أول اتصال بعد 400 يوم.. هل تطفئ الصين نار أوكرانيا؟
"لن نراقب النيران من الجانب الآخر، ولن نضيف وقودا للنار".. تصريح لافت للرئيس الصيني شي جين بينغ، عكس رغبة بكين في الانغماس بشكل بناء في عملية السلام بين روسيا وأوكرانيا، دون مساهمة في التصعيد.
"رغبة" تبعها "فعل" بحديث عبر الهاتف، طال انتظاره نحو 400 يوم، حرك آمالا لا تخلو من الشكوك، في تحريك مياه السلام الراكدة في الأزمة الأوكرانية منذ فبراير/شباط 2022.
- الصين وأوكرانيا.. "دبلوماسية الهاتف" تنقب عن طريق للوساطة
- بعد السعودية وإيران.. الصين تخطط لوساطة بين روسيا وأوكرانيا
طرفا الاتصال هما الرئيس الصيني شي جين بينغ، ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، والأجندة كانت عملية السلام في الحرب الأوكرانية، أما العنوان الأهم فكان أول تواصل من نوعه بين الطرفين منذ بداية الحرب شتاء العام الماضي.
والتزمت الصين بشكل عام موقفا محايدا بشأن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، منذ اندلاعها في فبراير/شباط 2022، إلا أن علاقتها بروسيا شهدت تقاربا في الأشهر الماضية، ما أثار خشية الدول الغربية الداعمة لأوكرانيا من أن تقدّم بكين دعما عسكريا لموسكو، وهو ما نفته الأولى بشكل متكرر.
وأبلغ شي زيلينسكي، خلال الاتصال، الأربعاء، أنه "فيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية، لطالما وقفت الصين إلى جانب السلام وموقفها الأساسي هو تعزيز محادثات السلام"، وفق قناة "سي سي تي في" الصينية الرسمية.
واعتبر شي جين بينغ أن "الحوار والتفاوض" هما "المخرج الوحيد" للنزاع الذي دخل عامه الثاني، مشددا على أن بلاده لا تبحث عن تحقيق "مكاسب" في هذه "الأزمة" التي تعدّ من الأخطر منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
وقف "إطلاق النار"
وتعليقا على ما ورد في الاتصال، قالت الكاتبة الأوكرانية والمتحدثة السابقة باسم زيلينسكي إيوليا مندل إن "الاتصال والقنوات الدبلوماسية مع شي يعد خطوة كبيرة لأوكرانيا، ليس لي أن أحكم على مدى موثوقية بكين"، مستطردة: "هل تريد بكين السلام؟ يبدو"، وفق ما رصدته "العين الإخبارية" على حسابها بـ"تويتر".
المؤرخ والكاتب سيرجي رادشينكو كتب على حسابه بـ"تويتر" "شي قال إن الصين لا يمكنها مراقبة النار من الجانب الآخر، ووعد بمزيد من الانخراط، بما في ذلك إيفاد ممثل خاص إلى أوكرانيا للحديث عن محادثات السلام".
وتابع في تغريداته التي رصدتها "العين الإخبارية": "يبدو أن الفكرة الصينية الأساسية هي (التوصل) لوقف إطلاق نار، والذي سيكون من الصعب إقناع كل من كييف وموسكو به، لكنه سيضع الصين في دور القوة العظمى المسؤولة، ومن المأمول (بالنسبة لبكين) أن يقلل المخاوف في الغرب بشأن زيادة التعاون العسكري الصيني الروسي".
وفد صيني
ووفق صحيفة "غارديان" البريطانية تحاول بكين الحفاظ على علاقتها مع الاتحاد الأوروبي، وتقدم شي كصانع سلام في الصراع في أوكرانيا من أجل تحقيق هذا الهدف.
ونقلت غارديان عن مسؤول صيني لم تسمه، قوله "تخطط بكين لإرسال وفد إلى أوكرانيا ودول أخرى بهدف بدء مفاوضات السلام".
وجاءت المكالمة الهاتفية بين شي وزيلينسكي بعد أشهر من إطلاق خطة سلام اقترحتها الصين من 12 نقطة، نُشرت دون ترتيب محادثة بين الزعيمين، على الرغم من الطلبات المتكررة من زيلينسكي للاجتماع مع شي قبل وبعد زيارة الأخير للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو مؤخرا.
وفي هذا الإطار، قال أندرو سمول، الخبير في السياسة الخارجية الصينية في صندوق مارشال الألماني، مركز أبحاث أمريكي، إن "زيلينسكي طلب مرارا وتكرارا مكالمة مع شي، وقد تأخرت هذه المحادثة لبعض الوقت".
ومضى قائلا: "لقد كانت دائما ورقة يمكن للصين أن تلعبها في اللحظة التي تبدو فيها مفيدة من الناحية السياسية"، مضيفا "دون أن يتحدث شي إلى زيلينسكي كان من المستحيل فعليا أن تتظاهر بكين بأنها منخرطة في مبادرة سلام بشأن أوكرانيا".
تشكيك
وبلغة بها كثير من التشكيك في النوايا الصينية الحقيقية، قال سمول في تصريحات صحفية: "لا أعتقد أنه سيكون هناك شعور بأن هذا ينذر ببعض المبادرات المهمة على المدى القريب"، مضيفا: "الأكثر من ذلك، هذه جهود لتغيير السردية السائدة حول دور الصين في الأزمة الأوكرانية".
وكان الاتحاد الأوروبي رحب، في بيان، بمحادثات شي وزيلينسكي وبـ"فتح قنوات الاتصال" بين البلدين. وكذلك أعربت فرنسا عن ترحيبها بالاتصال.
وقال مسؤول في الرئاسة الفرنسية طلب عدم ذكر اسمه، إن باريس "تشجّع كل حوار" يمكن أن "يسهم في حل النزاع"، بشرط أن يكون "متماشيا مع المصالح الأساسية لكييف، والقانون الدولي".
في المقابل، قالت وزارة الخارجية الروسية في بيان، بعد الاتصال، إن "السلطات الأوكرانية وداعميها الغربيين أظهروا قدرتهم على تقويض مبادرات السلام"، مؤكدة أنها "أحيطت علما" برغبة الصين في "السعي لإقامة عملية تفاوض" بين روسيا وأوكرانيا.
وانتقدت الخارجية الروسية كييف "لرفضها أي مبادرة معقولة تهدف إلى تسوية سياسية ودبلوماسية للأزمة".
aXA6IDE4LjE4OC4yMjcuNjQg جزيرة ام اند امز