لا تهاون ولا تراخي في شؤون الأمن القومي للبلاد، وأمن الوطن هو مسألة حياة أو موت تعلو على أي مصالح أو علاقات أو تحالفات.
مصادر الحزب الديمقراطي الأمريكي في واشنطن تشعر بقلق لتعاون السعودية مع الصين وروسيا في تطوير سلاحها من الصواريخ الباليستية.
هؤلاء يشعرون، أيضاً، بقلق شديد من إمكانية حصول الرياض على تخصيب قدرات نووية بحيث تكون أول دولة عربية تمتلك هذا السلاح.
السؤال الذي تجاهل هؤلاء طرحه:
لو كنت مكان المملكة العربية السعودية وشاهدت طهران تعلن كل يوم عن صواريخ باليستية وتظهرها على شاشات تليفزيونها الرسمي، ماذا كنت تفعل؟ هل تجلس أمام تلك الشاشة وتصفق لهم، أم تستعد أنت الآخر لحماية نفسك وتكون لديك القدرة على امتلاك سلاح الردع؟
لأن أمن البلاد والعباد لا يحتمل المغامرة أو انتظار موافقة الكونجرس أو أي قوة، كائناً من كانت، قام الملك فهد، رحمه الله، باتخاذ واحد من أعظم قراراته التاريخية بتكليف الأمير بندر شخصياً بعقد صفقة أكبر، ولكن بشكل سري، مع الصين.
ماذا تفعل لو علمت أن آخر التجارب الإيرانية في الصواريخ الباليستية تؤكد أن مدى هذا الصاروخ 800 كيلومتر ويحمل 1500 كيلوجرام من المقذوفات؟
وأقر العميد أمير حاجي زادة بأن قواته اختبرت هذا الصاروخ مؤخراً وأنه باليستي انشطاري يتحول إلى عدة صواريخ مجنحة (على الأقل عشرة صواريخ) عند اقترابه من الهدف، مما يصعب على أجهزة الدفاع الجوي مثل الباتريوت القدرة على منعه.
وحسب التقارير الواردة من واشنطن، تتحدث التسريبات أن المخابرات الأمريكية أبلغت البيت الأبيض بأن الرياض تتعاون بسرعة فائقة وبشكل قوى مع بكين في تطوير القدرة الصاروخية السعودية، وأن ذلك تم «من خلف ظهر واشنطن».
الغريب أن يفاجأ هؤلاء في واشنطن بالتعاون السعودي - الصيني، فقد سبق وحدث ذلك حرفياً في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز، حينما تقدمت الرياض عبر سفيرها، حينئذ، الأمير بندر بن سلطان، أحد أهم من قاموا بأدوار سياسية واستخباراتية في تاريخ السعودية، بطلب للبنتاجون بصفقة صواريخ كبرى تحقق منظومة دفاعية لكامل الحدود السعودية من خطر أي مغامرات إيرانية أو عراقية، وكان الرد بطيئاً متردداً تحت دعاوى «الصعوبات التي يمكن أن تواجهها مثل هذه الصفقة من قبل الكونجرس».
ولأن أمن البلاد والعباد لا يحتمل المغامرة أو انتظار موافقة الكونجرس أو أي قوة، كائناً من كانت، قام الملك فهد، رحمه الله، باتخاذ واحد من أعظم قراراته التاريخية بتكليف الأمير بندر شخصياً بعقد صفقة أكبر، ولكن بشكل سري، مع الصين.
وتمت الصفقة، وتم تركيب الصواريخ، وتم تدريب الأطقم السعودية عليها في الصين.
وحينما اشتكى «هيوم هوران» السفير الأمريكي في الرياض، حينئذ، في لقائه مع الملك فهد في ربيع 1989 مصاحباً موفد الإدارة الأمريكية بدرجة وكيل وزارة للخارجية، قام الملك بطرد السفير الأمريكي على الفور وترحيله من القصر الملكي إلى المطار مباشرة.
وبعدها تم سحبه والاعتذار وتعيينه في ساحل العاج.
ولمن لا يعرف، هناك ما يعرف باسم «قوة الصواريخ الاستراتيجية الملكية السعودية» وهي واحدة من أحدث أجنحة القوات المسلحة السعودية.
أنشئت هذه القوة كمشروع كان يعرف داخل وزارة الدفاع السعودية بمشروع «صقر» الصاروخي، وظل يتم العمل به بشكل سري حتى عام 2009 وتحدث عنه بعد ذلك لأول مرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
وكانت المملكة قد أجرت أول اتفاقاتها العسكرية مع الصين عام 1988 لشراء وتركيب ما بين 50 إلى 60 صاروخاً من طراز «دونج - فنج 3»، وهو صاروخ متوسط المدى قادر على حمل رؤوس نووية.
وتنافس الصين بأنظمة صاروخية نظام باتريوت الأمريكي و«إس 400» الروسي، بنظام يعرف بـ«إف - 21» العالي الكفاءة.
درس الملك فهد الذي تعلمه من والده الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن وعلّمه لإخوانه: سلطان ونايف وتركى وسلمان وعبدالرحمن وأحمد، والآن نقله سلمان حينما أصبح ملكاً لولي عهده وابنه الأمير «محمد»، أنه لا تهاون ولا تراخي في شؤون الأمن القومي للبلاد، وأن أمن الوطن هو مسألة حياة أو موت تعلو على أي مصالح أو علاقات أو تحالفات حتى لو كانت مع واشنطن.
نقلاً عن "الوطن المصرية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة