القمة العربية الصينية.. محاور رئيسية يكشفها خبراء عرب
قمة عربية صينية تحتضنها الرياض تحمل آمالا واسعة كقوة دفع جديدة لتعزيز العلاقات وتطويرها في ظل المتغيرات الدولية الراهنة.
القمة تستضيفها السعودية، خلال الفترة من 7 إلى 9 ديسمبر/كانون الأول الجاري، بحضور قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والدول العربية، ومشاركة واسعة من جامعة الدول العربية والصين، والرؤساء والأمناء العامين لعدد من المنظمات الإقليمية والدولية.
اجتماعات مميزة تأتي في إطار الاهتمام العربي بالعلاقات مع الصين التي تشهد تطورًا لافتًا وهادفًا إلى تحقيق مستويات عليا من التعاون والتنمية والمصالح المشتركة، وترسيخ دعائم الأمن والسِلم والرفاهية والنماء للشعبين العربي والصيني.
وأكد خبراء سياسيون واقتصاديون عرب أن "قمة الرياض" تمثل دفعة قوية لتعزيز العلاقات بما يضمن لها تحقيق التنمية لدولها والرخاء لشعوبها وليس أداة لصراعات دولية.
وأشاروا في حديثهم لـ"العين الإخبارية"، إلى أن الصين تسعى لتعزيز نفوذها ووجودها في المنطقة، ومزاحمة القوى الكبرى الأخرى خاصة الولايات المتحدة وروسيا.
3 محاور
المحلل والكاتب السياسي السعودي، حمود الرويس، أكد أنه في ظل التكتلات الدولية الحالية التي أفرزتها الحرب الروسية الأوكرانية كان لا بد للدول العربية أن تظل بمنأى عن أي من المحاور المتنازعة والبحث عن مصالحها الوطنية والقومية بما يضمن لها تحقيق التنمية لدولها والرخاء لشعوبها وألا تصبح أداة لصراعات دولية.
وأضاف الرويس لـ"العين الإخبارية" أن المملكة تتحرك دائما بأشقائها العرب و"نتذكر هنا مقولة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز عندما قال إن الشرق الأوسط هو أوروبا القادمة".
وتابع: "عندما زار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الرياض جمعت السعودية أشقاءها العرب لطرح أفكارهم ومشاريعهم التنموية، وكذلك في قمة جدة للتنمية مع الرئيس جو بايدن جاءت المملكة بأشقائها لخلق محور عربي يتحدث بصوت واحد ويطرح موقفا موحدا".
وأشار المحلل السعودي إلى أن القمة العربية الصينية في الرياض تجمع فيها السعودية أشقاءها العرب مرة ثالثة للتحدث مع الشرق بصوت عربي موحد.
وعن دلالة التوقيت، نبه إلى أن زيارة الرئيس الصيني للمملكة بعد انتخابه لفترة ثالثة في رئاسة الصين جاءت لبناء جسور جديدة وتحديث الجسور السابقة مع الدول العربية، معتقدا أن محاور المباحثات ستتركز في ثلاثة محاور (سياسية اقتصادية تكنولوجية).
وأكمل: "الصين تبحث عن شركاء دوليين لبناء مشروع الحزام والطريق وهو مشروع سبق وأن طرحت بعض مشاريعه في البنية التحتية في بعض الدول العربية والذي يعتمد على تسهيل سلاسل الإمداد فيما بين الصين وقارتي أوروبا وأفريقيا".
ومضى الرويس في حديثه: "أما في المجال التكنولوجي فالصين من الدول التي لا تمانع نقل التقنية لشركائها وبناء صناعات تكنولوجية في الدول العربية وهي مستقبل الصناعات".
وعن المحور الثالث وهو السياسي فعلق قائلا: "برأيي أن الصين لا تسعى لتشكيل تكتلات سياسية وإنما تبحث عن الاستقرار في الدول كافة لضمان تدفقات صناعاتها وسلاسل الإمداد".
وقال: "لذلك أعتقد أن هذه الزيارة مهمة للتعاون الاقتصادي العربي- العربي من جهة والصيني- العربي من جهة أخرى لبناء مستقبل زاهر لدول المنطقة".
شراكة إستراتيجية
المحلل السياسي السعودي، فيصل الصانع، قال بدوره إن زيارة الرئيس الصيني شي جين بينج إلى المملكة تعكس حرص قيادتي البلدين على تعزيز العلاقات الثنائية، وشراكتهما الاستراتيجية واستثمار إمكاناتها السياسية والاقتصادية في خدمة مصالحهم المشتركة.
وأكد الصانع في حديثه لـ"العين الإخبارية" أن هذا يترتب عليه حرص المملكة أيضا على تنمية العلاقات السعودية العربية مع الجانب الصيني في سياق توجهها الاستراتيجي لتعزيز علاقاتها وشراكاتها مع جميع الدول والقوى الدولية المؤثرة، وإقامة علاقات متوازنة، وتسهم في حماية المصالح المشتركة.
وتابع: "هذا ما نراه من عقد ثلاث قمم هي (السعودية الصينية، والخليجية الصينية، والعربية الصينية) بحضور أكثر من ٣٠ قائد دولة ومنظمة دولية، ما يعكس أهمية انعقاد هذه القمم، وما تحظى به من اهتمام إقليمي ودولي".
وأشار إلى أنه على هامش القمة السعودية الصينية سيتم توقيع أكثر من ٢٠ اتفاقية أولية بقيمة تتجاوز ١١٠ مليارات ريال، إضافة إلى توقيع وثيقة الشراكة الاستراتيجية بين المملكة والصين، وخطة المواءمة بين رؤية المملكة ٢٠٣٠، ومبادرة الحزام والطريق، كما سيُعلن عن إطلاق جائزة الأمير محمد بن سلمان للتعاون الثقافي بين البلدين.
ولفت إلى أن القمم التي تعقد في العاصمة السعودية الرياض لها تأثير كبير على المنطقة سواء سياسي، حيث إن المملكة هي الأجدر بالتأثير السياسي على جميع المستويات الإقليمية والعالمية، أو اقتصادي لأنها محط أنظار العالم في تحريك الاقتصاد العالمي.
نقلة نوعية
ومن جانبه، قال رئيس المجلس الاقتصادي الأفروآسيوي في نيويورك، الكويتي الدكتور طارق بن عيد العبيد، إن القمة تمثل نقلة نوعية في مسار تطور العلاقات العربية الصينية، وتحمل عددا كبيرا من الدلالات والتداعيات الاقتصادية والسياسية الهامة على الدول المشاركة.
وأضاف العبيد في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن الصين تسعى لتعزيز نفوذها ووجودها في المنطقة، ومزاحمة القوى الكبرى الأخرى خاصة الولايات المتحدة وروسيا.
وأوضح كما أنها تحاول الدخول للبناء واستقطاب العديد من الفرص الواعدة والاستثمارات المشتركة التي يمكن توظيفها بين الجانبين، خاصة في مجال التكنولوجيا الرقمية والطاقة المتجددة والصناعات كثيفة العمالة ومشروعات ريادة الأعمال والتشييد والبناء.
وأكمل أن القمة تمتاز بوجود قادة دول الخليج بالإضافة إلى كل من مصر والأردن، لافتا إلى وجود استثمارات كبرى مثل المشروعات القومية العملاقة لبعض الدول العربية منها المشروعات التنموية الطموحة في الإمارات، وكلها تمثل بيئة جاذبة وواعدة للاستثمارات الصينية الضخمة، ومشروع نيوم في السعودية وقناة السويس في مصر.