"الكريسماس".. ترانيم التسامح تغطي سماء الخرطوم
إعادة عطلة أعياد الميلاد تنعش آمال الطوائف المسيحية في استرداد كثير من الحقوق التي صادرها نظام الإخوان الإرهابي خلال 3 عقود ماضية
علت الترانيم والصلوات الصادرة من دور العبادة الخاصة بالطوائف المسيحية "الكنائس"، وسط العاصمة السودانية الخرطوم، إيذاناً ببدء احتفالات أعياد الميلاد المجيد "الكريسماس"، في حدث غاب عن البلاد لسنوات، بسبب حالة التضييق التي كان يفرضها نظام الإخوان البائد.
ولأول مرة منذ 8 سنوات، سيكون، الأربعاء، عطلة رسمية في كل أنحاء السودان بمناسبة أعياد "الكريسماس"، بينما ستكون عطلة الميلاد المجيد للطوائف الغربية خلال الفترة من 24 إلى 26 من الشهر الجاري، وفق ما أعلنته الحكومة الانتقالية.
وظل السودان يحتفل بـ"الكريسماس"، ويمنح عطلة لمواطنيه في تلك المناسبة، حتى انفصال جنوب السودان عام 2011، وبعدها ألغت حكومة الخرطوم تلك العطلة.
وأنعشت إعادة عطلة أعياد الميلاد آمال الطوائف المسيحية في استرداد كثير من الحقوق التي صادرها نظام الإخوان الإرهابي خلال 3 عقود ماضية، كما دفعتها إلى الإعداد مبكراً للاحتفال بهذه المناسبة لأول مرة، في ظل أجواء التسامح واتساع مساحة الحريات الدينية والعامة.
وبدت أجواء التسامح تخيم على المشهد السوداني هذه الأيام من أي وقت مضى، بعد أن انطلقت دعوات واسعة لمشاركة المسلمين إخوتهم المسيحيين، احتفالاتهم بأعياد الميلاد المجيد، تعزيزاً للتعايش السلمي، ورتق النسيج الاجتماعي الذي طالما حاولت السلطة البائدة تفكيكه بخطاب الكراهية والتطرف الديني، وفق ناشطين.
وتأتي هذه الدعوات والمسلمون يحفظون للطوائف المسيحية جميل عزوفها عن إقامة احتفالات أعياد الميلاد "الكريسماس" العام الماضي، تضامناً مع شهداء وجرحى الاحتجاجات التي تفجرت ضد حكم الإخوان الإرهابي.
وقال أنجلو الملكي، رئيس السنودس الإنجيلي بالسودان، إنهم سعداء بعودة أعياد عطلات "الكريسماس"، مضيفاً: "سنفرح مع أطفالنا وأبنائنا لأول مرة منذ 8 سنوات، حيث كانوا يضطرون إلى الذهاب للمدارس والجامعات التي تُواصل الدراسة، ولا تتوقف في أعيادنا المجيدة كما يجب".
وأضاف الملكي خلال حديثه لـ"العين الإخبارية": "فرحتنا ستكتمل إذا شاركنا إخوتنا المسلمون والمسؤولون الحكوميون احتفالاتنا بأعياد الميلاد؛ لأن ذلك سيوحدنا كسودانيين، وينشر التسامح بيننا، وهذا ما قصدته ثورة ديسمبر/كانون الأول المجيدة، حيث عمل النظام البائد على تفرقتنا ببث خطاب الكراهية والتطرف الديني".
وتابع: "لقد انتهك نظام البشير حقوقنا، حيث كان يهدم الكنائس، ويعتقل رجالات الدين المطالبين بالحريات، ولكن بحمد الرب لقد تخلصنا منه بفضل الثورة التي شارك فيها جميع السودانيين بفاعلية".
وأعلنت الحكومة الانتقالية في السودان، الثلاثاء، تشكيل لجنة من كبار المسؤولين، تضم عضو مجلس السيادة رجاء نيكولا عبدالمسيح، ووزير الشؤون الدينية والأوقاف نصرالدين مفرح، وآخرين؛ لحضور احتفالات أعياد الكريسماس للطوائف الغربية والشرقية المقامة بعددٍ من الكنائس في البلاد.
وتشكل المشاركة الحكومية في أعياد الميلاد المجيد مصدر فرح إضافي إلى إنجلينا جون، وهي شابة مسيحية تقيم بالخرطوم، وتتأهب لاحتفال فريد بـ"الكريسماس" هذه السنة، مع اتساع مساحة الحريات الدينية.
وقالت "جون" لـ"العين الإخبارية": "عودة عطلات الكريسماس تمثل خطوة مهمة في سبيل رد حقوق كثيرة صادرها النظام البائد، من بينها إجازة يوم الأحد الأسبوعية، ورفع القيود عن تشييد دور العبادة للمسيحيين".
وناشدت السلطات الحكومية بضرورة توفير الحماية اللازمة للمواكب التي يسيرونها خلال احتفالات أعياد الميلاد "زفة الكريسماس"، وأن يتعاطى معها إخوتهم في الطوائف المسلمة بإيجابية، تعزيزاً للتسامح المنشود.
الصحفي المهتم بالحريات الدينية في السودان حسين سعد، يرى أن الفرصة أصبحت مواتية تماماً لتعزيز التسامح والتعايش الديني بين السودانيين، الذين طالما فرقتهم سياسات الكراهية والتطرف التي كان يتبناها نظام الإخوان البائد".
وقال "سعد" لـ"العين الإخبارية": "إنه لأمر جيد أن تعيد الحكومة الانتقالية عطلات أعياد الميلاد، ستعم الفرحة والترانيم والأهازيج شوارع السودان لأول مرة، وسنشهد كريسماس استثنائي هذا العام".
وشدد على أن القرار يعكس احترام حكومة الثورة للتعدد الديني في السودان، حيث كان اضطهاد الأقليات الدينية من قبل النظام البائد أحد أهم أسباب الحرب، وتمزيق وحدة البلاد".
وسحبت الولايات المتحدة، الجمعة 20 ديسمبر/كانون الأول الجاري، السودان من لائحتها السوداء للدول التي تثير قلقاً، وذلك بفضل الخطوات المهمة التي اتخذتها الحكومة الانتقالية التي يديرها مدنيون، للتصدي للانتهاكات الصارخة المنهجية والمتواصلة لحرية المعتقد، التي وقعت في ظل النظام السابق، وفق ما أعلنه وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو.
وقال حسين سعد: "القرار الأمريكي يمثل ثمرة لثورة ديسمبر/كانون الأول المجيدة، التي أدت لإنهاء حالة الكبت والاضطهاد، واتساع مساحة الحريات في مختلف المجالات، خاصة الدين والتعبد".