«الكتاب الأزرق».. هكذا استعدت الاستخبارات الأمريكية للغزو الفضائي
![صورة لما يعتقد أنه جسم مجهول طائر (أرشيفية)](https://cdn.al-ain.com/lg/images/2025/2/09/162-165856-cia-secretly-debunked-mass-ufo_700x400.jpg)
لطالما شكّلت الأجسام الطائرة المجهولة مصدرًا للجدل والتساؤلات في الأوساط العلمية والاستخباراتية.
وكشفت وثائق أُعيد نشرها مؤخرًا أن تزايد المشاهدات غير المبررة، خاصة خلال خمسينيات القرن الماضي، دفع وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية إلى الاستعداد لاحتمال وقوع غزو فضائي، في ظل قلق متزايد من أن تكون هذه الأجسام متقدمة تقنيًا بشكل يفوق قدرات الطيران العسكري الأمريكي.
مشروع «الكتاب الأزرق»
وتبرز هذه الوثائق الدور الذي لعبته الاستخبارات الأمريكية في احتواء القلق العام عبر مشروع «الكتاب الأزرق» (Project Blue Book)، الذي كان يهدف ظاهريًا إلى التحقيق في هذه المشاهدات، لكنه في الواقع عمل على التقليل من شأن الظاهرة، وتقديم تفسيرات بديلة للجمهور.
وذكرت الوثيقة، تحت عنوان «الموقف الرسمي للولايات المتحدة تجاه الأجسام الطائرة المجهولة»، أن عدد المشاهدات غير المبررة خلال صيف عام 1952 كان أكثر من 20 ضعف المعدل الطبيعي. وقد اعتقد بعض أفراد سلاح الجو الأمريكي أن هذه الأجسام قد تكون «مركبات فضائية قادمة من كواكب أخرى تسعى لإقامة اتصال وثيق»، مما دفع وكالة الاستخبارات المركزية إلى إقناع الجيش باستخدام «مشروع الكتاب الأزرق» لإدارة الوضع.
تم إطلاق مشروع «الكتاب الأزرق»، الذي استمر حتى عام 1969، للتحقيق في التقارير المتعلقة بالظواهر الجوية غير المألوفة، وتحديد ما إذا كانت تشكل تهديدًا للأمن القومي. ووفقًا للوثيقة، فقد تم نشر 41 تقريرًا سريًا بين أغسطس/آب 1952 وفبراير/شباط 1953، كجزء من جهود إعداد الرأي العام لاحتمالية حدوث اتصال مع كائنات فضائية.
برغم ذلك، عملت وكالة الاستخبارات المركزية لاحقًا على إخفاء التحقيق عن أعين الجمهور، واستخدمت مشروع «الكتاب الأزرق» كوسيلة لـ«دحض» فكرة الأجسام الطائرة المجهولة.
وبدلاً من الكشف عن النتائج الحقيقية، عزت الوكالة معظم المشاهدات إلى ظواهر طبيعية أسيء تفسيرها، مثل المناطيد الجوية، وأضواء الطائرات، أو الظروف الجوية. كما استعانت بوسائل الإعلام، بما في ذلك البرامج التلفزيونية والصحف، لنشر هذه الرواية.
ووفقًا للوثيقة، فإن هذه الخطة لم تكن تهدف فقط إلى تهدئة المخاوف العامة، ولكن أيضًا إلى منع السوفيات من استغلال موجة المشاهدات الجماعية، سواء لأغراض الحرب النفسية أو لأهداف عسكرية فعلية.
وأوضحت الصفحة الأولى من الوثيقة أن التحليلات المبكرة لتقارير الأجسام الطائرة المجهولة، التي أجرتها استخبارات القوات الجوية الأمريكية، أظهرت أن بعض الظواهر كانت حقيقية، وأن خصائص طيرانها كانت متقدمة للغاية مقارنة بالمقاتلات الأمريكية، مما عزّز احتمال أن تكون ذات أصل خارج كوكب الأرض.
اجتماع سري وآلاف التقارير
وفي يناير/كانون الثاني 1953، اجتمعت لجنة علمية برئاسة هوارد روبرتسون لمناقشة «الإجراءات المستقبلية للتعامل مع مشكلة الأجسام الطائرة المجهولة». وخلال الاجتماع، عُرض فيلمان سريان لمشاهدات الأجسام الطائرة، إلى جانب نتائج أولية لتحليل 3,200 تقرير تمّت مشاركتها مع الجمهور.
وفي 16 فبراير/شباط 1953، أعلنت وكالة الاستخبارات المركزية ظاهريًا التخلي عن التحقيق، مما سمح لها بمواصلة دراسة الحالات في السرية التامة. وبعد سبعة أشهر، قامت بتقليص فريق «مشروع الكتاب الأزرق» ليضم فقط 10 أفراد مؤهلين على مستوى سري للغاية، ثم خفّضت العدد لاحقًا إلى مجرد ضابط واحد.
وللحد من التسريبات، هددت وكالة الاستخبارات المركزية أي شخص يحاول كشف تفاصيل المشروع بالسجن لمدة تصل إلى 10 سنوات، وغرامة قدرها 10,000 دولار.
ومع ذلك، عندما تقاعد بعض العاملين أو استقالوا، تمكنوا من الكشف عن مواقف القوات الجوية تجاه الأجسام الطائرة، حتى لو بقيت البيانات الفعلية سرية.