رسوم صينية على لحم الخنزير الأوروبي.. خبير اقتصادي: تُفاقم أزمات فرنسا

مع دخول قرار بكين حيز التنفيذ في 10 سبتمبر/أيلول، تستعد فرنسا لمرحلة معقدة في قطاعها الزراعي.
وقد أعلنت الصين فرض رسوم جمركية مضاعفة على واردات لحم الخنزير الأوروبي، في خطوة وُصفت بأنها "انتقام تجاري" من السياسات الأوروبية التي استهدفت في الأشهر الماضية السيارات الكهربائية الصينية.
ويأتي ذلك في وقت تعتبر فيه الصين الشريك التجاري الأهم لفرنسا في هذه الفئة، حيث استوردت خلال عام 2024 ما يقارب 115 ألف طن بقيمة 240 مليون يورو، وهو ما يمثّل نحو سدس الصادرات الفرنسية من هذا المنتج.
وتكتسب السوق الصينية أهمية خاصة بالنسبة للمصدّرين الفرنسيين، إذ تستهلك أجزاءً نادراً ما تلقى رواجاً في أوروبا، مثل الأقدام والآذان. وبفضل هذه العقود، تمكنت فرنسا من موازنة العجز في قطاع اللحوم، الذي يواجه أصلاً منافسة قوية داخل السوق الأوروبية.
لكن مع الرسوم الجديدة التي قد تصل إلى 62,4% على بعض الشركات، يخشى المنتجون الفرنسيون من خسارة هذا المنفذ الحيوي، ما سيؤدي إلى فائض إنتاج داخلي وضغط على الأسعار، وهو سيناريو قد يُضعف بشكل حاد تنافسية المزارعين الفرنسيين.
في هذا السياق، قال باتريك آرتوس الخبير الاقتصادي الفرنسي والمستشار السابق لدى بنك "Natixis"، لـ"العين الإخبارية" إن الأزمة تتجاوز مسألة الرسوم الجمركية فحسب: "الصين لا تستهدف قطاع الخنزير صدفة، بل اختارت نقطة ضعف استراتيجية في التوازن التجاري الزراعي الفرنسي.
وأوضح أن "خسارة هذا السوق لا تمثل مجرد تراجع في الصادرات، بل قد تؤدي إلى خلخلة كاملة في هيكل الأسعار الأوروبية للحم الخنزير".
وأضاف آرتوس موضحًا: "على المدى القصير، المزارعون الفرنسيون سيواجهون ضغوطًا مالية هائلة، لكن على المدى المتوسط هناك خطر أكبر: ازدياد المنافسة داخل الاتحاد الأوروبي على الأسواق الداخلية، مما سيجعل فرنسا أمام اختبار صعب للحفاظ على مكانتها الزراعية".
وشدد: "الأهم أن هذه المواجهة تُظهر محدودية قدرة الاتحاد الأوروبي على حماية منتجيه عندما تتحول الصين إلى استخدام سلاح التجارة كسلاح سياسي واقتصادي في آن واحد".
وقال الاقتصادي الفرنسي باتريك آرتوس إن ما قامت به الصين ليس خطوة تقنية بحتة، بل هي رسالة سياسية واضحة، موضحاً أنها تعرف أن قطاع لحم الخنزير الفرنسي يعتمد بشدة على السوق الصينية لتصريف منتجاته الأقل استهلاكًا في أوروبا.
وأضاف: "لذلك فإن ضرب هذا القطاع قد يترك تداعيات عميقة على الميزان التجاري الفرنسي".
وأشار أرتوس: "إذا استمرت الأزمة، قد نشهد خلال الأشهر المقبلة انخفاضًا في أسعار لحم الخنزير داخل أوروبا بسبب فائض العرض، وهو ما سيؤدي إلى تآكل أرباح المزارعين الفرنسيين".
وتابع: "هذا التوتر يثبت أن أوروبا بحاجة إلى سياسة تجارية أكثر استقلالية وصلابة لحماية قطاعاتها الحيوية أمام النفوذ الصيني المتنامي".