قصي السهيل.. مرشح بـ"خلفية إيرانية" لرئاسة الحكومة العراقية
قصي السهيل ينحدر من عائلة ذات أصول إيرانية وأول ظهور له كان في الجمعية الوطنية العراقية 2004 ثم كوزير للتعليم العالي.
لم يكن الصعود المتسارع لقصي السهيل في سلم المناصب العليا بالعراق محض صدفة؛ بل أدى قربه من الحرس الثوري الإيراني دوراً كبيراً في هذه التنقلات، وصولا إلى ترشيحه لرئاسة الحكومة المزمع تشكيلها في بغداد.
من عضوية الجمعية الوطنية العراقية عام 2004 كان الظهور الأول لـ"السهيل" بين دوائر الحكم العراقية قبل الانتقال إلى موقع وزير التعليم العالي، ليصبح الرجل المنحدر من عائلة ذو أصول إيرانية قاب قوسين من منصب أهم.
في قضاء الفاو بمحافظة البصرة جنوب العراق، نشأ قصي السهل بين أسرته، متخذاً من بوابة التيار الصدري عام 2004 الذي يتزعمه رجل الدين الشيعي البارز مقتدى الصدر مسلكاً ظاهرياً للصعود السريع.
لكن الحقيقة أن السهيل لم يكن مواليا للصدر وتياره؛ بل حليفاً للإرهابي قيس الخزعلي زعيم مليشيا عصائب أهل الحق كجزء من النفوذ الإيراني داخل التيار الذي كان يتحرك عكس خطوات "مقتدى" آنذاك، وإن احتفظ بموقعه بين صفوف التيار حتى عام 2014.
ورغم انشقاق الخزعلي عن الصدر ومليشيا جيش المهدي التابعة للتيار في حينها، وتشكيله مليشيا عصائب أهل الحق فيما بعد إلا أن السهيل لم يلحق به كما كان متوقعا؛ إذ بقي بأوامر من إيران داخل صفوف التيار الصدري دعماً للمليشيا في المستقبل.
وعند فوزه بمقعد في الدورة الأولى لمجلس النواب العراقي عام 2006، والتي تمخض عنها تولي زعيم حزب الدعوة نوري المالكي رئاسة الوزراء، وهو المعروف بقربه من إيران والإرهابي قاسم سليماني قائد فيلق القدس جناح الحرس الثوري الإيراني الخارجي، بدأ السهيل يوثق علاقاته مع المالكي لنيل حصة أكبر من العملية السياسية وصفقات الأموال والمشاريع.
وأثمر تقارب السهيل مع المالكي وسليماني عن ترشيحه لمنصب النائب الأول لرئيس مجلس النواب العراقي في دورته الثانية، التي كانت في الوقت ذاته الدورة الثانية للمالكي أيضاً.
ومع أن فترة عمله كنائب لرئيس مجلس النواب انتهت قبل أن تُختتم الدورة البرلمانية، إلا أن السهيل كان وبحسب نواب عراقيين غطاءً لكثير من الصفقات التي مررت لصالح حزب الدعوة وإيران.
وخلال وجوده في منصب نائب رئيس البرلمان العراقي، نجح السهيل في تجميد محاولات استجواب وزراء حزب الدعوة، ومن هنا وبعد مرور نحو 3 أعوام على تسلمه المنصب قدم استقالته بشكل مفاجئ؛ حيث كشفت مصادر مقربة من الصدر أن الاستقالة كانت بطلب من المرجع الشيعي نفسه.
ظل السهيل شبه بعيد عن الإعلام خلال الفترة التي أعقبت استقالته من منصب نائب رئيس البرلمان، خصوصا أنه لم ينجح في تولي أي مناصب خلال الفترة التي أعقبت انتهاء وزارة المالكي، رغم محاولاته لنيل منصب محافظ البنك المركزي العراقي لكن رفض الصدر له حرمه من اقتناص المنصب.
هنا قرر السهيل ترك صفوف التيار الصدري، بأوامر مباشرة من إيران، ثم حاول تشكيل حزب سياسي بدعم من الحرس الثوري، وبالفعل أسس حزبه الذي لا يزال يتلقى شهريا نحو 250 ألف دولار أمريكي، بحسب معلومات حصلت عليها "العين الإخبارية" من مصادر مطلعة في الحكومة العراقية.
رغم كل التمويل الإيراني الضخم له، لم يخض قصي السهيل الانتخابات البرلمانية التي شهدها العراقي في مايو/أيار الماضي بشكل مستقل؛ بل انضم إلى قائمة دولة القانون التي يتزعمها نوري المالكي وفاز بمقعد في البرلمان، ومن ثم رشح لمنصب وزير التعليم العالي في الحكومة الحالية، التي كانت من حصة حزب الدعوة، بحسب نظام المحاصصة بين الكتل الفائزة في الانتخابات.
وعلى مدى أكثر من عام من توليه منصب وزير التعليم العالي في حكومة رئيس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبدالمهدي، استغل السهيل منصبه في ترسيخ الوجود الإيراني في العراق عبر دعم الجامعات التابعة لمليشيا حزب الله اللبناني والجامعات الإيرانية ودور النشر التي تشكل جميعها طرقا للالتفاف على العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران وحزب الله.
وتشكل المؤسسات التعليمية مصدرا لتمويل الحرس الثوري ومليشيات حزب الله بالأموال التي تستخدمها لتنفيذ مشاريعها الإرهابية في المنطقة.
وقدم تحالف البناء في البرلمان العراقي، طلبا إلى الرئيس برهم صالح؛ لترشيح قصي السهيل لرئاسة الوزراء؛ حيث وقع على الطلب، قادة التحالف نوري المالكي وهادي العامري وفالح الفياض ومحمد الحلبوسي وخميس الخنجر لخلافة المستقيل عادل عبدالمهدي، وذلك وفقا للمادة 76 من الدستور.
واستقال رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي من منصبه نهاية نوفمبر/تشرين الثاني، تحت ضغط المظاهرات المتواصلة منذ مطلع شهر أكتوبر/تشرين الثاني الماضي، وقبل مجلس النواب مطلع ديسمبر/كانون الأول الجاري، استقالته.
ويضم تحالف البناء الذي يعد الكتلة البرلمانية الأكبر (150 مقعدا من 329) كلا من الفتح بزعامة هادي العامري، ودولة القانون بزعامة نوري المالكي، وجزءا من ائتلاف النصر يقوده فالح الفياض المنشق عن حيدر العبادي.
ورغم رفضه من قبل المحتجين العراقيين، يسعى السهيل الذي لم يتجاوز عمره 54 عاماً عبر وعود قطعها على نفسه لإيران وحزب الله بتوسيع تمويلها ماليا من خلال منحها الحصة الأكبر من عمليات إعادة إعمار العراق وتنفيذ مشاريع أوسع في جميع المجالات لإنقاذ طهران ومليشياتها من مأزق العقوبات الأمريكية.
ويحذر مراقبون من فرض السهيل أو أي شخصية سياسية أخرى من قبل مليشيات الحشد الشعبي وإيران على المحتجين العراقيين الذين يطالبون بشخصية مستقلة وغير مرتبطة بطهران خشية تفاقم من حدة الاحتجاجات في البلاد، وقد تدفع إلى خروج الانتفاضة السلمية على النفوذ الإيراني عن نطاقها السلمي.
ويطالب المتظاهرون في بغداد وعدد من المدن العراقية بإصلاح النظام السياسي، وتغيير كامل طبقتهم الحاكمة التي يعدونها فاسدة، ووقف النفوذ الإيراني ببلادهم.