تحذيرات أمريكية من «إغراق البلاد بالجواسيس» في حرب باردة مع الصين

حذر مسؤولون أمريكيون من أن أفراد الجيش الأمريكي وموظفي الحكومة باتوا أهدافاً رئيسية لـ"حملة تجسس منسقة تنفذها الصين".
وتأتي هذه التحذيرات في ظل اعتقال جنديين أمريكيين، جيان تشاو ولي تيان، بتهم بيع معلومات عسكرية حساسة للغاية إلى جهات في الصين، ما يعكس عمق التحديات التي تواجه الأمن القومي الأمريكي في مواجهة عمليات التجسس الصينية، بحسب شبكة "فوكس نيوز" الأمريكية.
وفقاً لوزارة العدل الأمريكية، تم توجيه اتهامات رسمية إلى تشاو وتيان بعد أن باعا معلومات "بالغة السرية" تتعلق بأنظمة عسكرية أمريكية مثل مركبة القتال "سترايكر" ونظام المدفعية الصاروخية عالية الحركة "هيمارس"، إلى أشخاص مرتبطين بالحكومة الصينية.
وتشير التقارير إلى أن تيان تلقى عشرات آلاف الدولارات مقابل هذه الوثائق، فيما حصل تشاو على مبالغ مالية مقابل أقراص صلبة تحتوي على معلومات سرية، في انتهاك صارخ للثقة التي منحت لهما كجنود في الجيش الأمريكي.
هذه الحوادث ليست معزولة، بل تعكس جزءاً من حملة أوسع تستخدم فيها الصين "وسطاء" موثوقين لتجنيد أشخاص داخل المؤسسات الأمريكية، بمن في ذلك موظفون حاليون وسابقون في الحكومة، بهدف الحصول على معلومات استخباراتية حساسة، وفق مزاعم تقرير "فوكس نيوز".
وطالما نفت الصين اتهامات أمريكية مماثلة بما في ذلك أزمة مناطيد اعتبرتها واشنطن محاولة تجسس من بكين.
وأشار دان هوفمان، رئيس محطة سابقة في وكالة الاستخبارات المركزية، إلى أن الصين تستهدف بشكل منهجي كل من يخدم في الحكومة الأمريكية، مستخدمة أساليب متطورة تشمل التظاهر بهويات مزيفة والتواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي مثل "لينكدإن" لاستدراج الأفراد.
هذه العمليات تأتي في سياق "حرب تجسس باردة جديدة" بين الولايات المتحدة والصين، حيث تسعى بكين إلى تعزيز قدراتها العسكرية والاستخباراتية استعداداً لاحتمال صراع مستقبلي، خاصة في ظل التوترات المتزايدة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
ويشير خبراء مثل مايكل سوبوليك من معهد هدسون إلى أن الحزب الشيوعي الصيني لا يتورع عن استخدام أي وسيلة للحصول على أسرار عسكرية أمريكية، حتى وإن كان ذلك عبر استغلال ولاءات بعض الأمريكيين مقابل مبالغ مالية زهيدة.
ولم يكن الجيش الأمريكي الهدف الأوحد لهذه الحملات، إذ اتسعت لتشمل أيضاً الأوساط الأكاديمية، كما حدث في أكتوبر/ تشرين الأول 2024 حين تم توجيه اتهامات لخمسة طلاب سابقين من جامعة ميشيغان بتهمة التجسس لصالح الصين خلال تدريبات مشتركة مع الجيش التايواني.
هذه الوقائع ترى فيها واشنطن أن الصين تعتمد استراتيجية شاملة تستهدف مختلف قطاعات المجتمع الأمريكي لتعزيز نفوذها وجمع المعلومات.
وفي ضوء هذه التطورات، يشدد خبراء الأمن القومي على ضرورة تعزيز إجراءات الحماية والتوعية داخل المؤسسات الأمريكية، بالإضافة إلى تطوير قدرات مكافحة التجسس لمواجهة التهديدات المتزايدة من الصين.
كما تبرز هذه الأحداث بوضوح أن الصراع بين الولايات المتحدة والصين لم يعد مقتصراً على الاقتصاد أو السياسة فقط، بل أصبح يشمل أيضاً حرباً استخباراتية معقدة تستهدف قلب الأمن القومي الأمريكي.