تشرشل "المتهور".. سياسي غير موازين صناعة النفط
منذ أكثر من 150 عاما، ومع اكتشاف البشرية للنفط، مرت الصناعة بالعديد من المراحل الفارقة والمهمة، والتي تستحق الوقوف أمامها.
خلال هذه الفترات ظهرت العديد من الشخصيات التي أثرت بشكل كبير وتركت بصماتها في تطور صناعة النفط، ليصبح المورد الأهم والأكثر تأثيرا في التاريخ.
دفع النفط عجلة التصنيع وبناء الدول وانتشل ملايين البشر من براثن الفقر، ولم يترك مجالا ولا أرضا إلى كانت بصماته واضحة فيه.
مع بداية صناعة النفط الحديثة في خمسينيات القرن الـ19، سعى الكثيرون نحو ترك بصماتهم على الصناعة.
من بين هؤلاء يبزز اسم ونستون تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا في الفترة من 1940 وحتى 1945، وأيضا في الفترة من 1951 وحتى 1955.
صحيح أن الرجل ليس من قادة صناعة النفط، وأنه رجل سياسي بالدرجة الأولى، إلا أنه يحسب له أنه ترك بصمة واضحة غيرت مجرى صناعة النفط.
في عام 1911، بصفته اللورد الأول للأميرالية (الرئيس السياسي للبحرية الملكية البريطانية)، اتخذ تشرشل قرارا غير صناعة النفط إلى الأبد.
مع تصاعد التوترات بين ألمانيا وبريطانيا قبل الحرب العالمية الأولى، اتخذ تشرشل القرار المصيري بتحويل الأسطول البريطاني من طاقة الفحم إلى طاقة نفطية، وفقا لـ"Oil price".
في حين أن مثل هذا القرار قد يبدو اليوم واضحا، إلا أنه في ذلك الوقت كان يعتبر متهورا ويحمل الكثير من المخاوف وعلامات الاستفهام.
لم يكن التحويل مكلفا وتجريبيا فحسب، ولكنه ترك البحرية البريطانية معرضة للخطر حيث سيتعين عليها الآن الاعتماد على النفط من بلاد أخرى بدلا من الفحم المنتج في الوطن.
في عام 1914، من أجل تأمين إمدادات نفطية موثوقة للبحرية، أقنع تشرشل الحكومة البريطانية بشراء 51% من شركة النفط الأنجلو-فارسية (التي أصبحت فيما بعد شركة بريتيش بتروليوم).
عندما اندلعت الحرب العالمية الأولى في يوليو/تموز 1914، تم تبرير قرار تشرشل، كانت البحرية البريطانية الجديدة أسرع وأكثر كفاءة من نظيراتها.
بعد هذه الخطوة، أيقن الجميع أن النفط سيكون بالفعل وقود المستقبل، وتأمينه هو مسألة تتعلق بالأمن القومي.
بفضل تشرشل، أصبحت صناعة النفط الدولية الآن متداخلة إلى الأبد مع السياسة الخارجية، حيث تستمر المعركة من أجل السيطرة على طرق الإنتاج والتجارة لهذا المورد الحيوي حتى يومنا هذا.