مبعوث صيني رفيع في تنصيب ترامب.. تقارب دبلوماسي أم مخاطرة سياسية؟
قد لا يكون الرئيس الصيني شي جين بينغ، من ضمن الحضور في تنصيب ترامب، لكن بكين اتخذت خطوة نادرة بإرسال مسؤول كبير للانضمام إلى الحفل.
فوفق ما طالعته "العين الإخبارية" في موقع "سي إن إن" الأمريكية، فمن المتوقع أن يحضر نائب الرئيس الصيني هان تشنغ حفل تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب، المقرر اليوم الإثنين.
وكان هان قد التقى نائب الرئيس الأمريكي المنتخب جي دي فانس، أمس الأحد، في زيارة يقول مراقبون إنها لفتة "حسن نية مهمة - ولكنها محفوفة بالمخاطر - حيث تتطلع بكين إلى تجنب الاحتكاك الكبير مع ترامب وحكومته القادمة من صقور الصين".
وهان هو نائب الرئيس، ويُعتبر منصبه رمزيا إلى حد كبير داخل النظام السياسي الصيني.
فالسلطة الحقيقية تكمن في اللجنة الدائمة للمكتب السياسي القوية للحزب الشيوعي الحاكم، والتي تقاعد منها هان في عام 2022.
ضبط العلاقات
لكن إرسال مسؤول رفيع المستوى ــ والذي سبق له أن مثّل شي في مناسبات دولية بما في ذلك تتويج الملك تشارلز الثالث ملك بريطانيا ــ يشير إلى اهتمام بكين بإعادة ضبط العلاقات المتوترة بين الولايات المتحدة والصين، بحسب سي إن إن.
واستغل هان الزيارة للقاء أعضاء مجتمع الأعمال الأمريكي، بمن فيهم الرئيس التنفيذي لشركة تسلا وشريك ترامب المقرب إيلون ماسك، وفق لوكالة أنباء الصين الرسمية "شينخوا".
وفي اجتماعه مع ماسك، دعا هان الشركات الأمريكية، بما في ذلك تسلا، إلى تعزيز العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، حسبما ذكرت وكالة أنباء شينخوا.
وتدير تسلا أكبر مصنع تصنيع لها خارج الولايات المتحدة في شنغهاي. ولم يؤكد ماسك الاجتماع بعد.
ويأتي وصول هان إلى الولايات المتحدة بعد مكالمة هاتفية بين شي وترامب يوم الجمعة، حيث هنأ الزعيم الصيني نظيره الأمريكي على إعادة انتخابه ودعا إلى بداية جديدة في العلاقات.
وقال شي لترامب في المكالمة، وفقا لبيان صادر عن وزارة الخارجية الصينية: "نحن نولي أهمية كبيرة لتفاعلاتنا، ونأمل في بداية جيدة للعلاقات الصينية الأمريكية خلال الرئاسة الأمريكية الجديدة، ونحن على استعداد لضمان تقدم أكبر في العلاقات من نقطة بداية جديدة".
وأكد ترامب على منصته للتواصل الاجتماعي Truth Social أنه أجرى مكالمة هاتفية "جيدة جدا" مع شي، وأنهما ناقشا موضوعات مختلفة.
كما تعهد الرئيس الأمريكي القادم، يوم أمس، بتأخير تطبيق قانون مثير للجدل، أيدته المحكمة العليا الأسبوع الماضي، والذي من شأنه أن يرى تطبيق "تك توك" محظورا في الولايات المتحدة إذا لم تتخلص الشركة الأم التي تتخذ من الصين مقراً لها من التطبيق.
وأغلق التطبيق - الذي يرتبط مصيره ارتباطا وثيقا بالاحتكاكات التكنولوجية والأمنية الوطنية بين الولايات المتحدة والصين - لمدة 12 ساعة تقريبا خلال عطلة نهاية الأسبوع قبل استعادة الخدمة بعد بيان ترامب.
الباب مفتوح
وقالت ثلاثة مصادر مطلعة على المحادثات لشبكة "سي إن إن"، إنه قبل أداء اليمين، أخبر ترامب مستشاريه بشكل خاص أنه يريد زيارة الصين بعد توليه منصبه، في إشارة محتملة أخرى إلى أن الرئيس الأمريكي القادم يأمل في إبقاء الباب مفتوحا للتفاوض مع الدولة المنافسة حتى مع إشارته إلى موقف متشدد بشأن المنافسة الاقتصادية مع الصين.
هل هناك فرصة لإعادة ضبط العلاقات؟
يرى يون صن، مدير برنامج الصين في مركز "ستيمسون" للأبحاث في واشنطن، أن إرسال هان لحضور حفل التنصيب يبعث برسالة مفادها أن "الصين تأخذ دعوة (ترامب) على محمل الجد وهي على استعداد لتحمل المخاطر".
وقال يون لشبكة "سي إن إن"، إن هذا الخطر هو أن يفرض ترامب رسوما جمركية على الصين بعد أيام قليلة من دخوله البيت الأبيض - وهي الخطوة التي قد تراها بكين على أنها تجعلها تبدو حمقاء.
وخلال الحملة الانتخابية، هدد ترامب بفرض رسوم جمركية تزيد على 60٪ على الواردات الصينية إلى الولايات المتحدة.
إلا أن بكين ليست وحدها في مواجهة مثل هذه التهديدات الاقتصادية. فقد تنافست مجموعة من زعماء العالم وممثليهم على الاجتماعات في الأشهر الأخيرة لبدء بناء علاقة مع ترامب، المعروف بربط السياسة الخارجية بالكيمياء الشخصية.
ولكن حتى مع مواجهة بكين للاحتكاكات الاقتصادية الوشيكة والشكوك حول طموحاتها من داخل الإدارة القادمة، فمن المرجح أن ترى الفرصة في رئاسة ترامب، كما يقول مراقبون.
فخلال إدارة جو بايدن، ترددت بكين في التعامل مع الجهود الأمريكية لتعميق التنسيق الأمني مع حلفاء أمريكا في آسيا، فضلا عن دعم الرئيس المعلن للدفاع الأمريكي عن تايوان، الجزيرة التي تتمتع بالحكم الذاتي والتي تطالب بها بكين.
والآن، ترى فرصة حيث ستأتي إدارة ترامب القادمة بأولوياتها الخاصة والمتميزة لسياستها تجاه الصين، بحسب سويشينج تشاو، مدير مركز التعاون الصيني الأمريكي في جامعة دنفر.
ويقول تشاو: "ترامب يحب شي جين بينغ، فهو يحب الرجال الأقوياء والزعماء الأقوياء. ويستشعر الرئيس الصيني هذه الفرص، وهو حريص بنفس القدر على إعادة ضبط الأمور واختبار المياه في هذا الوقت".
aXA6IDMuMTQ1LjM2LjI1MiA= جزيرة ام اند امز