحة والإنجاب" تكلّف 600 ألف يوان (87 ألف دولار).
وتضاف إليها "200 ألف يوان (حوالي 30 ألف دولار) لاختيار جنس المولود، و200 ألف يوان أخرى لإنجاب توأمين من الجنسين"، وفق وكيل آخر.