كاشكار الصينية.. نوتة عرقية تنبض بلحن التعايش
شمس ناعسة تخجل من تثاؤب خيوط صباح كاشكار، المدينة الرابضة كلوحة معلقة بين الأرض والسماء في مقاطعة تشينغ يانغ شمال غربي الصين.
ففي هذه المدينة التي يشكل مسلمو الأويغور 92% من سكانها، تتشابك قومياتها لتثمر نوتة موسيقية تنبض على لحن التعايش والتسامح، وتجمع تحت ظلالها تقاطعات لاختلافات لم تخرج يوما عن خصوصية كل عرقية.
عدسة "العين الإخبارية" تجولت في المدينة، وجابت معالم الحياة والثقافة والهوية فيها، وطاردت ظل التاريخ المطل من كل تقاسيمها الحبلى بالخبايا والحكايات والقصص.
ففي البلدة القديمة للمدينة، يستقبلك التاريخ من أوسع أبوابه، ليقودك إلى قلب نابض بالحياة والثقافة والإرث الديني.
حياة نابضة بنداء الأذان
يرتفع صوت الأذان باللغة العربية، فتدب الحياة في أوصال المدينة، تتحرك الخطوات حثيثة متجهة إلى المسجد، ثم تغادره عائدة إلى منازلها، في روتين يومي لا تنتهكه سوى تعرجات الطريق نحو السوق لابتياع متطلبات الحياة.
وفي متحف تأهيل المدينة، تجد كاشكار القديمة أمام مجلدات الماضي ومرآة الحاضر، وما بينهما تقف على طريق الحرير كهمزة وصل بين الشرق والغرب، تنبش التاريخ وتستفز الفضول بتفحص ملامح الماضي.
ورغم تعاقب الأجيال، إلا أن آثار أقدام التجار على طريق الحرير لا تزال شاهدة على استراتيجية المدينة التي تكتب عبر احتفاظها بنمط معين من التبادلات، قصة طريق حرير جديدة تحاكي الماضي في إشعاعه.
يقفز الحاضر ليمد تلك الطريق إلى أجياله، ويستلهم منها مفاهيم للتنمية الحديثة سرعان ما أفرزت مؤشرات اقتصادية إيجابية أفرزتها مشاريع متنوعة في منطقة غنية بالموارد.
شريان اقتصادي
وتستغل كاشكار مزاياها الجغرافية وتندمج بنشاط في بناء المنطقة للحزام الاقتصادي لطريق الحرير مدعومة بمجمعات صناعية في 12 بلدة، كما أنها تعتبر نقطة أساسية تربط أقصي نقطة في غرب الصين بآسيا الوسطي وجنوب آسيا.
وما بين الماضي والحاضر، ترتدي المدينة القديمة ثوبا حاكته أنامل أبنائها من قوميات انصهرت في جسد واحد رغم اختلاف أديانها، ولسان حالها ينطق بما تجود به هنا في سوقها، أحد أبرز الأماكن التي تجمع السكان حول هدف واحد.
هناك، كما في كل شبر من المقاطعة، لا يشعر المرء بأنه أمام عرقيات مختلفة بمرجعيات متنوعة، بل يطغى الانسجام والتعايش على ملامح الحياة والطقوس اليومية، حتى يعتقد أنه أمام شعب متجانس العرقية.
وفي كاشكار لا يقتصر الجمال على ما يختزله التنوع والتعايش، وإنما يتعداهما إلى سحر من نوع آخر تلتقطه الأعين وهي تتابع جبالها وهضابها وأنهارها وحتى الصحراء الشاسعة فيها.
توليفة استثنائية من الجمال القابع بمنتصف الطرق بين الطبيعة والتاريخ والحاضر، فتبدو بمساحتها التي تقدر بـ162 ألف كيلومتر مربع، وسكانها الـ4 ملايين، شبيهة بمنزل واحد يضم أسرة بانتماءات مختلفة.
مظلة كبيرة تجمع الاختلافات وتوحدها وأحيانا تسقطها عمدا من أجل رفع راية التعايش وتكريس التسامح، في ميزات منحت المدينة عن جدارة لقب عاصمة تقاليد القوميات.