بالصور.. قلعة "قايتباي" حارسة عروس البحر المتوسط
قلعة قايتباي تقف شامخة في الميناء الشرقي للإسكندرية شاهدة على تاريخ المدينة منذ 540 عاما من الزمان.
تقف شامخة في الميناء الشرقي للإسكندرية، عروس البحر المتوسط، شاهدة على تاريخ المدينة منذ 540 عاما من الزمان، من حروب وانتصارات وحضارة، وحتى يومنا هذا، قلعة قايتباي إحدى أشهر معالم عروس البحر المتوسط.
القلعة بناها السلطان المملوكي الملك الأشرف أبو النصر سيف الدين قايتباي الظاهري على أنقاض فنار الإسكندرية القديم، "فاروس" الذي كان أحد عجائب الدنيا السبع، وانهار عام 700م، وعندما زار السلطان المملوكي مدينة الإسكندرية، عام 1477 متوجهاً إلى شبه جزيرة فاروس التي أثقلتها أنقاض الفنار المتهدم، أمر بتشييد القلعة عند الطرف الشرقي للجزيرة على مدخل الميناء الشرقي للإسكندرية، كما أمر ببناء برج شامخ، وقد فرغ من البناء بعد سنتين من البدء فيه، وقيل إن تكاليف بناء هذا البرج زادت على مائة ألف دينار.
وشيدت القلعة على مساحة 1755 مترا مربعا، أي ما يقارب 4 أفدنة، وبنيت على هذه المساحة الأسوار الخارجية للقلعة، وبداخلها البرج الرئيسي المربع الشكل ويتكوّن من 3 طوابق يختلف كل طابق عن الآخر من حيث التخطيط والارتفاع. ويقع البرج الرئيسي للقلعة في الجهة الشمالية الشرقية منها داخل الأسوار الخارجية، ويصل ارتفاع هذا البرج إلى أكثر من 17 متراً، وهو مربع الشكل طول ضلعه 30م، وروعي في تصميمه اتجاه أضلاعه إلى الجهات الأربع الأصلية، حيث شيدت 4 أبراج مستديرة ترتفع عن سطح البرج الكبير نفسه ويبلغ قطر كل برج من هذه الأبراج الأربعة 6 أمتار.
ويتوسط الضلع الجنوبي من البرج الرئيسي المدخل وينتهي من أعلى بعقد مدبّب ويرتفع المدخل إلى نهاية الطابق الأول.
ويضم الطابق الأرضي الأول للبرج المسجد الجامع، وهو يحتل نصف مساحة الطابق، وهو أقدم مساجد المدينة ويستدعي في الذهن أعمال قايتباي المعمارية بالقاهرة. ولقد خطط على نظام الصحن والأواوين إذ يتوسطه صحن تتعامد عليه 4 أواوين صغيرة، وكسيت أرضية الصحن بالرخام الملون الدقيق الصنع في تكوينات هندسية جميلة، حيث يتوسطها طبق نجمي كبير.
كما يشتمل هذا الطابق على ردهة بشكل ممر طويل يجري موازياً للجدار الشرقي الخارجي، ومثل هذا الممر نجده في الجانب الغربي، وبالإضافة إلى ذلك توجد حجرات في الجانب الجنوبي ويشغل إحدى الحجرات قبر، دفينه مجهول.
ويمكن الوصول إلى الطابق الثاني عن طريق سلم من الحجر مرتفع الدرجات ويشمل هذا الطابق ممرات جانبية بامتداد الأضلاع الأربعة ويتفرع من هذه الممرات فتحات سهام (مزاغل) بجدران هذا الطابق. وفي وسط الطابق توجد حجرات صغيرة تدور حول محور واحد هو المنور الأوسط الذي يعلو صحن الجامع. وعن طريق سلم حجري يمكن الوصول إلى الطابق الثالث ويشتمل هذا الطابق على حجرات صغيرة دفاعية فتحت في جدرانها الخارجية فتحات للسهام.
وعلى مر الزمان ظلت قلعة قابتاي موضعا لرعاية واهتمام حكام مصر، فعندما استولى الأتراك العثمانيون على مصر اهتموا بها، التي كان يحرسها طوائف من الجند المشاه والفرسان والمدفعية، ويقيم فيها جماعة من الطبالين ونافخي الأبواق والمعماريين والنجارين.
ولما جاءت الحملة الفرنسية على مصر بقيت القلعة محتفظة بشكلها وعمارتها الأولى وكانت موضع رعايتهم.
كذلك حظيت القلعة بعناية أسرة محمد علي واهتمامها، وكان محمد علي قد عني بمبانيها وأعادها إلى حالتها الأولى وأصلح أسوارها الخارجية ورمّمها، وجهزها بالأسلحة الحديثة وخاصة المدافع الساحلية.
ولقلعة قايتباي موقع فريد؛ إذ يمكن أيضاً رؤيتها من آخر شواطئ الإسكندرية، كما تطالع الناظر أثناء تجواله على الكورنيش الساحر.
وتضم الأسوار الداخلية للقلعة 34 حجرة، وكانت في الماضي تستخدم لإقامة الجند وتخزين المؤن، وهي خالية من النوافذ والفتحات باستثناء فتحة الحجرة، ويقابل هذه الفتحة فتحة صغيرة على شكل مزغل للتهوية في بعض الحجرات.
أما المدخل الكبير للقلعة، الذي هو المدخل الأصلي، فيقع في الركن الجنوبي الغربي للسور الخارجي. وهو عبارة عن فتحة مستطيلة يكتنفها برج مستدير من الجانبين يبرزان إلى الخارج. وخلال عقد التسعينيات من القرن الـ20 عثر على صهريج مغيب في تخوم الأرض يقع غرب البرج الكبير، على مقربة منه، موازٍ للضلع الغربي للبرج الرئيسي. وهو مشيد بالطوب الأحمر ويصل عمقه إلى 10-13 مترا، تغطيه 10 قباب ضحلة محمولة على عقود حجرية تتكئ على أعمدة ويصل عمقه لنحو 4.5 متر. وقد استخدمت مونة صلبة لتغطية جدران هذا الصهريج من الداخل، وكان هذا الصهريج يستخدم في إمداد القلعة بالمياه الصالحة للشرب عن طريق تخزين مياه الأمطار أو نقل المياه بواسطة الجمال.
وتتميز المنطقة المحيطة بالقلعة الآن بوجود ممشى على البحر وعدة مطاعم ومقاهي تتيح لزوار مدينة الثغر الجلوس في رحاب هذا المكان التاريخي والتمتع بمشهد فريد للبحر، كما توجد بجوار القلعة عدة مراسٍ يمكن من خلالها القيام بجولة بحرية منعشة.