تايوان و«الفنتانيل».. هل تفتح ستوكهولم الطريق أمام بكين وواشنطن؟

لقاء ستوكهولم بين واشنطن وبكين ليس مجرد محاولة لخفض التوتر، بل قد يكون الخطوة الأولى نحو ما يُشبه إعادة ضبط كاملة.
هكذا ترى مجلة "فورين بوليسي" في تحليل كتبه غراهام أليسون أستاذ في علوم الحكومة في كلية كينيدي بجامعة هارفارد، حيث كان عميدها المؤسس. وهو أيضا مساعد وزير الدفاع الأمريكي السابق ومؤلف كتاب "مُقدَّرٌ للحرب: هل تستطيع أمريكا والصين الإفلات من فخ ثوسيديدس؟".
وفي التحليل الذي طالعته "العين الإخبارية"، أشارت المجلة إلى أن الاجتماع الذي انعقد يوم الإثنين في العاصمة السويدية ستوكهولم بين وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت ونائب رئيس الوزراء الصيني هي ليفنيغ، "يُعد أساسيا لجهود واشنطن وبكين لتحقيق الاستقرار في الهدنة في حربهما التجارية المتبادلة".
والأهم من ذلك- تضيف المجلة الأمريكية- أن الاجتماع الذي استمر يومين، سيكون بمثابة مؤشر لقمة مثمرة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ، والتي من المتوقع أن تعقد قبل أوائل نوفمبر/تشرين الثاني القادم.
وتقول "فورين بوليسى" إنه "على الرغم من أن التوترات بين الولايات المتحدة والصين قد هيمنت على عناوين الأخبار هذا العام، إلا أن هناك ما يدعو للاعتقاد بأن اجتماع هذا الأسبوع سيُرسي أسسا لعلاقة بنّاءة بين ترامب وشي".
بوصلة العلاقة
وبناء على ذلك، استعرضت المجلة توقعات لما ستؤول إليه العلاقة بين البلدين، تمثلت في:
- قمة ترامب وشي، عندما تُعقد أخيرا، قد تُطلق عليها تسمية "إعادة التوازن الكبرى".
- تفاهمات في قضايا لا تقتصر على التجارة، بل تمتد إلى استثمارات ضخمة في الطاقة والصناعة.
- ضغوط صينية حقيقية على تصدير مكونات الفنتانيل.
- تسوية محتملة لأزمة "تيك توك".
- وعود بشراء الصين المزيد من السلع الأمريكية لتقليص العجز التجاري الثنائي.
بل وقد يناقش الزعيمان بشكل سري إمكانية التعاون للحد من استفزازات الحكومة التايوانية الحالية.
- ومن الممكن أن تعلن القمة عن تأسيس علاقة جديدة - ربما حتى "شراكة" - بين البلدين.
توقعات نوهت المجلة "فورين بوليسي" إلى أنها لا تستند إلى أي تسريب لمعلومات سرية. مشيرة إلى أن إذا حدث هذا، فقد يُفاجئ العديد من أعضاء إدارة ترامب.
٤ نقاط لفهم عقلية ترامب في التعامل مع الصين
عند تقييم نهج ترامب المحتمل تجاه الصين، هناك أربعة اعتبارات رئيسية، بحسب التحليل، والمتمثلة في:
- أولاً، على عكس معظم مؤسسة السياسة الخارجية الأمريكية، بما في ذلك العديد من أعضاء إدارته، فإن ترامب ليس من صقور الصين.
فحين تُذكر الصين، يُرجّح أن يخطر بباله "الصديق" أكثر من "العدو". والدليل على ذلك حضوره الإعلامي خلال الحملة الرئاسية الماضية، حين امتدح الصين أكثر من أي مرشح آخر، حتى مع تصاعد مشاعر العداء الشعبي ضد بكين.
حينها قال "أنا أحب الصين"، "أحترم الرئيس شي كثيرا"، و"أريد للصين أن تنجح".
- ثانيا: ترامب مقتنع بأن قوة الاقتصاد الأمريكي هي مفتاح النجاح في انتخابات منتصف الولاية المقبلة (نوفمبر 2026)، وأن تحسين العلاقة مع الصين عنصر أساسي لتحقيق نمو اقتصادي قوي.
هذه القناعة تعززت في أبريل/نيسان الماضي، حين أعلن فرض تعريفات جمركية بنسبة 145% على السلع الصينية، لترد بكين بتعريفات بنسبة 125%، ما أثار قلق الأسواق.
وبتصعيد إضافي، فرضت واشنطن قيودا على تصدير رقائق أشباه الموصلات، لترد بكين بمنع تصدير معادن الأرض النادرة، ما أوقف إنتاج عدد من الصناعات الأمريكية الحيوية.
وقتها، تراجع ترامب وألغى القيود، وسمح لـ"نفيديا" باستئناف بيع الرقائق للصين، ووجّه وزارة التجارة بعدم اتخاذ خطوات قاسية ضد بكين.
- ثالثا: ترامب يرى نفسه "صانع الصفقات الأول". ومع بدء التفكير في إرثه السياسي، فهو يسعى لأن يُسجَّل في التاريخ كـ"صانع سلام عظيم".
وبما أن احتمالات النجاح في أوكرانيا وغزة تبدو قاتمة، فإن منطقة آسيا-المحيط الهادئ قد تكون فرصته الأفضل.
- رابعا، تتوافق رؤية ترامب لتايوان مع رؤية الصين أكثر من أي رئيس أمريكي منذ الحرب العالمية الثانية.
وكما ورد في مذكراته ومصادر موثوقة أخرى، خلال ولايته الأولى، عندما طُرح موضوع تايوان في المكتب البيضاوي، قارن ترامب مرارا وتكرارا بين رأس قلم حبر بحجم مكتبه، قائلا: "هذه النقطة هي تايوان، والمكتب هو الصين".
وأفادت التقارير أن ترامب رفض السماح للرئيس التايواني لاي تشينغ تي بالتوقف في نيويورك في رحلة كان من المقرر إجراؤها في أغسطس/آب، وذكرت رويترز أن لاي يؤجل رحلته الآن إلى "وقت لاحق من هذا العام".
ماذا عن الصين؟
في المقابل، يرى شي جين بينغ أن الصين في موقف قوي على صعيدي التجارة والضوابط التصديرية، وقد أظهر صلابة في الرد على استفزازات ترامب الأخيرة، مع ترك باب العودة للتفاهم مفتوحا.
ووفق "فورين بوليسي"، فإن أولوية شي بعد تجنّب حرب كارثية، هي تايوان، حيث ترى حملته لإعادة بناء الصين - ما تُطلق عليه بكين "التجديد العظيم للأمة الصينية" - أن "إعادة التوحيد" مع تايوان أمر أساسي.
ورغم أن التسوية بشأن الجزيرة لن تُحسم كصفقة عقارية، فإنه من غير المستبعد أن تصدر الولايات المتحدة موقفا صريحا برفضها استقلال تايوان وعدم استعدادها لخوض حرب من أجلها.