العراقي عباس فاضل: كورونا في فيلمي الجديد.. و"الوثائقية" مظلومة
عباس فاضل يكشف عن تفاصيل تجربته في "حق الخبزات"، وأسباب تقديمه أفلاما وثائقية رغم نجاحه في الأفلام الروائية الطويلة
يظل المخرج العراقي عباس فاضل صاحب تجربة شديدة الخصوصية في السينما العربية، فهو ينسج من الأماكن حكايات جذابة، فالمكان دائما هو البطل في أفلامه، سواء كانت تنتمي لعالم الأفلام الروائية الطويلة أو الوثائقية.
وفي أحدث أفلامه "حق الخبزات" يعبر عن معاناة اللاجئين السوريين في أحد المخيمات بمنطقة سهل البقاع.
وفي حواره مع "العين الإخبارية" يكشف عباس فاضل عن تفاصيل تجربته في "حق الخبزات"، وأسباب تقديمه أفلاما وثائقية رغم نجاحه في الأفلام الروائية الطويلة، ومشروعاته السينمائية المقبلة، ورؤيته لتأثير أزمة كورونا على السينما.
متى بدأت فكرة تقديم فيلمك الوثائقي "حق الخبزات"؟
بعد أن قدمت فيلم "يارا" الذي صورته في شمال لبنان، فكرت في تقديم فيلم روائي آخر في منطقة وادي البقاع، فعادة أفلامي تولد من لقائي بمكان معين.
ففيلم "يارا" ولد من لقائي بوادي قاديشا شمال لبنان، وبعد اكتشافي لسهل البقاع أردت أن أصور هناك، خصوصا أنه كانت لدي فكرة فيلم روائي.
وأثناء بحثي عن محطة بنزين لتصوير بعض المشاهد مررت بمخيم للاجئين، وفكرت كيف يعيش اللاجئون في خيام لا تحميهم من البرد أو المطر.
وقررت أن أسأل اللاجئين هذا السؤال لمجرد فضول إنساني، وهم في البداية كانوا يشعرون بدهشة لأنهم لم يعتادوا أن يتوقف عندهم شخص غريب ويسألهم.
وشرحت لهم أنني مخرج سينمائي وقضيتهم الإنسانية تهمني، ومما حكوه لي ومما شاهدته قررت أن أقدم فيلما وثائقيا عنهم، وحصلت على موافقتهم.
وقررت تأجيل الفيلم الروائي، ولكن في كل مخيم بلبنان هناك ما يسمى "الشاويش"، وهو الشخص المسؤول عن المخيم أمام السلطات اللبنانية، وهذا "الشاويش" أبلغني أنه ليس لي الحق في التصوير إلا بموافقة الجيش اللبناني، وذهبت لوزارة الدفاع وقدمت طلبا للتصوير، وبعد شهر تقريبا حصلت على الموافقة، ولكن خلال الشهر كنت أذهب للمخيم بصحبة نور بلوق شريكتي في أفلامي الأخيرة ومديرة الإنتاج، وأصبحنا نعرفهم كلهم كبارا وصغارا، وأصبحنا جزءا منهم، واعتادوا علينا، وأحبونا وأحببناهم، وساعدناهم بمعرفتنا الخاصة.
الشخصيات التي ظهرت في الفيلم كانت تلقائية جدا.. فهل حاولت توجيههم قبل التصوير؟
كانوا تلقائيين لأنهم لم يتعاملوا إلا مع شخصين فقط أثناء التصوير، أنا والمنتجة نور بلوق فقط، وكنت أصور بالكاميرا وهي تسجل الصوت، وكنا قبل التصوير نزورهم يوميا لمدة شهر، فاعتادوا علينا ونسوا الكاميرا، ونسوا أننا سينمائيون محترفون، وتعاملوا معنا كأصدقاء، وتوجيهي الوحيد كان أن يظهروا بشكل طبيعي ويحكوا ما يخطر ببالهم دون أي توتر، كان هذا سهلا، فهم كانوا عفويين جدا، وكانت لديهم هموم يحكونها ولم يفرق معهم وجود الكاميرا، ربما هذا عكس أهل المدينة الذين يهتمون بمظهرهم، وما هو هدف التصوير وأين سيعرض، فلم تكن لديهم مثل هذه الأسئلة.
