تعرف على أسطورة عودة "إيزيس" بشجرة الـ"كريسماس"
ثمة ارتباط تاريخي بين تلك أشجار الكريسمِس، وبين احتفال قديم لدى المصريين القدماء في منتصف شهر "كيهك" ديسمبر/كانون الأول من كل عام.
البهجة المحلقة فوق أشجار الكريسمِس في العالم، تتألق في أوجها هذه الأيام مع اقتراب نهاية العام، وللعجب فإن ثمة ارتباط تاريخي بين تلك الأشجار المضيئة وبين احتفال قديم لدى المصريين القدماء في منتصف شهر "كيهك" ديسمبر/كانون الأول من كل عام، وهو ما يطلقون عليه عيد قيامة "أوزير"، الذي عُرف وقتها برب الخير ورمز الخصب وفقا لأسطورة "إيزيس و أوزيريس".
أسطورة شجرة
الباحث في علوم المصريات، سامي حرك، يروي لـ"العين" فصول أسطورة تلك الشجرة المرتبطة بسيرة إيزيس وأوزوريس فيقول: "كان أوزيريس ملك مصر متزوجا من "ايزيس" وانجب "حورس"، بينما كانت أخته "نفتيس" التي تزوجت من "ست" رب الظلمة والشراسة عقيمة لاتنجب، لذا غار "ست" من أخيها "أوزير"، وأراد اغتياله فدبر له حيلة لقتله، وأعد حفلة ودعا فيها جميع أصدقائه وأعوانه، ودعا أخيه "أوزير" لحضور الحفل، وقام بتجهيز تابوت على مقاسه، أعلن "ست" أن التابوت هدية لمن يكون على مقاسه، وعندما جرب الحاضرين التابوت لم يكن على مقاس أحدا منهم، حتى قام" أوزير" بالدخول في التابوت قام "ست" بغلق الغطاء، وألقى به فى نهر النيل".
يقول حرك إنه "حسب الأسطورة قامت إيزيس برحلتها للبحث عن جثة وتابوت زوجها، وقد تتبعت النهر إلى البحر المتوسط حتى شواطئ لبنان "بيبلوس"، فوجدت جثة زوجها قد احتوتها شجرة "الطرفاء" الكبيرة بأوراقها الضخمة، وأعجبتها تلك الشجرة فأمرت بقطعها واحضارها لتزيين القصر، وعادت بجثة زوجها إلى مصر داخل الشجرة، فعاد معها الخير ونبتت المزروعات التي كانت جافة وأزهرت الورود الذابلة".
شجرة خضراء
يقول عالم المصريات جيمس هنري بريستد في كتابه "فجر الضمير" عن عودة إيزيس بالشجرة "عاد هذا الرب إلى الحياة التي تنبعث ثانية بعد الموت شجرة خضراء، ونشأ عن ذلك الحادث عيد جميل يقام كل سنه تذكرة بتلك المناسبة وذلك برفع شجرة مقتلعة وغرسها في الأرض في محفل عظيم".
أما ويليام نظير فيقول في كتابه "العادات المصرية بين الأمس و اليوم" :"آمن المصريون أن أوزير هو القوة التي تمدهم بالحياة، وتعطيهم القوت في هذه الدنيا، وأنه هو الأرض السوداء التي تخرج الحياة المخضرة، فرسموه وقد خرجت سنابل الحبوب تنبت من جسده، كما رمزوا للحياة المتجددة بشجرة خضراء، و كانوا يقيمون فى كل عام حفلاً كبيراً ينصبون فيه شجرة يزرعونها ويزينونها بالحلي كما يفعل الناس اليوم بشجرة الميلاد".
وفى تصريحات خاصة لـ"بوابة العين الإخبارية" يقول باحث المصريات عصام ستاتي :"في كل عام كان يحتفل المصريون في عاصمة مصر القديمة "أبيدوس" مقام دفن رأس أول الشهداء بعيد شجرة أوزيريس، أمام معبده فى العرابة المدفونة قبلة الحج المصرى القديم لكي يقوم أوزيريس من بين الأموات فيشفع لهم، فيأتون بأكثر الأشجار إخضرارا لنصبها وزرعها في وسط الميدان، الذي يكتظ بالرجال والنساء والأطفال والشباب الفقراء والضعفاء، انتظاراً للهدايا والعطايا، حيث يتلقى الكتبة طلباتهم وأمنياتهم، ويسجلونها على الشقافات والبرديات، ويضعونها تحت قدمي "أوزير" الشجرة، فيحققها لهم كهنة المعبد قدر الإمكان" .
ويضيف ستاتي "كان يحرص كل حاج على إحضار شتلة أو فرع صالح للزراعة، وفروع أشجار الصفصاف مثلاً يزرعونها حول المقام هدية لروح أوزيريس، ورحمة على أرواح أمواتهم، آملين أن يتمتعوا بالحياة في قرب أوزيريس الشهيد الأول الذي لازال تحتفل به الجماعة الشعبية وهي تطلق اسم عيد الشهيد فهو تخليداً للشهيد الأول".
عيد الميلاد
وعن انتقال الاحتفال بالشجرة من مصر القديمة إلى العالم يقول ويليام نظير "سرت عادة الاحتفال بالشجرة فى العالم من الشرق إلى الغرب، فأخذوا يحتفلون بالشجرة فى عيد الميلاد، ويختارونها من بين الأشجار التى تحتفظ بخضرتها طوال السنة مثل السرو و "الصنوبر".
ويضيف ستاتي "شجرة أوزيريس التي أحضرتها إيزيس، هي أصل شجرة الحياة في الثقافة البابلية، وهي أصل شجرة الميلاد في الثقاف الأوربية، وهو ما يتم في احتفال عيد الميلاد فى الكنيسة بإحضار هدايا للأطفال من شجرة الميلاد ".