نيويورك تايمز: العراق يعيش أسوأ أزمة سياسية وقيادته عاجزة
الصحيفة ترى أن قادة العراق السياسيين عجزوا حتى الآن عن التوصل إلى توافق للآراء حول خطة لتلبية مطالب المحتجين
على مدى 12 أسبوعا، المظاهرات أظهرت الحكومة وقيادات العراق عاجزة عن تنفيذ وعودها الغامضة بالإصلاح، ووقف استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين من قبل قوات الأمن والمليشيات الموالية لإيران.
الاحتجاجات، التي انطلقت مطلع أكتوبر/تشرين الأول، أسفرت عن مقتل أكثر من 500 محتج وإصابة نحو 19 ألف آخرين، وفقا لمبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى العراق، لكن هذه القوة المفرطة من جانب المليشيات وقوات الأمن زادت من تصميم المتظاهرين.
صحيفة "نيويورك تايمز" أشارت، في تقرير لها، إلى أن الأزمة السياسية التي تواجه العراق الآن خطيرة بقدر الأزمات التي شهدها منذ الإطاحة بصدام حسين قبل 16 عاما.
ويبدو، حسب الصحيفة، أن قادة العراق غير مهيئين للتعامل مع الأزمة، فلم يتمكنوا حتى الآن من التوصل إلى توافق الآراء بشأن خطة لإصلاح الحكومة لتلبية مطالب المحتجين.
ولم يدرس البرلمان العراقي بجدية التغييرات المقترحة على قانون الانتخابات التي طرحها الرئيس برهم صالح، والتي من شأنها أن تقلل من تأثير الأحزاب والفساد الذي تنتهجه.
هذا الأسبوع، انقضى الموعد النهائي الدستوري للبرلمان لترشيح رئيس وزراء جديد، فحتى العثور على مرشح مقبول لرئاسة الوزراء تبدو مهمة شاقة للغاية.
ونقلت "نيويورك تايمز" عن ماريا فانتابي، كبيرة المستشارين في العراق وسوريا لصالح مجموعة الأزمات الدولية قولها "من الصعب جدا العثور على شخص يحظى بقبول واسع في الشارع بين المتظاهرين، ويحظى أيضا بدعم الحزب، والدعم السياسي لقيادة البلاد إلى المرحلة الانتقالية".
وقال مهدي شاسن، طالب جامعي من العمارة، في جنوب العراق، حضر إلى بغداد للانضمام إلى الاحتجاجات، في مقابلة مع "نيويورك تايمز": "هدفنا ليس استقالة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي.. هذا لن يحدث فارقا لأن أيا من كان سيخلفه لن يختلف عنه كثيرا.. نريدهم جميعا أن يرحلوا".
لكن البرلمان العراقي لا يتوقع أن يتبنى إصلاحات من شأنها أن تنهي الحياة السياسية لكل أعضائه، ومن غير المرجح أيضا أن يقبل المحتجون بأي شيء أقل من ذلك.
وأوضحت "نيويورك تايمز" أن عملاء إيران في المجال السياسي والعسكري، بينهم شخصيات بارزة مثل قاسم سليماني (إرهابي يقود مليشيا القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني والناشطة في العراق)، زاروا بغداد في محاولة للتوصل إلى مرشح لرئاسة الوزراء "يلبي احتياجات إيران".
وأكدت فانتابي: "أن العثور على شخص يحظى بقبول في الشارع العراقي، وللأحزاب السياسية الشيعية وإيران يبدو مستحيلاً إلى حد بعيد ".
ومن ثم، فبدلاً من مناقشة مطالب المحتجين مباشرة، يتحدث أعضاء البرلمان عن إنجازاتهم - إصدار تشريع للحد من رواتب الوزراء على سبيل المثال.
يقول تقرير "نيويورك تايمز" إنه عندما بدأت الاحتجاجات في الأول من أكتوبر/تشرين الأول، كان الكثيرون ممن شاركوا في المظاهرات في بغداد وفي جنوب العراق يطالبون بالوظائف والخدمات مثل الكهرباء والمياه النظيفة.
ولكن بعد أن فتحت الحكومة النار عليهم، وقتل أكثر من 100 في الأيام الخمسة الأولى، تضاعف عدد المتظاهرين وبدأوا في المطالبة بإجراء تغييرات أوسع نطاقا.
وأوضحت الصحيفة أن إصلاح نظام الحكم برمته يبدو حلما بعيد المنال. لكن إصرار المحتجين يعكس إحباطهم من فشل الحكومة في تعزيز الفرص الاقتصادية أو التعامل مع الفساد المستشري في صفوفها.
هذه المظالم توحد كل من خرجوا إلى الشارع من الشباب والعمال والفقراء والمتعلمين والكادحين وزعماء القبائل وكذلك عمال البلدية في المدن.
في المقابل يعترف بعض أعضاء البرلمان بأنهم يشاركون في صراع مختلف: تقسيم الغنائم في الحكومة المقبلة.
وقالوا إن المناقشات حول اختيار رئيس وزراء جديد لم تركز على تطلعات الشعب العراقي ورغباته بقدر ما ركزت على السلطة السياسية والمال.
وقال هيثم الجبوري، رئيس لجنة المالية بالبرلمان: "هناك الكثير من الانقسام حول شخصية رئيس الوزراء القادمة، وهذه مشكلة لأن الأحزاب السياسية تعيد تقسيم الوزارات فيما بينها".
تشعر إيران بقلق خاص لأن حاجتها إلى العراق تزداد من أجل "التنفس" اقتصاديا - سواء بالنسبة لأسواقها أو لأغراض عسكرية، ولحماية مصالحها في سوريا ولبنان، بحسب الصحيفة.
وفي الوقت الذي تراجعت فيه وتيرة عمليات القتل في العراق، أصبحت الهجمات أكثر وحشية وازدادت عمليات الاختطاف والاعتقال والاختفاء لقادة الاحتجاجات والأطباء الذين يعالجون المحتجين الجرحى والصحفيين.
منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الدولية ولجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة الحكومة طالبتا الولايات المتحدة وأوروبا ببذل المزيد من الجهد لتوجيه اللوم إلى الحكومة العراقية.
وقال هيثم الماحي، أحد قادة الاحتجاج من كربلاء، إن ازدياد أعداد القتلى والمصابين يزيد من صمودهم.
وأضاف: "لقد خسر المتظاهرون المئات من أصدقائهم وإخوانهم وأفراد أسرهم. وصار الأمر بالنسبة لهم إما أن تقاتل من أجل النصر أو تموت".
وزعم شراسة الاحتجاجات فلا تزال إمكانية تحقيق تغيير سياسي أمرا بعيد المنال.
وقال رايان كروكر السفير الأمريكي السابق، عن المحتجين: "ما لم يظهر قائد أو كوكبة من القادة، فلن يحدث شيء، وستكون الإطاحة بالحكومة أمرا مستبعدا للغاية".
ونقلت الصحيفة عن كروكر: "استقال رئيس الوزراء، ومن المتوقع ألا يتم تسمية أي شخص آخر في القريب العاجل. وهذا يعني استمرار الحكومة لأنه لا يوجد شيء يمكن الإطاحة به، لذلك لن تتغير الأوضاع عما هي عليه".
aXA6IDMuMTQ1LjE3Ny4xNzMg
جزيرة ام اند امز