صراع أجنحة نظام أردوغان يضرب جهاز القضاء التركي
وصل هذا الصراع للجهاز القضائي الذي شهد مؤخراً أزمة جديدة أدت إلى استقالة يونس نادي قولو قيصه
يتواصل صراع الأجنحة داخل حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا منذ فترة لا سيما بعد الانشقاقات والاضطرابات الأخيرة التي ضربت الحزب وأفقدته توازنه.
وبحسب ما ذكرته العديد من الصحف ووسائل الإعلام التركية، وصل هذا الصراع للجهاز القضائي الذي شهد مؤخراً أزمة جديدة أدت إلى استقالة يونس نادي قولو قيصه، رئيس لجنة التفتيش القضائي بمجلس القضاة والمدعين العامون، وفضولي آيدوغدو، أمين عام اللجنة، تحت ضغط من الحكومة.
ولفتت المصادر إلى أن رئيس اللجنة وأمنيها العام أجبرا على الاستقالة بعد تهديدات من وزارة العمل التركية بفصلهما من منصبيهما، إذ وصلتهما رسالة من وزير العدل عبدالحميد جول المقرب من أردوغان.
وقال الوزير في رسالته لهما: "لا نريد العمل معكما، تقدما باستقالتكما أو سنفصلكما عن العمل"، وعين بدلاً منهما اسمين آخرين مقربين منه.
ووفق ما ذكرته المصادر فإن السبب الرئيس وراء إجبار الشخصين على الاستقالة هو علاقتهما بمجموعة "قضاة إسطنبول" التي تدار من قبل "مجموعة البجع" المقربة من أردوغان داخل العدالة والتنمية، ومعروفون بمعارضتهم لقرارات وزير العدل وطلباته، فضلًا عن الوقوف أمام تعيينه للمقربين منه.
وفي وقت سابق سلط الكاتب التركي محرم قليج الضوء على صراع الأجنحة الذي يعيشه حزب العدالة والتنمية الحاكم، بزعامة أردوغان، وذلك في مقال له بصحيفة "يني جاغ" التركية المعارضة.
وقال الكاتب في مقاله "مساعي كل من علي باباجان وأحمد داود أوغلو كانت سبباً في ظهور مشكلة الأجنحة داخل العدالة والتنمية، ولقد بدأ صراع هذه الأجنحة يظهر للسطح بعد الانتخابات المحلية التي شهدتها البلاد يوم 31 مارس/آذار الماضي".
ولفت قليج إلى أن "هناك 3 أجنحة تتصارع داخل العدالة والتنمية، جناح بزعامة وزير الداخلية سليمان صويلو، وآخر بزعامة برأت ألبيرق وزير الخزانة والمالية صهر أردوغان وهي مجموعة البجع، والثالث بزعامة بلال أردوغان نجل رئيس الدولة".
وبيّن الكاتب أنه "مع احتمال تخلي الرئيس أردوغان عن الرئاسة العامة للحزب الحاكم، بدأت هذه الأجنحة تتحرك. وإن كانت لم تظهر مشكلة حتى الآن جرّاء هذا الصراع، إلا أن كل جناح يحاول تصفية الجناح الآخر بأي طريقة، وهذ أمر قد يأتي بانشقاقات وانقسامات جديدة داخل الحزب الذي يحكم البلاد منذ نحو 17 عاماً".
وتابع قائلاً: "هذه الصراعات وإن لم تكن ملحوظة في الوقت الراهن ستكشف نفسها بقوة خلال المؤتمرات العامة التي يعتزم الحزب عقدها خلال الفترات المقبلة، فالأجنة الثلاث يشغلها أمر واحد فقط، وهو من سيترأس الحزب بعد رحيل أردوغان".
وذكر الكاتب أن "جناح وزير الخزانة ألبيرق يواجه صعوبات داخل الحزب على خلفية الأوضاع الاقتصادية المتردية التي تشهدها البلاد في ظل تولي صهر أردوغان وزارة الخزانة والمالية، ما أدى إلى ردود فعل غاضبة داخل الحزب، مناهضة للوزير الصهر ألبيرق".