ما سر حرصك على تقديم فيلم وثائقي رغم نجاحك كمخرج للأفلام الروائية الطويلة؟
أنا لا أعتبر نفسي مخرجا روائيا أو وثائقيا، أنا مخرج فقط، ولا أفرق بين الوثائقي والروائي، لكن أفرق بين السينما واللا سينما، فهناك أفلام وثائقية فيها لغة سينمائية بديعة، وهناك أيضا أفلام روائية لا أعتبرها سينما، فهي أشبه بالمسرح المصور أو الفيلم التلفزيوني، والموضوع هو الذي يحكم شكل الفيلم الذي أقدمه، وبالنسبة للاجئين فصيغة الوثائقي هي التي فرضت نفسها، لأنني رأيت الواقع أمام عيني، ويكفي فقط أن أشغل الكاميرا والصوت وأسجل ما أراه وأنقله للمشاهد، ففي البداية كنت أفكر في تقديم فيلم روائي في سهل البقاع قبل أن ألتقي بأهل المخيم وأتعرف عليهم.
هل تعاني الأفلام الوثائقية نوعا من الظلم في العالم العربي؟
بالتأكيد تعاني ظلما كبيرا، ففي بلدان كثيرة في أوروبا وأمريكا اللاتينية يتم عرض الأفلام الوثائقية في صالات السينما، بينما في العالم العربي لا توجد صالة سينما تعرض فيلما وثائقيا، فهي إذا عرضت تعرض في قنوات التلفزيون وتتعرض للقطع، وحتى الأعمال الوثائقية التي تعرض في التلفزيونات العربية ليست أفلام المؤلف، بل هي تحقيق تلفزيوني لا أستطيع تسميتها أفلاما، فهناك فرق بين الفيلم الوثائقي والتحقيق التلفزيوني، لكن الأفلام الوثائقية التي نراها في المهرجانات العالمية تقريبا لا نراها في القنوات العربية، ولا بد أن يحدث تثقيف للجمهور من جانب نقاد السينما، فهم لا بد أن يثيروا انتباه القراء للأفلام الوثائقية والكشف عن أهميتها، خصوصا أن الفيلم الوثائقي يمكن أن يحقق أشياء لا يستطيع الفيلم الروائي أن يصل إليها، فالحقيقة أكثر ثراء من الخيال، وعالمنا العربي غني بالقصص الجديرة بالاهتمام.
هل لديك مشروعات سينمائية جديدة؟
أنا حاليا بصدد تصوير فيلم وثائقي في جنوب لبنان، فبعد أن صورت فيلم "يارا" في شمال لبنان، وصورت "حق الخبزات" في وسط لبنان، بدأت قبل شهرين تصوير فيلم في قرية بالجنوب اللبناني، وموضوع أزمة كورونا لم يكن موجودا في الفيلم، لكن بعد أن حدثت الأزمة أصبحت ضمن التيمات الرئيسية الموجودة بالفيلم، ولن أستطيع الكشف عن تفاصيل الفيلم في الوقت الحالي.
وكيف ترى تأثير فيروس كورونا على السينما في مختلف أنحاء العالم؟
لا شك أنه تأثير سلبي جدا، فصالات السينما مغلقة وكثير من الإنتاجات السينمائية توقف، وبالنسبة لي لم أتوقف لأني المنتج والمصور والمخرج في نفس الوقت، لكني تضررت من هذه الأزمة لأن فيلمي "يارا" و"حق الخبزات" كان سيتم عرضهما في مهرجانات عديدة خلال الأشهر المقبلة، لكن تم إلغاء هذه المهرجانات، ونحن كمخرجين مستقلين يهمنا حضور المهرجانات للتعريف بأفلامنا، ولكي يراها الجمهور، كما أن المهرجانات فرصة لكي يكتشف الموزعون أفلامنا، وبدون مهرجانات أفلامنا ليس لها وجود.
هل يمكن أن يكون فيروس كورونا ملهما لصناع السينما؟
كل أزمة كبيرة لا بد أن تؤثر في المبدعين وتمنحهم أفكارا، فكل مخرجي العالم محبوسون في منازلهم، وربما هناك جزء منهم مثلي يصنعون أفلاما حاليا، وبالتأكيد هذه الأفلام ستتأثر بأزمة كورونا والعزلة في البيت، والمشاكل الاقتصادية والصحية والنفسية، لذلك هي بالتأكيد ستسهم في خروج أفكار جديدة إلى النور.
aXA6IDE4LjIxNi45OS4xOCA= جزيرة ام اند امز