الصين تكشف عن «تايب 99 بي».. دبابة ما بعد حرب أوكرانيا
كشفت الصين للمرة الأولى عن مشاهد مصوّرة لدبابة القتال الرئيسية الجديدة «تايب 99 بي» خلال مشاركتها في تدريبات رماية حية.
يأتي هذا الظهور العلني ليعكس مرحلة متقدمة من دخول الدبابة الخدمة، بعد أن كُشف عنها سابقاً خلال العرض العسكري الذي أُقيم في 3 سبتمبر/أيلول عام 2025، حين تصدّرت دبابات اللواء المشترك للأسلحة رقم 112، استعراض المركبات البرية في ميدان تيانانمن وسط بكين.
ويبدو أن تصميم «تايب 99 بي» جاء استجابة مباشرة للتحولات العميقة التي شهدتها حروب المدرعات في السنوات الأخيرة، ولا سيما الدروس المستخلصة من الحرب في أوكرانيا.
فقد ركّزت التحديثات مقارنة بالنسخة السابقة «تايب 99 إيه» على رفع مستوى الوعي وحماية الدبابة من التهديدات الحديثة.
وتضم الدبابة نظام الحماية النشطة «جي إل6» عبر منصّتي إطلاق و4 رادارات، إلى جانب قفزة كبيرة في قدرات الحرب الشبكية، مدعومة بتحديثات متقدمة في أنظمة تكنولوجيا المعلومات وتبادل البيانات.

وتشير التقارير إلى أن طاقم الدبابة بات يتمتع بوعي ميداني أعلى؛ بفضل دمج نظام رؤية محيطية بزاوية 360 درجة، ما يتيح متابعة ساحة القتال بصورة شبه كاملة.
كما شهدت أنظمة التحكم في النيران تحديثات نوعية، أبرزها جيل جديد من أنظمة التصوير الحراري، تفيد تقارير غير مؤكدة بأنه قد يكون أول نظام من الجيل الرابع على مستوى العالم.
وإلى جانب ذلك، جرى تعزيز الدبابة بمنظومة كهروضوئية وحزمة مجسّات متطورة، إضافة إلى تحسينات في وحدات الدروع التفاعلية المتفجرة، وإن بقيت تفاصيلها التقنية الدقيقة غير معلنة.
وفي هذا الإطار، شددت وسائل الإعلام الصينية الرسمية على أن النسخة «تايب 99 بي» خضعت لتحسينات خاصة تُمكّنها من العمل بكفاءة في البيئات المرتفعة والباردة، بما يسمح بتنفيذ عمليات قتالية سريعة وممتدة في المناطق الجبلية، وعلى رأسها سلسلة جبال الهيمالايا.
وكانت النسخة السابقة «تايب 99 إيه» قد استُخدمت بالفعل خلال التوترات الحدودية بين الصين والهند، واعتُبرت حينها متفوّقة من حيث الأداء على دبابة «تي 90 إم إس» الروسية، التي تشكّل العمود الفقري للقوات المدرعة الهندية.
ومع ذلك، لا يزال الغموض يكتنف مستقبل إنتاج هذا الطراز، سواء من حيث مدة استمراره أو طبيعة تزويد الجيش بالنسخة «بي»، عبر خطوط إنتاج جديدة أو من خلال تحديث الدبابات الأقدم إلى المعيار الحديث.

وتنتج الصين حالياً 6 طرازات من الدبابات في آن واحد، تُعد «تايب 99» أثقلها وأكثرها تدريعاً، غير أن مكانتها باتت موضع تساؤل مع الكشف عن الدبابة الأحدث «تايب 100»، التي عُرضت أيضاً في سبتمبر أيلول الماضي، ما فتح الباب أمام تكهنات حول قرب إنهاء إنتاج «تايب 99» لصالح جيل جديد من المفاهيم القتالية.
وفي ظل ما كشفته الحرب الروسية الأوكرانية من هشاشة لافتة للدبابات الغربية والروسية على حد سواء، تصاعدت الشكوك لدى محللين غربيين بشأن جدوى التصاميم التقليدية للدبابات، بما في ذلك الطرازات الحديثة التي ما تزال تستند إلى مفاهيم كلاسيكية، مثل الدبابة البريطانية «تشالنجر ثلاثة» والألمانية «بانثر».
وفي هذا السياق، أعاد برنامج «تايب مئة» الصيني صياغة أولويات تصميم الدبابات، إذ جاء أخف وزناً وأكثر حركة وأقل تدريعاً، ويعتمد على مدفع عيار 105 مليمترات بدلاً من مدفع 125 مليمتر المستخدم في «تايب 96» و«تايب 99».

وتركّز «تايب 100» بشكل أكبر على أنظمة الحماية النشطة لمواجهة تهديدات الصواريخ والطائرات المسيّرة، مع أولوية واضحة للاتصال الشبكي وتنسيق العمليات متعددة المجالات، بما يسمح له بالعمل من مسافات أكثر أماناً والتكامل الوثيق مع الطائرات غير المأهولة في مهام الاستطلاع وتحديد الأهداف.
ويُعتقد أن «تايب 99 بي» سارت في اتجاه مشابه من حيث تحديث الفلسفة القتالية، لكنها احتفظت بهيكل أثقل وأكثر تقليدية، يعتمد على تدريع كثيف ومدفع رئيسي قوي.
ومع دخول «تايب 100» مرحلة الإنتاج المتسلسل، تزداد المؤشرات على أن الصين قد تكون بصدد طي صفحة «تايب 99» تدريجياً، تمهيداً للانتقال إلى جيل جديد من دبابات القتال الرئيسية، يعكس تحوّلاً أوسع في العقيدة العسكرية الصينية نحو الاعتماد على التكنولوجيا والربط الشبكي والحماية النشطة بدلا من الاكتفاء بالدرع الثقيل والقوة النارية وحدهما.