تحول تاريخي.. أوروبا تسجل عجزا مع الصين في تجارة السيارات
يشهد القطاع الأوروبي للسيارات تحولًا غير مسبوق، إذ كشفت بيانات حديثة أن أوروبا تسجل لأول مرة في عام 2025 عجزًا تجاريًا مع الصين في مجال تجارة السيارات.
وقالت صحيفة "ليزيكو" الاقتصادية الفرنسية إن التحول غير المسبوق في ميزان العجز التجاري الأوروبي للسيارات لم يقتصر على السيارات الجاهزة فقط، بل امتد ليطول قطع الغيار والمكوّنات الأساسية، ما أثار تحذيرات حادة من لجنة الربط لموردي السيارات الفرنسية والعديد من خبراء الصناعة.
مؤشرات العجز التجاري في السيارات
وفقًا لتقرير صادر عن شبكة "جيربيسا"، وهي شبكة جامعية دولية متخصصة في أبحاث صناعة السيارات كان الفائض التجاري الأوروبي مع الصين في السيارات حتى عام 2022 بمقدار 15 مليار يورو، لكنه انخفض بشكل متسارع، ليصبح عجزا في 2025 لأول مرة، ما يشير إلى تغيّر جذري في توازن القوى الصناعية.
وقالت الصحيفة الفرنسية إن هذا التغيير يعكس "ارتفاع واردات السيارات الصينية إلى أوروبا، خاصة سيارات الركاب الكهربائية، وتباطؤ صادرات السيارات الأوروبية إلى الصين، نتيجة المنافسة الشديدة، وتفضيلات السوق الصينية للمنتجات المحلية".
تفاقم الوضع في سوق قطع الغيار
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن الوضع يصبح أكثر خطورة بالنسبة للموردين الأوروبيين لقطع السيارات.
وأوضحت أن التحذيرات تأتي من اللجنة الفرنسية لموردي السيارات، التي تعتبر أن الاعتماد المتزايد على القطع الصينية قد يضعف سلسلة التوريد الأوروبية، ويمكن أن يؤدي إلى فقدان تقنيات محلية إذا استمر الاعتماد على الواردات الصينية، ويهدد وظائف آلاف العمال في قطاع التصنيع الأوروبي.
وأكد التقرير أن السوق يشهد موجة متنامية من الواردات الصينية، التي قد تصبح أكبر من قدرة الصناعة المحلية على المنافسة إذا لم تتخذ أوروبا إجراءات تنظيمية.

الأسباب وراء هذا التحول
ووفقًا للصحيفة الفرنسية فإن هناك عدة عوامل تفسر تفوق الصين على السوق الأوروبية، منها القدرة الإنتاجية الضخمة، فالصين تنتج ملايين السيارات الكهربائية سنويًا بأسعار تنافسية، وتكلفة منخفضة، وذلك بإنتاج السيارات والقطع في الصين أقل تكلفة مقارنة بالدول الأوروبية بسبب اليد العاملة الأرخص والتصنيع الضخم.
وأشارت إلى أن التوجه نحو السيارات الكهربائية يعد أيضًا أحد أسباب هذا التحول، موضحة أن أوروبا لم تسرع بما فيه الكفاية في إنتاج سيارات كهربائية بأسعار منافسة، بينما الشركات الصينية طورت نماذج جاهزة ومبسطة للسوق الأوروبية.
وبفضل سلاسل توريد متكاملة، تتحكم الصين في معظم المكوّنات الأساسية للبطاريات والمحركات الكهربائية، ما يقلل اعتمادها على الخارج ويزيد قدرتها على تصدير سيارات كاملة.
ردود الفعل الأوروبية
ويتخذ القطاع الأوروبي خطوات عاجلة لمواجهة هذه التحديات، منها تحذيرات من الموردين الأوروبيين، الذين يحذرون من تداعيات استمرار العجز، بما في ذلك فقدان المعرفة التقنية والوظائف.
كما أن هناك دعوات للحكومة الأوروبية لدعم الصناعة المحلية عبر حوافز للإنتاج المحلي للسيارات الكهربائية، وفرض قيود أو رسوم على السيارات والقطع المستوردة من الخارج، وتشجيع الابتكار في تقنيات البطاريات والمحركات.
ويشير الخبراء أيضًا إلى أن التعاون بين الشركات الأوروبية والجامعات لتطوير تقنيات جديدة قد يكون مفتاحًا لمواجهة التفوّق الصيني.
السيناريوهات المستقبلية
في حال استمرار الاتجاه الحالي، فمن المرجح أن يزداد العجز التجاري مع الصين في السنوات القادمة.
وقد يؤدي ذلك إلى تقلص صادرات أوروبا للسيارات الكهربائية إلى الصين، في وقت يعتمد السوق الأوروبي على التكنولوجيا الصينية.
وبينما تسعى الصين إلى توسيع حصتها في السوق الأوروبية، هناك تحذيرات من أن أوروبا قد تصبح سوقًا مستهلكًا فقط للسيارات الصينية، مع تراجع دورها الصناعي الفعلي.
