الأمهات العازبات.. كورنا يفجر أزمة اقتصادية "ناعمة" في ألمانيا
30 % من الأمهات العازبات الموظفات اضطرت إلى أخذ إجازات للاهتمام بالأطفال، في مقابل 19% لباقي الأسر
رغم الترحيب الواسع بالتدابير الألمانية الطارئة لمواجهة وباء كوفيد-19، تبدي لولو بوتوتشنيك المسؤولة في مجال المطاعم امتعاضا من الأداء الرسمي في هذا المجال، شأنها شأن أمهات عازبات ( أرباب الأسر) كثيرات يشعرن بالتهميش خلال الأزمة الصحية الراهنة.
وقالت بوتوتشنيك، "لطالما نجحنا في إدارة حياتنا مع ابنتي، لكن لدي انطباع حاليا بأن الأوضاع تفلت من سيطرتنا أكثر فأكثر. يتكوّن لدي انطباع في كل يوم بأني بت أكثر تهميشا".
ووفقا لوكالة فرانس برس، تقدم بوتوتشنيك (51 عاما) منذ 10 سنوات، للموظفين في كواليس الحفلات والمهرجانات الطعام من شركتها الصغيرة المتخصصة في التعهدات الغذائية.
وأضافت بوتوتشنيك، أن الأزمة الصحية أدت منذ آذار/ مارسالماضي إلى إلغاء كل العقود معها حتى نهاية العام.
ولم تقدم المساعدة التي تقاضتها من السلطات بقيمة 9 آلاف يورو أي منفعة تذكر حتى الساعة، إذ إن هذا المبلغ مخصص للتكاليف الثابتة للشركات، وهي شبه معدومة لديها وبالتالي لا يحق لها التصرف بهذه الأموال.
وفي غياب أي شريك يقاسمها العبء المالي، تستنفد بوتوتشنيك مدخراتها في ظل اضطرارها لدفع 2200 يورو من النفقات الشهرية بما يشمل التأمين الصحي الخاص وإيجار المنزل الذي تعيش فيه مع ابنتها البالغة 21 عاما في إيسن (غرب ألمانيا).
يوجد في ألمانيا حوالى 1.5 مليون أسرة مكوّنة من شخص واحد عازب يتولى الاهتمام بأطفال دون سن 18 عاما.
وأكثرية هؤلاء هن نساء دفعن فاتورة باهظة جراء الوباء، وفق دراسة أجراها معهد "فورسا" لحساب الحكومة.
بطالة متزايدة
واضطرت 30% من الأمهات العازبات الموظفات إلى أخذ إجازات للاهتمام بالأطفال، في مقابل 19% لباقي الأهالي.
كما أن نسبة التوقف عن العمل أعلى لدى هذه الفئة من النساء، وفقط 15% من العاملات في مهن حرة لم يشهدن أي تغيير في وضعهن.
وفي غلوكشتات شمالا، كانت باتريشا شونفيلد (47 عاما) قد استأنفت للتو العمل كمسؤولة مبيعات وكانت في مرحلة تجريبية في وظيفتها عندما بدأ فيروس كورونا المستجد في التفشي.
وفي ظل إغلاق المدارس، اضطرت هذه الأم العزباء في بادئ الأمر إلى التوفيق بين العمل عبر الإنترنت والاهتمام بابنتها ذات السنوات السبع، قبل صرفها من الوظيفة في أبريل/ نيسان الماضي.
وهي تنجح حاليا في "الصمود" بفضل مدخراتها والنفقة الغذائية التي يدفعها لها زوجها السابق بقرار قضائي.. لكنها تبحث عن عمل يصعب عليها إيجاده في ظل ندرة العروض.
ويبدي أصحاب العمل ترددا في توظيف أمهات عازبات قد تقع على عاتقها مسؤولية الإهتمام بالأطفال في حال حصول موجة ثانية من الإصابات بالفيروس.
وتبحث لولو بوتوتشنيك أيضا عن عمل إلى حين عودة الأحداث المهمة المتوقفة حاليا.
فخ الفقر
وقد وضعت ألمانيا خطة واسعة للمساعدات بقيمة تفوق ألف مليار يورو لحماية شركاتها ومواطنيها من تبعات الوباء، بما يشمل قروضا مضمونة ومساعدات مالية وبرامج للإجازات وقواعد مخففة للإفادة من مخصصات البطالة والمساعدات السكنية.
ولا يمكن لشونفيلد الاستفادة من أي من هذه التقدمات، لأن طلاقها ليس ناجزا بعد وزوجها السابق يتقاضى راتبا كبيرا.
أما بوتوتشنيك فبإمكانها طلب مخصصات مالية لكنها تخشى أن يؤخذ مبلغ الـ 600 يورو الذي تتقاضاه ابنتها في الحساب.
وهي تقول "من غير العادل لأم أن تضطر للعيش (على نفقة) ابنتها" إذ "يجب تخصيص هذا المال لمستقبلها".
وتطالب جمعية "في ايه ام في" للأهل العازبين في منطقة شمال الراين - فستفاليا، الحكومة بتقديم "مساعدات مباشرة" بهدف "منع وقوع هؤلاء النساء في فخ الفقر".
نساء "منهكات"
وبدأت بوتوتشنيك أخيرا عملا تطوعيا يقوم على توزيع الطعام للمشردين.
وهي تقول "أحيانا أتساءل هل سأكون بين الذين ينتظرون في هذا الطابور العام المقبل".
وتؤكد وزارة العائلة الألمانية، لوكالة فرانس برس أنها مدركة لمصير الأمهات العازبات، متحدثة عن بعض التدابير المخصصة لهن مثل التخفيضات الضريبية وخدمات حضانة الأطفال والمخصصات الشهرية.
وتتلقى كل عائلة في ألمانيا خلال الخريف 300 يورو عن كل طفل، ما تصفه شونفيلد بأنه مبلغ "تافه"، وهي التي اضطرت لأن تطلب من مدرّسة ابنتها التوقف عن طبع الفروض المدرسية بالحبر الملون توفيرا للمال.
وترى شونفيلد أن الأهل العازبين يحتاجون أكثر من أي وقت إلى استراحة من الأعمال المنزلية ومن المخاوف المتصلة بالفيروس أو بالوضع المادي.
وتقول "علينا كأمهات عازبات أن نسمع صوتنا أكثر، لكننا منهكات".
aXA6IDMuMTQzLjIxOC4xODAg
جزيرة ام اند امز