اشتباكات طرابلس.. رفقاء أمس أعداء اليوم
مليشيات في طرابلس تقاتل بعضها البعض لفرض السيطرة بعد أن كانت جميعها تنضوي تحت لواء واحد
تصاعدت حدة الاشتباكات المسلحة في العاصمة الليبية طرابلس منذ عدة أيام بعد صدام المليشيات المستوطنة داخلها حيث مازالت تسمع حتى الآن أصوات القصف بالسلاح الثقيل، فضلاً عن إغلاق شوارع وأحياء بالسواتر الترابية ما أدى إلى توقف الحياة داخل المدينة تقريبا.
ومنذ فترة قريبة لم يعرف ما هي أسباب الاشتباكات والأطراف المشاركة فيها حيث إنه من المفترض أن جميع المليشيات الموجودة في طرابلس هي قوات منضوية تحت مليشيا "فجر ليبيا"- المرتبطة بجماعة الإخوان- التي سيطرت على طرابلس عام 2014 بعد طرد قوات الزنتان التي كانت تحمي العاصمة منذ سقوط نظام معمر القذافي.
ووصف الأهالي الموجودين في العاصمة هذه الاشتباكات بأنها الأعنف منذ حرب 2014 التي أسفرت عن تدمير مطار طرابلس بالكامل وتوقف العمل به وتدمير خزانات النفط الموجودة هناك بفعل جرائم ارتكبتها مليشيا "فجر ليبيا".
إلا أن مصدر حكومي سابق يعيش داخل طرابلس روى لبوابة العين الإخبارية حقيقة الصراع الموجود داخل العاصمة وما يحدث داخلها.
وقال هذا المصدر الذي رفض الكشف عن هويته، إن كل المليشيات بالفعل الموجودة داخل طرابلس بما فيها التي تحمي المجلس الرئاسي الناتج عن اتفاق الصخيرات كانت تقاتل باسم ميليشيا "فجر ليبيا".
وأوضح المصدر أن ميلشيا "فجر ليبيا" عند تشكيلها من قبل جماعة الإخوان لدخول طرابلس والسيطرة على مدن الغرب، استطاعت بأموالها توحيد كل المليشيات التي ظهرت بعد نظام القذافي وقسمت عليهم أيضا ثروات العاصمة ومواردها.
بعض المليشيات كان نصيبهم السيطرة على مطار معتيقة العسكري وتسيير رحلات جوية تصبح مصدر دخل لهم والبعض الآخر كان له نصيب في السيطرة على خزانات النفط الموجودة في طرابلس والاحتفاظ بنسبة صغيرة من إيراداتها بالاتفاق مع البنك المركزي الليبي في طرابلس وتكون هذه الإيرادات بمثابة رواتب تخرجها الدولة في نظير تسهيلهم للعمل داخل هذه الخزانات.
وجزء آخر كان له نصيب في السيطرة على منافذ ليبيا الحدودية وهم من تسببوا في مشكلات كبيرة مع تونس الأمر الذي أدى لإغلاق منفذ رأس أجدير الحدودي.
هذه كانت خريطة تقسيم طرابلس بعد السيطرة عليها من قبل "فجر ليبيا" وكان على رأسهم جميعا حكومة الإنقاذ التي بدأت برئاسة عمر الحاسي وعقبه خليفة الغويل الذي يتصدر المشهد هو الآخر الآن بإعلانه عودة العمل لحكومته التي جاءت بعد حرب 2014، وعدم اعترافه بالمجلس الرئاسي.
إلا أن المصدر أكد أنه "بمجرد تولي فايز السراج المجلس الرئاسي ودخوله طرابلس، أيقنت بعض المليشيات المنضوية تحت فجر ليبيا بأن المجتمع الدولي أصبح في صفه وأن معاداته ستكون نهايتها الخسارة في ظل وجود هاجس بأن الناتو من الممكن أن يتدخل ويقصفهم".
فعقد زعماء بعض المليشيات اتفاقا مع السراج يقضي بإعلانهم الولاء له والعمل على حمايته وأن يصبحوا جزء من الجيش الليبي على أن تمنع ملاحقتهم من أية جرائم تنسب إليهم في الماضي "في إشارة منه لحرب 2014 التي دمروا فيها مطار طرابلس وخزانات نفط".
وأكد المصدر أنه "من هنا انقسمت قوات فجر ليبيا وتفتت إلى مليشيات تابعة للسراج وتؤيد اتفاق الصخيرات، ومليشيات أخرى تابعة لحكومة الإنقاذ وخليفة الغويل".
وبمجرد أن أعلن الغويل عودة العمل مرة أخرى نشب الصراع الدائر الآن بين مليشيات غنيوة والتاجوري المؤيدة للمجلس الرئاسي وباقي مليشيات فجر ليبيا المؤيدة لخليفة الغويل.
واستطاعت بالفعل المليشيات المؤيدة للسراج طرد مليشيات غويل ودحرها لأطراف طرابلس، ليستنجد الأخير بأهله في مصراتة ويطالبهم بإرسال دعم عسكري له الأمر الذي نفذ أمس.