الصين تطور نظاما إلكترونيا لتقييم سلوكيات المواطنين
المخالفات أو التجاوزات في النظام الصيني الجديد سيكون لها تأثير سلبي طويل المدى قد يمتد لأجيال ليطول الأبناء أو الأحفاد على مدار عقود
بدأت الصين تطوير نظام إلكتروني لتقييم سلوكيات المواطنين من خلال تسجيل نقاط سيكون لها دور حاسم في تصنيف كل شخص في نظر السلطات.
ورغم أن هناك تطبيقات ومواقع مثل "أمازون" و"تريب أدفايزور" و"فيسبوك" وغيرها يمكنها تقييم مؤسسات ومستخدمين، بمنحهم ما بين نجمة و5 نجوم، فإن النظام الجديد في الصين سيكون له تأثير مهم فيما يتعلق بالحصول على خدمات التأمين الصحي أو الوصول لوظيفة جيدة أو الإقامة في فنادق معينة أو الحصول على تسهيلات لشراء منزل.
ومن المقرر أن يخضع السكان البالغ عددهم مليارا و300 مليون مواطن لنظام التقييم، وفقا لمنشور صدر عن الحكومة في 2014.
وبحسب ما جاء في هذا المنشور، فإن نظام الائتمان الاجتماعي "SCS" الذي يجري تطبيقه بالفعل بشكل تجريبي منذ 2015 وسيصبح إجباريا اعتبارا من 2020، لن يتركز على عادات الإنفاق وتسديد الديون فحسب، بل سيأخذ أيضا بعين الاعتبار التعاملات والسلوكيات الاجتماعية.
وحين ينخرط المواطن في علاقات اجتماعية مع أشخاص لديهم معدل تقييم منخفض، سيؤثر هذا بالسلب على تقييمه هو، وتقول راتشيل بوتسمان، مؤلفة كتاب "Who Can I Trust" "بمن يمكنني أن أثق؟" حول نظام "SCS": "إذا أصبح تقييم الثقة الخاص بك أدنى من المعدل المسموح به، سيكون لهذا تأثير على كل شيء بداية من المدرسة التي قد يذهب إليها أبناؤك مرورا بالوظائف التي يمكنك الحصول عليها وحتى نوع القروض المتاحة لك".
وسيسمح التقييم المرتفع في النظام الجديد بالحصول على خدمات عامة أفضل وبتكلفة أقل، بحسب بوتسمان، التي أكدت أن المخالفات أو التجاوزات سيكون لها تأثير سلبي طويل المدى قد يمتد لأجيال ليطول الأبناء أو الأحفاد على مدار عقود.
وبحسب وسائل الإعلام، فإن نظام "SCS" عبارة عن تطبيق محادثة تتراوح درجات التقييم فيه بين 300 و950 نقطة مقسمة على 5 فئات هي العلاقات الاجتماعية، وسلوكيات الاستهلاك، والأمن والثراء، والالتزام.
وبذلك، فإنه في حالة انهيار الثقة بمواطن ما فيما يتعلق بأحد النواحي الحيوية "مالية، قانونية، أسرية، مهنية" فإن القيود التي ستفرض على الشخص بسبب ذلك ستؤثر على باقي النواحي.
وتقول هوانج لين، الإخصائية الاجتماعية والباحثة في جامعة بكين، إن "أكثر من نصف الشعب الصيني يقضي جزءا كبيرا من وقته متصلا بالإنترنت، فمن خلال هواتفهم المحمولة يتبضعون ويجرون تعاملاتهم المالية ويدفعون الإيجار ويحجزون رحلاتهم، لذلك من الطبيعي أن تخلق كل هذه التعاملات إلى جانب البيانات القانونية والمالية، (بروفيل) كاملا عن كل مواطن".
ولم يسلم النظام الجديد من الجدل، ليس فقط لكونه يراقب المواطنين، بل أيضا بسبب طريقة التقييم المعتمدة به، فبحسب لي ينجيون، المدير التكنولوجي بشركة "Sesame Credit" فإن "أي شخص يقضي 10 ساعات يوميا في لعب ألعاب الفيديو على سبيل المثال، هو مواطن غير نشط، في حين أن شخصا آخر يشتري حفاضات الأطفال بشكل دوري سيتم التعامل معه على أساس أنه اختار أن يكون أبا وعليه فإنه يتمتع بقدر أكبر من حس المسؤولية".
ويرى بعض الخبراء أن هذا النظام التقييمي المقترح في الصين يعد مصدر تأكيد جديد على أن البلد الآسيوي في طريقه لأن يصبح بلدا بوليسيا لا يراقب شعبه فحسب، بل يتدخل أيضا في خصوصيته.