مسيحيو العراق يلغون احتفال عيد الميلاد تضامنا مع قتلى الاحتجاجات
الكاردينال لويس روفائيل ساكو، بطريرك الكنيسة الكلدانية في العراق يقول: "لا يمكننا إقامة الاحتفال في وقت يواجه فيه الآخرون الموت"
قالت صحيفة "تليجراف" البريطانية إن قادة الطائفة الكلدانية - أكبر طائفة مسيحية في العراق، قرروا إلغاء احتفالات عيد الميلاد تضامناً مع قتلى الاحتجاجات التي اندلعت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
- نيويورك تايمز: العراق يعيش أسوأ أزمة سياسية وقيادته
- العراق على صفيح ساخن.. لماذا يتظاهر العراقيون ضد قصي السهيل؟
وفي مقابلة مع الصحيفة، قال الكاردينال لويس روفائيل ساكو، بطريرك الكنيسة الكلدانية في العراق، إنه "لا يمكننا من الناحية الأخلاقية والروحية إقامة الاحتفال في جو من التوتر، ليس من الطبيعي أن نظهر فرحتنا وسعادتنا في وقت يواجه فيه الآخرون الموت.. هذا لا يجوز".
وتابع الكاردينال ساكو أن الأموال التي خصصتها الكنيسة لزخارف الأعياد والاحتفالات سيتم التبرع بها أيضاً للمنظمات التي تساعد المحتجين الجرحى، لافتاً إلى أن قرار إلغاء الاحتفالات اتخذ في وقت سابق من الشهر الجاري.
وفي زيارة قام بها مؤخراً إلى ساحة التحرير، مركز الحركة الاحتجاجية، قال البطريرك بعد مشاهدة بحر من الأعلام العراقية ترفرف: "إن الوقت حان لكي يتحد العراقيون من جميع الطوائف.. هناك تشعر أنك عراقي وأن عراقا جديدا يولد".
وأشار إلى أن العراق يشهد منذ مطلع أكتوبر/تشرين الأول مظاهرات يطالب خلالها المحتجون بإصلاح النظام السياسي، وتغيير كامل طبقتهم الحاكمة التي يعدونها فاسدة، ووقف النفوذ الإيراني ببلادهم.
وكانت المفوضية العليا المستقلة لحقوق الإنسان في العراق أعلنت، الجمعة، أن عدد ضحايا المظاهرات الاحتجاجية منذ انطلاقها حتى الآن بلغ 485 قتيلا وأكثر من 27 ألف مصاب.
وقال علي البياتي عضو مجلس المفوضية، في تصريحات صحفية، إن إجمالي ضحايا المظاهرات الاحتجاجية بلغ 485 قتيلا وأكثر من 27 ألف مصاب و2807 معتقلين تم إطلاق سراح أغلبهم، باستثناء 107 لا يزالون رهن التحقيق.
ومن جانبه، قال نينوس روبرت يوخان (يعمل في منظمة غير حكومية): "كمسيحيين في العراق مررنا بموقف عصيب للغاية، فهذه المناسبة الخاصة لا تحدث إلا مرة واحدة في العام. لكننا قمنا بالشيء الصحيح الذي يجب فعله لجميع العراقيين الذين ماتوا وتقديم الدعم في الوقت ذاته للمحتجين. سيكون من الصعب الاحتفال هذا العام".
وأشار يوخانا (30 عاماً) الذي يعيش مع أسرته في بغداد، إلى أنهم سيحتفلون بالعطلة في المنزل هذا العام، وبدلاً من تبادل الهدايا، سينفقون الأموال على الطعام والملابس والماء لتوزيعها على المحتجين.
وذكرت "التليجراف" أن الجالية المسيحية في العراق عانت عقودا من الاضطهاد والعنف والحرب، ما ترك لهم فرصا ضئيلة للاحتفال.
وتراجعت أعداد الأقلية المسيحية بشكل كبير بسبب الهجمات التي شنها تنظيم داعش الإرهابي، ما دفعهم إلى الرحيل من المناطق التي عاشوا فيها لآلاف السنين.
وأشارت "التليجراف" إلى أن المسيحيين كانوا يشكلون نحو 7% من السكان، لكن أعدادهم تراجعت في الوقت الراهن إلى 300 ألف فقط من بين 1.5 مليون كانوا يعيشون في العراق قبل الاحتلال الأمريكي.
ومن جانبه، حذر القس بشار وردة، رئيس أساقفة أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، في وقت سابق من هذا العام من أن المسيحية في العراق "توشك على الانقراض".
وأكدت الصحيفة البريطانية أن العراقيين كان لديهم وعي بمسألة الطائفية، حيث أعلنوا رفضهم لجميع الرموز السياسية والطائفية، وعادوا إلى سماع الأناشيد الوطنية التي كانت تذاع في الثمانينيات أثناء الحرب مع إيران.
وقال أحمد البغدادي، الطالب البالغ من العمر 23 عاماً من العاصمة، لصحيفة "التليجراف": "الطائفية أداة استخدمتها الحكومات المتعاقبة لتقسيمنا".
وأضاف: "نحن جميعا في الشارع معا لجعل العراق أفضل للجميع، وليس لمجموعة أو أخرى".
وقالت "التليجراف" إن المسيحيين من سهل نينوى شمال البلاد توجهوا إلى بغداد في حافلات للانضمام إلى الاحتجاجات.
وفي قراقوش، أكبر مدينة مسيحية في السهل، حمل من لا يستطيعون السفر شموع الصلاة والأعلام العراقية تضامنا مع المحتجين.
كما قامت كنائس البصرة وبغداد بتوفير المأوى للمتظاهرين، بينما تقوم كنيسة المشرق الآشورية بتوزيع الطعام والماء عليهم.
وقالت جوليانا تيمورازي، مؤسِّسة ورئيسة مجلس الإغاثة المسيحي العراقي وزميلة الدفاع عن مشروع فيلوس، لصحيفة "التليجراف"، إنه "علينا جميعا أن نتحد لإسقاط النظام الفاسد، وإلا فلن نحظى بفرصة أخرى".