في ذات السياق أفاد بأن "نجاح وزير الداخلية سليمان صويلو في مكافحة الإرهاب ولعبه دوراً مؤثراً في انتخابات إسطنبول الأخيرة، أمر جعل جناحه داخل الحزب متقدماً إلى الأمام لخطوة".
وأشار إلى أن "الجناح الذي يترأسه بلال أردوغان يتحرك كأنه واثق من كل شيء، ويحمل شعار "القوة عندنا" وذلك بفضل الأب رجب طيب أردوغان".
واستطرد قائلاً "وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الرفض العام للوزير ألبيرق داخل الحزب انتشر بسرعة حتى وصل للقاعدة الانتخابية، وهذا أمر أزعج القائمين على إدارة الحزب الحاكم".
وشدد الكاتب على أن "الأجنحة الثلاث لعبت دوراً مؤثراً في تحديد المرشحين لرئاسة البلديات في الانتخابات المحلية الأخيرة، ولقد كانوا حريصين على اختيار مرشحين هبطوا على الحزب بمظلات، وترفضهم القاعدة الانتخابية، الأمر الذي أدى إلى خسارة العديد من البلديات في الولايات والأقضية".
في سياق متصل ذكر الكاتب أن "الرئيس أردوغان بعد الانتقال للنظام الرئاسي الحزبي "أي رئيس الجمهورية يكون رئيس الحزب الحاكم" فقد السيطرة بشكل أو بآخر، إذ كان هو المرجعية الوحيدة لإصدار القرارات الخاصة بالحزب والحكومة وكذلك الدولة، الأمر الذي أدى إلى انسداد النظام الرئاسي وبالتالي فشله".
وتابع "أردوغان في ظل هذا الضغط كان يخصص بالكاد أوقاته للشؤون الداخلية والخارجية في الدولة، وعجز عن تخصيص أي وقت للنظر فيما يجري داخل أروقة حزبه، الأمر الذي أدى إلى حدوث فراغ إداري نجم عنه ظهور أجنحة داخلية تتصارع على سد هذا الفراغ".
وذكر أن "هذه الأجنحة كانت تقوم أيضاً بالوساطة لتعيين أشخاص بعينهم داخل العديد من المؤسسات والإدارات العامة بالدولة، دون الالتفات إلى الكفاءة، كما أقصوا من خلالها الأفراد الذين قدموا خدمات حقيقية للحزب، وهذا أدى إلى حالة كبيرة من التذمر في قاعدة الحزب".
كما ذكر أنه "في ظل هذه التعيينات تفشت المحسوبية بشكل كبير، لدرجة أننا نجد أن هناك رؤساء جامعات قاموا بتعيين زوجاتهم وأبنائهم وأقاربهم إما مساعدين لهم أو رؤساء أقسام بعدد من الكليات، وهذا الأمر قوبل بغضب شديد داخل قاعدة الحزب، حيث تم اعتبار مثل هذه التصرفات نوعاً من الظلم".
ويشهد الحزب التركي الحاكم منذ فترة سلسلة استقالات كان أبرزها استقالة داود أوغلو في 13 سبتمبر/أيلول الماضي، ونائب رئيس الوزراء الأسبق علي باباجان، في يوليو/تموز الماضي، بعد فترة من انتشار مزاعم حول اعتزامهما تأسيس حزبين جديدين مناهضين للحزب الحاكم بزعامة أردوغان، رفيقهما السابق.
ومن المنتظر أن يعلن باباجان وداود أوغلو حزبيهما الجديدين بحلول نهاية العام الجاري.
وهذه الانشقاقات المتتالية تأتي اعتراضاً على سياسات أردوغان التي أدخلت البلاد في نفق مظلم.
وخسر الحزب الحاكم 60 ألفاً من أعضائه خلال الشهرين الماضيين، بحسب ما ذكرته العديد من وسائل الإعلام التركية مؤخراً.
هذه الانشقاقات والاضطرابات دفعت كثيراً من المراقبين والمعارضين إلى التكهن باحتمال إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة.
aXA6IDMuMTM3LjE3My45OCA= جزيرة ام اند امز