زيلينسكي.. "كلمة مرور" الصين لتصفح الفرص في أوروبا
في اتصال هو الأول منذ بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا طرقت الصين باب كييف، لكن على ما يبدو تسعى بكين لفتح أبواب أوروبا كلها.
حظيت المكالمة التي طال انتظارها بين الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الأربعاء، بترحيب مبدئي في واشنطن وأجزاء من أوروبا لدورها المحتمل في زيادة فرص الحوار نحو حل مسألة الحرب الروسية في أوكرانيا.
كما تمثل، بحسب تحليل نشرته شبكة "سي إن إن" الأمريكية، أوضح خطوة حتى الآن تتخذها الصين للاضطلاع بدور الوسيط الذي ألمحت إلى لعبه على مدار شهور.
ولكن تأتي المحادثة التي استمرت ساعة، ويعتقد أنها الأولى بين الرئيسين خلال 14 شهرا منذ بدء الحرب الروسية في أوكرانيا، مع مقترحات ملموسة لكييف قد تساعد الصين في رأب الانقسام المدمر الذي أحدثته الحرب بين البلدين.
ويرجح توقيت المكالمة أيضا، في قت تركز فيه بكين تماما على تعزيز روابطها مع أوروبا في ظل توتر العلاقات مع الولايات المتحدة، أن هناك حوافز أكبر من مجرد السلام في حسابات الصين، بحسب محللين.
وتوترت العلاقات منذ اندلاع الحرب، حيث تابع القادة الأوروبيون بجزع رفض بكين إدانة الحرب، وبدلا من ذلك عززت روابطها الاقتصادية والدبلوماسية مع موسكو، بما في ذلك الانضمام إلى الكرملين في لوم حلف شمال الأطلسي (الناتو) على تأجيج الصراع.
وواجهت جهود بكين لإصلاح العلاقات عثرة كبيرة في وقت سابق من هذا الأسبوع بعدما أشار دبلوماسي صيني كبير في باريس خلال حوار تلفزيوني إلى أن دول الاتحاد السوفياتي السابقة ليس لها مكانة في القانون، والتي اعتبرت تلميحا محتملا إلى وجهة نظر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المتمثلة في أن أوكرانيا يجب أن تكون جزءا من روسيا.
وقال بريان هارت، الزميل بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، وهو مؤسسة فكرية في واشنطن: "من الصعب فصل توقيت مكالمة شي وزيلينسكي عن تلك الأحداث، من المحتمل أن شي زامن المكالمة لتهدئة المخاوف في أوروبا، لكن يبقى أن نرى ما إذا كانت المكالمة ستقدم كثيرا من المساعدة لبكين.. وتراجعت القيادة العليا في بكين عن تصريحات السفير، لكن الضرر حدث بالفعل، متسببا في انتكاسة لمحاولات بكين لتحسين الروابط المتدهورة مع الكثير من دول أوروبا".
وأعرب زيلينسكي، الذي عبر على مدار شهور عن اهتمامه بالتحدث مع شي، عن آماله في دور صيني في السلام بعد المكالمة، واصفا إياها في خطابه للأوكرانيين بـ"فرصة لاستخدام النفوذ السياسي الصيني لاستعادة قوة المبادئ والقواعد التي يجب أن يقوم السلام على أساسها".
أما شي فتعهد من جانبه بأن الصين "لن تقف مكتوفة الأيدي"، وخطط لإرسال مبعوث خاص لدفع الاتصالات "مع جميع الأطراف" نحو محادثات السلام، وهي خطوة مشابهة للخطوات التي اتخذتها بكين في صراعات إقليمية أخرى من بينها أفغانستان.
لكن ما يمكن أن تحققه الصين بالضبط أو تأمل في تحقيقه لا يزال غير واضح، حيث لم تكشف بكين سوى عن تفاصيل ملموسة محدودة بخلاف تعيين المبعوث لي هوي، سفير صيني سابق لدى روسيا.
وفي غضون ذلك ما زالت الحرب مستمرة، حيث روسيا غير مستعدة للتخلي عن الأراضي التي حصلت عليها بطريقة غير قانونية، وتعهد أوكرانيا بالقتال حتى استعادة حدودها الشرعية.
وقالت يون سون، مدير برنامج الصين في مركز ستيمسون في واشنطن: "الصينيون لديهم أيضا توقعات واقعية بشأن ما يمكنهم تحقيقه، فيما لا يعتقد أحد أن روسيا أو أوكرانيا مستعدتان للجلوس والتحدث في هذا الوقت".
وبدلا من ذلك، بحسب سون، ربما تكون خطوة الصين لإجراء مكالمة مع زيلينسكي الآن محاولة للاستفادة من الدعم الفرنسي لدورها في الوساطة بعد الزيارة التي أجراها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤخرا للصين والفوز بأي مزايا من أوروبا.
وتابعت: "بالنسبة للصين، (مسألة أن) الحرب لن تنتهي قريبا لا تعني أنه لا يجب عليها استغلال الفرصة لزيادة نفوذها الدبلوماسي وتعزيز النية الحسنة مع أوروبا، النجاح غير مضمون لأي وساطة، لكن بذل الجهود يمنح الصين عدة نقاط وهذا ليس بالأمر الهين".
لكن هناك عدة أحداث أخرى، مثل علاقة بكين الوثيقة مع موسكو، رسخت شكوكا عميقة في الغرب بشأن دور الصين المحتمل كوسيط.
ومنذ بداية الحرب الروسية في أوكرانيا زعم شي التزام الصين موقفا محايدا، لكنه تحدث مع بوتين خمس مرات -بينهم مرتان بشكل شخصي- بدون إجراء مكالمة مع زيلينسكي، بالرغم من شراكة استراتيجية ممتدة لسنوات بين بلديهما.
كما واصلت الصين إجراء تدريبات عسكرية إلى جانب القوات الروسية، وزار وزير دفاعها موسكو في وقت سابق من هذا الشهر، مشيدا بالثقة "التي تزداد ترسخا" بين البلدين.
وأصدرت الصين "تسوية سياسية" غامضة الصياغة للصراع في ذكرى مرور عام على بدايته، والتي رفعها شي إلى زيلينسكي، الأربعاء، والتي ينظر إليها على نطاق واسع في الغرب وكييف على أنها أكثر تفضيلا لروسيا عن أوكرانيا. وتدعو إلى وقف لإطلاق النار لا يتضمن بندا بأن تسحب موسكو أولا قواتها من الأراضي الأوكرانية.
ورأى محللون أن هذا التاريخ والروابط الشخصية الوثيقة بين شي وبوتين -التي اتضحت أكثر خلال الزيارة التي استمرت ثلاثة أيام للرئيس الصيني إلى موسكو الشهر الماضي- ستقوض على الأرض مصداقية شي في أعين زيلينسكي.
aXA6IDE4LjExNy4xNDUuNjcg جزيرة ام اند امز