الصين استعدت جيدا لمعركة ترامب.. خبراء يشرحون الدروس المستفادة من 2018

في خضم التصعيد المستمر للحروب التجارية، تواجه الصين تصاعدًا في الرسوم الجمركية الأمريكية والتي تزداد كل يوم، بينما يبدو أن الرئيس الصيني شي جين بينغ قد استخلص الدروس العميقة من المواجهات السابقة مع دونالد ترامب.
فبعد أن اشتعل فتيل الحرب التجارية بين البلدين منذ عام 2018، أدركت الصين أهمية التحضير لمواجهة طويلة الأمد على جميع الأصعدة. فما هي الاستراتيجيات التي اعتمدتها الصين لمواجهة التحديات الاقتصادية الأمريكية؟ وكيف يستعد الاقتصاد الصيني لمواصلة صراعه على الساحة العالمية؟
بدوره، قال الخبير الاقتصادي الفرنسي جان بارثيلمي لـ"العين الإخبارية" إن "الصين تتحرك بحذر ولكن بثقة. في الوقت الذي تواجه فيه ضغوطا من واشنطن، فإنها تعمل على تحصين اقتصادها الداخلي وزيادة قوتها التكنولوجية".
وأضاف أن "المضي قدماً في الاستثمارات الكبيرة في التكنولوجيا والابتكار يعد خطوة ضرورية لضمان استدامة النمو".
واعتبر أنه "رغم التحديات العديدة، يبدو أن الصين قد عادت لتصبح أكثر استقلالية. باعتمادها على سياسة الدورة المزدوجة، تحاول تقليل الاعتماد على الأسواق الغربية، مع تعزيز أسواقها الداخلية، وهو ما يجعلها أكثر مرونة في مواجهة التصعيدات التجارية الأمريكية".
وقالت صحيفة "لكسبريس" الفرنسية في تقرير لها حول تصاعد الحرب التجارية بين واشنطن وبكين إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد صرح منذ 7 سنوات مضت: "لدينا مشكلة واحدة على وجه الخصوص، وهي الصين. ما يفرضونه علينا، سنفرضه عليهم بدورنا".
- 4 آلاف شركة هندية في «دبي للسلع المتعددة».. نمو ملحوظ
- «عمر أطول».. تقرير معرفي مهم من القمة العالمية للحكومات
وأوضحت أنه "في منتصف ولايته الأولى عام 2018، بدأ الرئيس الأمريكي حربًا تجارية ضد خصمه، حيث فرض رسومًا جمركية بنسبة 25% على الصلب و10% على الألومنيوم القادم من الصين. لم يتأخر رد الصين، حيث ارتفعت الرسوم على الواردات الأمريكية من 8% إلى ما يقارب 21%.
وفي الأشهر التي تلت ذلك، دخل البلدان في صراع عبر التنظيمات، زيادات متتالية في الرسوم الجمركية على الواردات، توسع إلى قطاعات جديدة، حيث هاجم ترامب عمالقة التكنولوجيا الصينيين، بينما شرعت بكين في سن قوانين تعزز الاستثمارات المحلية. واستمرت التوترات حتى نهاية ولاية ترامب الأولى، واستمرت في عهد جو بايدن، بحسب صحيفة "لكسبريس" الفرنسية.
لكن رغم العواقب الواضحة، لم يتردد دونالد ترامب في إعادة إشعال حرب الرسوم الجمركية مع الصين بعد عودته. ففي 2 أبريل/نيسان، وفي ساحة البيت الأبيض، أعلن الرئيس الأمريكي عن تدابير جديدة: خفض الرسوم الجمركية المتبادلة بنسبة 34%. "باختصار، هم يفرضون علينا، ونحن نرد لهم بالمثل".
وقد ردت الصين بالفعل، ويبدو أن شي جين بينغ قد أعد اقتصاده لمواجهة ترامب.
ووفقاً للخبير الاقتصادي الفرنسي فإن شي جين بينغ أدرك أهمية تقليل اعتماد الصين على التكنولوجيا والأسواق الأمريكية، فدفع باتجاه سياسة "الاعتماد على الذات"، خاصة في القطاعات الاستراتيجية مثل التكنولوجيا المتقدمة والرقائق الإلكترونية والطاقة.
تنويع الشراكات التجارية
كما أشار بارثيلمي إلى أن الصين قد سعت لتسريع اتفاقيات التجارة الحرة مع دول أخرى (مثل اتفاق الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة RCEP)، وعززت علاقاتها الاقتصادية مع دول آسيا، وأفريقيا، وأمريكا اللاتينية، لتقليل تأثير الضغوط الأمريكية.
تعزيز السوق المحلية
وأطلق شي جين بينغ سياسة "الدورة المزدوجة" التي تركز على تحفيز الاستهلاك المحلي ليصبح محركًا رئيسيًا للنمو بدلاً من الاعتماد المفرط على التصدير.
كما تبنت الصين ردودًا محسوبة على العقوبات والرسوم الأمريكية، مع تجنب التصعيد المباشر الذي قد يضر أكثر بالاقتصاد الصيني.
الاستثمار في الابتكار والتكنولوجيا
ولفت الخبير الاقتصادي الفرنسي إلى أنه بعدما استهدفت الحرب التجارية الشركات الصينية الكبرى مثل هواوي، أدرك شي جين بينغ ضرورة تطوير تقنيات وطنية مستقلة، ما أدى إلى زيادة ضخمة في الإنفاق على البحث العلمي والابتكار الصناعي.
الاستعداد لصراع طويل الأمد
وقال بارثيلمي إن الرسالة التي رسخها شي جين بينغ هي أن المواجهة مع الولايات المتحدة قد لا تكون مجرد مرحلة مؤقتة أو مرتبطة فقط بشخص ترامب، بل هي جزء من تحول بنيوي طويل الأمد في العلاقات الدولية.